العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

جار عليها الزمن فأصبحت مراسلة صحافية

أليساندرا بورغيزي نبيلة إيطالية

حاضرة الفاتيكان - فيكتور سميسون 

21 مارس 2003

شجرة عائلتها تضم البابا الذي وضع اللمسات الاخيرة للكاتدرائية القديس بطرس، وأحد الكرادلة الذي جمع احد اكبر مجموعات الفنون في أوروبا، واثنين من القديسين الشفيعين لمدينة روما.

إنها أليساندرا بورغيزي، إحدى أميرات روما - التي منحت البابوية لقب الإمارة لعائلتها قبل عدة قرون - وهي تقيم في قصر أميري في قلب العاصمة الإيطالية. ولكن الأيام التي كان النبلاء يحصلون فيها على امتيازات من الفاتيكان قد ولت منذ زمن بعيد.

لقد خسر هؤلاء النبلاء الكثير من مكانتهم عندما دخلت القوات الإيطالية روما في العام 1870 ووضعت حدا لامبراطورية البابوية الزمنية. ثم جاء البابا بولس السادس وألغى الأدوار التي كان يلعبها النبلاء في البلاط البابوي بمرسوم خاص في ستينات القرن الماضي.

وهكذا قررت أميرتنا المعاصرة أن تقلب الطاولات وأن تحتفظ بعلاقتها مع الفاتيكان كواحدة تنظر إلى الداخل من الخارج. فبعد أن ألفت كتابا عن حسن التصرف ونظمت سلسلة من المعارض وحفلات الموسيقى الدينية أصبحت اليساندرا بورغيزي مراسلة لمجلة «بانوراما» أكبر المجلات الأسبوعية الإيطالية، في الفاتيكان.

الصحافيون الإيطاليون الذين يغطون الفاتيكان يوجد بينهم عدد من الكهنة وآخرون درسوا الكهنوت من دون أن يصبحوا كهنة، وآخرون لهم علاقات سياسية قوية مع الأوساط الإيطالية. ولكن لا أحد من هؤلاء يستطيع أن يتباهى بوجود بابا في عائلته مثلما تستطيع اليساندرا، وهو البابا بولس الخامس الذي خدم من 1605 حتى 1621 والذي نقش اسمه على واجهة كاتدرائية القديس بطرس.

وتتذكر أليساندرا بورغيزي الصدمة التي ارتسمت علاماتها على وجه والدتها عندما ذهبت إلى الفاتيكان في الستينات وقيل لها: «أيتها الأميرة العزيزة لم نعد بحاجة إليك».

وقالت أليساندرا في جلسة لتناول القهوة على الشرفة العلوية في قصر بورغيزي: «كانت تلك أول مرة تذهب فيها والدتي إلى الفاتيكان وتبين أنها المرة الأخيرة».

وكان انتهاء الامتيازات ضربة موجعة للعائلة التي تربطها أواصر القربى أيضا مع الكاردينال شيبوني بورغيزي الذي جمع أكبر مجموعة فنية في القرن السابع عشر وبنى كاتدرائية سانت كاترين في سيينا.

أليساندرا بورغيزي (38 سنة) لفتت أنظار الإعلام الإيطالي عندما نشر كتابها «Noblesse Oblige» الذي ألفته مع الأميرة الألمانية غلوريا فون ثورن أنداتكسيس في العام 2000. والكتاب وزع النصائح عما ينبغي ارتداؤه وكيفية الاستعداد وتقديم النفس في المناسبات العامة - مع رفض الجوارب البيضاء رفضا تاما، والسمرة على مدار السنة والهواتف النقالة.

وقد وصف أحد النقاد الكتاب بأنه «دليل مفيد نحو حياة أفضل مع تهذيب أكثر وسوقية وسوء أخلاق أقل».

ونصيحة عملانية من انسانة لها صلات وثيقة مع المراجع العليا في الفاتيكان، وهي صوفي دي رافينل، مراسلة صحافية لو فيغارو الفرنسية: بالتأكيد اسمها له مفعوله. ولكنها غير متعالية بل إنها انسانة عملية تماما. ولعلها سعيدة بعودتها إلى جذورها.

وتقول اليساندرا إن عرض العمل من مجلة «بانوراما» كان مفاجأة بالنسبة إليها، وذلك عندما اتصل بها رئيس تحرير المجلة بالهاتف وطلب منها أن تجرب العمل مراسلة.

إن مجلة بانوراما، شأنها شأن مجلات أخرى في إيطاليا، هي خليط من الأخبار الجدية والدراسات الجنسية والتسلية وأخبار المجتمع الراقي، كلها مصحوبة بصورة ملونة براقة.

وتقول أليساندرا إن المجلة غير مهتمة بالفاتيكان بشكل خاص. ولكن منذ أن بدأت عملها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كتبت أليساندرا عددا من المقالات اقتصرت فيها على قضايا كنسية جدية مثل تقديس مؤسس جمعية Opus Die وزيارة البابا يوحنا بولس الثاني للبرلمان الإيطالي وآراء الفاتيكان عن الوسائل الإعلامية. وغالبا ما تأتي مقالاتها مبنية على إجراء مقابلات مع أحد كبار الكرادلة أو أحد كبار المسئولين الآخرين.

ويبدو أن أليساندرا يشدها الحنين إلى الأيام التي كان يرتدي الكهنة فيها أثوابا سوداء ويتكلمون اللغة اللاتينية. وهي نفسها ارتدت ثوبا أسود وكل اكسسواراتها كانت سوداء عندما حضرت أحد اللقاءات الأسبوعية التي يمنحها البابا لعامة الناس، مع أن كثيرات من الحضور ارتدين الجينزات والكنزات العادية.

ولا تخشى أليساندرا أن تتخذ موقفا عندما يحدث تقاطع بين المجتمع الراقي والفاتيكان. ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي أنهت العائلة المالكة الإيطالية نصف قرن في المنفى الذي فرض عليها لتأييدها الفاشية، وطار أفرادها إلى روما من منفاهم في سويسرا وتوجهوا مباشرة إلى الفاتيكان لتلقي بركة يوحنا بولس.

وقد انتقد الإيطاليون ذلك، ولكن أليساندرا كتبت أن العائلة أصابت فيما قامت به.

وأضافت: «بما أن هؤلاء لا دور رسميا لهم في إيطاليا، لم يكن هناك أحد في استقبالهم، وهم اجتمعوا بأعلى سلطة معنوية»

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً