العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

قصة الجاسوسة العرجاء التي مهّدت لغزو ألمانيا ببيع الحليب!

عرجاء ومتقدمة في العمر وبساق خشبية، و... جاسوسة أميركية في قلب ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية! تلك هي فيرجينا هال، إحدى الحكايات الأسطورية في عالم التجسس.

عندما بدأ نجم هتلر في السطوع في ألمانيا، منتصف الثلاثينات، أرسل «مكتب الاستخبارات الاستراتيجية» OSS، والذي تحول لاحقا إلى «وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية CIA»، أرسل هال إلى فرنسا، الجارة الأقرب إلى ألمانيا. ولعبت إجادتها اللغتين الفرنسية والألمانية، وتمكنها من استخدام تقنيات موجات الراديو في التخابر، وهي أرقى أساليب الجاسوسية في ذلك الزمن، دورا في هذا الاختيار.

وبعد دخول الجيش الألماني إلى فرنسا، اتضح أنهم على علم بالأنشطة السرية لهال. وبدا واضحا أن ضباط المخابرات النازية لم يقتنعوا أبدا بأن ما تفعله هال هو مجرد الصحافة، إذ انها دأبت على القول انها «مراسلة حرة» للصحف الأميركية! وطاردوها في العام 1941. وبساق خشب، مع إرادة فولاذية، تمكنت من عبور جبال البيرينية مشيا للوصول إلى اسبانيا. وغادرت إلى أميركا. واستخدمت إرادتها الحديد مرة أخرى للتدرب على مهمة لا تقل صعوبة عن عبور الجبال، وهي السير من دون عرج على ساقها الخشبية! وسبب تكلفها هذه المشقة هو أن المخابرات الألمانية نشرت ملصقات في طول أوروبا وعرضها تصفها فيها بـ «السيدة العرجاء». والمفارقة أنها اشتهرت لاحقا بهذا اللقب تحديدا. وفي العام 1943، عادت إلى ألمانيا مجددا. وحملت هوية تثبت أنها ألمانية، كانت تعمل في الولايات المتحدة، ورغبت في العودة إلى بلادها الأصلية بعد وفاة زوجها. عملت بائعة حليب عجوز.

وافتتحت محلا صغيرا على مسافة غير بعيدة من احدى الثكنات في باريس.

وأعادت الاتصال مع مجموعة المقاومة السرية الفرنسية. وبالتنسيق مع هذه المجموعات، استطاعت الحصول على معلومات عسكرية قيمة عن حقيقة الأوضاع في جيش هتلر، وخصوصا الخلاف بين رومل والفوهرر. والمعلوم أن «ثعلب الصحراء» عاد إلى بلاده بعد هزيمته في معركة العلمين، ليقود الجبهة الفرنسية. وأسند إليه هتلر مهمة الدفاع عن شواطئ النورماندي. ونسقت هال مع المقاومة الفرنسية لأعمال تخريب لشبكات الكهرباء في تلك المنطقة. واستطاعت وضع آلات راديو بثت موجات تشويش على نظام الاتصالات اللاسلكية للجيش الألماني في المنطقة عينها. ومهدت تلك الأعمال إضافة إلى المعلومات الحساسة عن وضع القوات الألمانية، لعملية انزال قوات الحلفاء على شواطئ النورماندي، والتي قادها الجنرال دوايت ايزنهاور.

وفي العام 1945، منحها رئيس OSS «صليب الخدمة المميزة». وهو ثاني أرفع نوط شجاعة في قوات الولايات المتحدة الأميركية. ولم تنل أية امرأة مدنية غيرها هذا الوسام الرفيع. كما منحتها بريطانيا لقب «مواطنة في الامبراطورية»

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً