العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ

شريط الفيديو غير المنقح مؤلم ومدمر

أرواح الغزاة ليست أكثر قداسة من أرواح أطفال العراق

كان الجنديان البريطانيان مستلقيين ميتين على طريق البصرة، وكان هناك طفل عراقي صغير - ضحية لغارة جوية انغلو - اميركية - احضر إلى المستشفى وقد خرجت الاحشاء من بطنه، كما كانت هناك سيدة جرحت جرحا بليغا تئن من الالم بينما يحاول الاطباء نزع عباءتها السوداء. في تلك الاثناء وقف جنرال عراقي تحيط به مئات من قواته وسط الساحة وأعلن ان ثاني مدينة عراقية (البصرة) مازالت باقية تحت سيطرة العراقيين.

كان بث شريط فيديو «الجزيرة» - الذي صوّر خلال الساعات الـ 36 الماضية وصل إلى بغداد للتو - مؤلما ومدمرا. ولكنه يثبت ان البصرة - التي ذكرت القوات الغازية انها احتلتها وأمّنتها - مازالت في الواقع تحت سيطرة قوات صدام. وعلى رغم المزاعم عن اندلاع انتفاضة شعبية في البصرة، كانت الحافلات والسيارات الاخرى تتحرك بأمان في شوارعها بينما اصطف العراقيون للحصول على اسطوانات الغاز من شاحنة حكومية عراقية.

ويظهر جزء مهم من شريط الفيديو النيران تشتعل غرب البصرة وانفجارات قنابل صادرة بالتأكيد من قوات بريطانية. وكان عرض شريط الفيديو للجنديين البريطانيين صدمة لطوني بلير تختلف قليلا عن انطباعه من أشرطة فيديو عدة عرضت في التلفزيون البريطاني وهي تظهر ضحايا عراقيين طوال فترة الاثني عشر عاما الماضية. وهي صور لم تثر اي اعتبارات من الشجب من رئيس الوزراء البريطاني. كان الجنديان في زيهما الرسمي ملقيين على قارعة الطريق، احدهما اصيب في رأسه أما الآخر فقد ضرب على صدره ومؤخرة جسده.

لقطة اخرى من الشريط تظهر مدنيين بعضهم مسلح وهم يضربون بأيادهم على سيارة جيب عسكرية بريطانية ويرقصون على ظهرها.

رجال آخرون واطفال يشاهدون وهم يضربون ناقلة لوزارة الدفاع البريطانية قلبت على ظهرها وهي محطمة تماما.

كذلك يمكن ملاحظة طائرة استطلاع من دون طيّار في شريط الفيديو - الذي احضر إلى بغداد عن طريق البر الواصل بين البصرة وبغداد - وقد ظهرت كتابة عليها تدل على هويتها. وكان الشيء الأكثر ايلاما من صور البريطانيين هو شريط فيديو لضحايا غارة انغلو - اميركية في اكبر مستشفيات البصرة إذ احضر الجرحى إلى غرف العمليات وهم يئنون ألما من جروحهم، ومن بينهم شيوخ وأطفال.

من ناحية اخرى يدل شريط الجزيرة على رغم فظاعته على ان البصرة مازالت تحت سيطرة القوات العراقية، اما وصوله إلى بغداد فيدل ايضا على ان الطريق إلى بغداد مازال مفتوحا وآمنا، ويدل الشريط ايضا على شجاعة مراسل الجزيرة في البصرة محمد عبدالله الذي غطى الحوادث تحت قصف الاسلحة البريطانية، وقام بمحاورة المواطنين والجرحى. ويظهر الشريط ايضا تعرض فندق شيراتون على شاطئ شط العرب لنيران القذائف جزئيا. هناك يوجد تمثال لشهداء يشير كل منهم بإصبعه ناحية ايران، بينما يشاهد سكان البصرة وهم يملأون اوانيهم بماء الشرب.

كما اعلنت السلطات العراقية ان نحو 4000 شخص جرحوا في البصرة بينما قتل نحو 350 آخرين من المدنيين. ولكن شريط محمد عبدالله يظهر كثيرا من الناس الذين احضروا إلى المستشفيات اخيرا. إلا ان الشريط لم يظهر الخسائر التي لحقت بالقوات الاميركية.

ان شريط «الجزيرة» يفضح التقارير التي يبثها المراسلون المنضوون تحت امرة القوات الغازية بأن البصرة تمت السيطرة عليها، كما يظهر الشريط أسرى أميركيين من الجنود السود. وهو يبرهن ان القادة الغربيين لا يقولون الحقيقة عن ارض المعركة.

وطبعا كان عرض الجنديين البريطانيين القتيلين مدمرا لمعنويات القوات الغازية ويبرهن على ان ارواحهم ليست مقدسة اكثر من ارواح الاطفال العراقيين الموتى.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً