اليوم تمر علينا ذكرى أربعينية الحسين (ع) ذكرى فاجعة كربلاء، هذه الفاجعة التي تحتضن بين حناياها أعظم مأساة في التاريخ، كان ضحيتها العترة الطاهرة من آل رسول الله (ص)، إذ غذوا صرعى مضرجين بدمائهم يفترشون ثرى كربلاء، وقد مزقت أجسادهم سيوف البغي، ورماح الطغيان، وتناثرت أشلاؤهم تحت حوافر الخيول.
وبقيت نساؤهم أسيرات حيارى نادبات... وبقيت أطفالهم يتامى والهات، تلاحقهن سياط مسعورة، كلما تندت من مقلة طفلة دمعة، أو تحركت آهة، هوت سياط البغي عليهم، فتتجمد الدمعة، وتخرس الآهة، وهكذا تشتد المحنة، ويتفاقم الخطب... وزينب (ع) الأسيرة المثكولة تواجه الموقف بصبر وثبات ترعى عليلا قد أرهقته الآلام... وتحتضن صبية وصبايا ذاهلات... وتهدئ نسوة باكيات نادبات... هكذا ارتسمت خيوط الفاجعة، التي تجذرت في ذاكرة التاريخ، وترسخت في وجدان الزمن... واحتضنتها القلوب العاشقة... وانصهرت معها الأرواح الظامئة، فكان الحزن الخالد، وكان البكاء المقدس، وكانت مجالس الذكرى المتجددة، وكان المنبر، وكان الموكب، وكانت الشعائر... وكانت مراسم عاشوراء.
عارف السلاطنة
العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ