العدد 2240 - الخميس 23 أكتوبر 2008م الموافق 22 شوال 1429هـ

بين الحرية والعبودية

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الحرية والعبودية، معنيان لا نستلذ بهما ولا نستشعرهما، إلا عندما نمر بمواقف تطرق باب ذواتنا وكينوناتنا، إذ إن الحرية مرفأ كل مظلوم وكل ذليل وكل مقهور، وما أن يبلغها لا يتنازل عنها، وإن كبدته عناء الحياة، ومرارة الرزق.

فمبتغى الحرية يعلم علم اليقين بأن أشواك خفافيش الظلام تحل في كل مكان، لتقمع الضوء المنتشر بأحشائه ولتجبره على أدائها القذر، مستخدمة أساليب قذرة تناسب جوّها المتردي في دركات الظلام.

وإننا كمجتمع متقدّم يطلب السبق داخل المنظمات المناشدة للحريات، والتي تخدم فئات المجتمع، مثل منظمة حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق الحيوان وحقوق الصحافي، يجب علينا أن نتعلم معنى الحرية داخل بيوتنا ونمارسها مع أهلنا، حتى يرشفها الأبناء وتصبح في مجرى الدم وبين العروق، بحيث ينشأ الفرد حرّا مطمئنا على نفسه وأهله.

فكما قال أخي الكبير قاسم حسين في عموده بالأمس عن المهاتما غاندي، وقصته الشهيرة لنيل الحرية التي تذوّقها، عندما أحسّ بالذل والإهانة وسوء المعاملة أثناء ركوبه الباص في مدينة ديربان.

فإننا نقول بأن غاندي لو لم يَذُق طعم الإهانة لما دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولما كُتبت فيه الكتب ولما اتُخذ منبرا للحرية المسالمة، ومعبرا رئيسيا لعدم قبول الإهانة.

أما العبودية فهي أسوأ صفة قد يتصف بها بشر، وأكره خصلة قد تلصق بفردٍ ما، إذ إنها تجسّد موت الإنسان الذي خلقه الله حرا وهو حي يررق، ويصبح المرء كالحيوان يتبع هذا ويؤيد ذاك، وينتهي به المطاف الى تشبيهه بالجيفة العفنة التي لا يستحملها بشر ولا يتقبلوها بينهم، إذ إن مكان الجيَف هو القبر، وإن شاء الله بئس المصير.

وهناك ذاك الذي يظن بأنّه فوق يد الناس وفوق مصائرهم وأرزاقهم، متناسيا بأنّ الرزق بيد الخالق وليس المخلوق، وإنه هو الذي يقسّم الأرزاق كيفما يشاء، فتراه يستخدم لغة الغوغائية الهمجية ويبتعد عن الشرعية والحقوق المدنية.

والنصيحة التي تقدّم لكل بحريني بين صفة الحرية والعبودية، هي ألا يتنازل عما يظنّه صحيحا، وألا يقبل بأية مساومة تجعله في دائرة الشبهات والعبودية للناس.

فالفرد الذي يستنشق الحرية كل يوم، ويربى عليها حتى تصبح جزءا من حياته، فإنه هيهات أن يقبل الذل والخنوع، وهيهات أن يرضى بكسر الأنوف، فالموت يقدّم وترك الوظيفة يجرم، ولا يساوم على حريته مهما فعل خفافيش الظلام.

ورحم الله عمّي المرحوم الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي عندما قال:

والنفس لا ترتضي ذلا يخامرها

الموت أحلى لها من قولِ خذلانا

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2240 - الخميس 23 أكتوبر 2008م الموافق 22 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً