العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ

بأي حال يأتي عيد ميلاد صدام حسين هذا العام؟

تمام أبو صافي comments [at] alwasatnews.com

منذ العام 1980عندما تولى صدام حسين سدة الحكم في العراق اعتاد على الاحتفال بعيد ميلاده وأيا كانت الظروف حتى بات يوم 28 ابريل/ نيسان تاريخا يفرض نفسه في اجندة العراقيين تحت أي ظرف يعيشونه او تعيشه بالأحرى عراقهم.

لكن هذا العام يأتي عيد ميلاد صدام والكثير من علامة الاستفهام تدور حول مصيره ومصير أبنائه والمقربين منه بظروف مازالت حتى اللحظة يكتنفها الغموض، فقد ذهب الكثيرون إلى افتراضية أن يكون صدام قد لاقى حتفه في 7 ابريل عندما قامت قوات الحلفاء بامطار عدة صواريخ على مبنى المنصور إذ وصل أليها معلومات مفادها ان الرئيس العراقي وأعوانه يعقدون اجتماعاتهم في هذا المبنى فحصل هذا المبنى على حصته الوفيرة من القصف الأميركي المكثف على بغداد، في حين آخر لاقى الكثيرون ان افتراضية الصفقة هي الأقرب الى المنطق في مثل هذه الحروب ولو بنظرهم على الأقل، إذ هناك الكثير من المحللين يفترضون ان ثمة صفقة قد تم عقدها بين صدام حسين او بعض قيادات الجيش العراقي من جهة والحلفاء من جهة على ان يتم تسليم بغداد من دون مقاومة مقابل تأمين خروجهم الى جهة بعيدة تماما عن منطق الشرق الأوسط.أيا كانت الفرضيات التي أخذنا نقلبها في محاولتنا لفهم ما حدث في العراق الا ان هذا التاريخ كان له نصيب الأسد من احتفالات العراق الرسمية حاله حال يوم 17 يوليو/ تموز من كل عام الذي تحتفل به العراق بمناسبة الانقلاب الثاني الذي تولى به حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم في العراق في العام 1968.

ولعل اكثر اوجه هذا الاحتفال تركزت في فترة الثمانينات عندما كانت هناك حرب طويلة وطاحنة بين العراق وايران، كانت مناسبة عيد ميلاد الرئيس تقام كل عام ليس في العراق وحده بل ايضا في عواصم مختلفة من العالم إذ كانت تتولى السفارات العراقية الترتيب والاعداد لهذه المناسبة، لم تكن تخلو موائد الاحتفال من كل ما لذ وطاب من الطعام الذي بات اليوم العراقيون يتوقون للحصول على القليل منه من خلال المساعدات الانسانية التي تجود بها المنظمات الانسانية والجمعيات الخيرية.

هكذا بين يوم وليلة تغير الحال واصبح اسم العراق يدرج ضمن الدول المنكوبة التي تحتاج إلى مساعدات بعدما كانت هبات العراق سخية للكثير من المشروعات العربية من منطلق العمق القومي الذي يشكل احدى اهم ركائز حزب البعث.

في اعياد ميلاد صدام تراقص الكثير من الاشقاء العرب ونظم آخرون قصائد غزل وصفت ملامح حامي البوابة الشرقية (صدام حسين) عندما كان يقود حربا اكلت الاخضر واليابس ضد الجارة ايران وانقلب الحال واصبح حامي البوابة الشرقية من يهدد امن الاشقاء.

وفي فترة الحصار المفروض على العراق بعد انتهاء حرب تحرير الكويت بقيت الاحتفالات تقام بهذه المناسبة وان كانت قد توقفت خارج العراق واقتصرت على اعضاء السفارة والمقربين لهم عكس الحال ايام الثمانينات لكن صورتها بقية قادرة على استفزاز الكثيرين الذين باتوا يصفون صدام بالدكتاتور الذي يحتفل بعيد ميلاده من دون ان يهتم بالأوضاع العامة للعراقيين الذين أنهكهم طول الحصار وظلمه.

ومن الملفت للنظر ان صحيفة (ايديعوت احرونت) الصهيونية كانت قد نشرت في اولى ايام القصف الانجلو اميركان الاخير تصريحا لاحد جنرالات الجيش الاسرائيلي يؤكد فيه انه «لن يحتفل صدام هذا العام بعيد ميلاده» ولعل هذا التصريح يضع امامنا الشريك الثالث في هذه الحرب التي قادها امام العالم الحلفاء انجلو اميركان على رغم وجود شريك ثالث أدار المعركة واستفاد منها على طريقته الخاصة.

28 ابريل هذا العام اختلفت الموازين كليا فصدام لم يعد في الحكم والعراق بأكمله يقع تحت الاحتلال الاميركي البريطاني بكل ثرواته وخيراته تحت مبرر «جئنا للديمقراطية».

فسياسية البيت الابيض اليوم تبدو متأثرة بالكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى عندما كانت البابوية تردد للناس (امنحنا مالنا نمنحكم غفرانا) واليوم اميركا تسير في المنطقة وهي تحمل صكوك غفران من نوع آخر بشعار «امنحنا نفطا نمنحكم ديمقراطية».

يبقى سؤال يدور في اذهان كل من عرف العراق طيلة العقود الثلاثة الماضية على الاقل بأي حال كان العراق عندما تسلم صدام الحكم وبأي حال غادر الحكم الى حيث لا نعلم؟ كان عراقا حرا واليوم عراقا محتلا... كان عراقا سخيا واليوم عراقا ينتظر جهود المجتمع الدولي ان قامت لتعيد اعماره... كان عراقا قويا واليوم عراقا ضعيفا ومريضا بفعل الامراض والاوبئة التي انتشرت لنقص الأغذية والادوية وكل مظاهر المدنية التي قضت تحت قصف الحلفاء... كان عراقا عزيز النفس ابيا واليوم انتشرت فيه الكثير من الأمراض الاجتماعية التي لم يعرفها العراقيون من قبل ولكن بفعل الحروب وسنوات الحصار.

عيد ميلاد صدام يأتي هذا العام والكل يتساءل بأي حال يعيش العراق اليوم؟

العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً