العدد 236 - الثلثاء 29 أبريل 2003م الموافق 26 صفر 1424هـ

ابتكار مضخة حفر للتنقيب عن النفط في ألاسكا وأضرارها على البيئة

منذ عشرات السنين والتنقيب عن النفط في المنطقة القطبية لألاسكا يجري في أكثر أشهر السنة برودة وذلك رغبة في حماية البيئة من الضرر، والآن يخشى دعاة حماية البيئة أن تؤثر خطة جديدة لتحديد موسم التنقيب على الحياة البرية، كما يخشون من احتمال ان يمتد ويتسع انتاج النفط والغاز بوتيرة اسرع الى مناطق نائية.

ان حصر اعمال التنقيب والحفر في فصل الشتاء فقط يسمح بنقل المعدات الثقيلة من والى المواقع على طرق جليدية اصطناعية بنيت من أجل الجميد، أو التربة المتجمدة تحتها، غير ان شركة اناداركو بتروليوم تعتزم التخلص من مثل هذه التقييدات بمنصة حفر جديدة تتميز بأن اجزاءها الخفيفة للغاية تجمع بعضها ببعض اشبه بقطع الليغو وهي قابلة للشحن مباشرة على التوندار» اي الجميد، ما يساعد على توفير المصاريف والوقت.

ومن شأن منصة حفر شركة اناداركو التي تمت تجربتها خلال شهر مارس/آذار الماضي، ان تسهل عمليات البحث عن الطاقة في أماكن يصعب فيها بناء الطرق الجليدية - وهذا تقدم تكنولوجي يدعم محاولات الشركة لتوسيع آفاق عملياتها الى مناطق أقل تنمية وراء المحور غير الرسمي للعمليات في الاسكا، اي خليج برادهو، اذ وصل انتاج حقول النفط الى حوالي نصف ما كان عليه قبل 20 سنة.

ويقول دعاة حماية البيئة ان الخطة التي تنفذها شركة أناداركو ستزيد الضجيج وتلوث الهواء وتعرض النظام البيئي لخطر التعرض لضرر اكبر في حال حدوث كارثة تسرب النفط، وتشكل تعديا اكبر على النباتات والحيوانات التي تعيش هناك. ومنها أيائل الكاريبو والدب الرمادي المتوحش والطيور المهاجرة.

ويخشى هؤلاء ان تستغل الصناعة النفطية انواعا اخرى من هذه التكنولوجية لمد موسم اعمال الحفر الاستكشافية التنقيبية لتصل الى المحمية القطبية الوطنية للحياة البرية، وهي مغلقة حاليا امام منتجي النفط وخصوصا ان الكونغرس يفكر في فتحها امام التنقيب في فصل الشتاء فقط.

ويثير مثل هذا الاحتمال بعض المسائل الخطيرة في رأي محامية مكتب «مؤتمنو الاسكا» جينا آب وهو مكتب محاماة غير معني بالربح في انكوريج من زبائنه عدد من جماعات المحافظة وجمعيات للسكان الاصليين.

وتقول آب انه اذا تمكن قطاع الصناعة النفطية من الوصول الى هدفه ومدد موسم التنقيب سيكون ذلك فرصة مثالية لشركات النفط ومناسبة غير مثالية قطعا لمعظم الاجناس والفصائل التي تستخدم المنطقة للتكاثر.

وللانصاف لابد من الاشارة الى التصميم الجديد الذي ابتكرته شركة اناداركو وسجلت براءته هو عمل تحديثي ويتيح اجراء بعض التغييرات الصديقة للبيئة في الممارسات الحالية داخل الصناعة النفطية.

فعلى سبيل المثال المنصة القطبية هي وحدة انتاجية وفي الوقت نفسه تقف على ارتفاع نحو اربعة امتار من سطح الجميد، ويلغي ذلك الحاجة الى بناء منشآت انتاجية دائمة على ارضية من الحصى تستخدم على نطاق واسع وهي تخلف ندوبا تدوم وقتا طويلا على الأرض وتنظيفها باهظ الكلفة.

وتقول مديرة الاتصالات لشركة أن اناداركو في بوسطن آن فينسنت ان حد الصناعة من كميات الحصى التي تصنعها الشركات على الجميد سيجعل نظرة حكومة الولاية الى المشروعات المقترحة مؤاتية اكثر.

وهناك حوافز اقتصادية اكثر. فوفقا للاساليب التقليدية المتبعة تبنى ارضيات الحصى ومنصات الانتاج عندما يتم حفر البئر الاستكشافية بنجاح - اي عندما يتدفق النفط والغاز من البئر على نحو المتوقع، فانتاج النفط، بخلاف التنقيب عنه نشاط مستديم ودائم.

ولكن اذا كانت البئر الاستكشافية خالية من النفط ينبغي نقل المعدات والعاملين قبل ذوبان الجليد ما يجبر الشركة المعنية على الانتظار سنة أخرى لمباشرة العملية من جديد.

وتقول فينسنت انه يجب على الشركة ان تنقل منصات الحفر فور تحول الارض المتجمدة الى وحول، حتى وان كان العمل لم ينجز بعد، وهذا الامر مكلف جدا.

ويكلف بناء الطرق الجليدية التي حلت مكان الطرق المرصوفة بالحصى في ثمانينات القرن الماضي نتيجة لفرض قوانين متشددة لحماية البيئة، حوالي مئة الف دولار للميل الواحد، وهي توفر للشركات مدة ثلاثة أشهر للدخول الى منطقة التنقيب والخروج منها قبل بدء ذوبان الجليد في الربيع، وهذه المدة تكفي لحفر بئر استكشافية واحدة فقط في كل موقع.

غير ان الشركات بدأت تحس أن مهلتها هذه أصبحت تضيق بسبب قصر فصول الشتاء وهي ظاهرة يشير دعاة حماية البيئة الى انها دليل على تبدل المناخات العالمية الناجم عن حرق الوقود الحجري.

وترفض شركة اناداركو كشف النقاب عن كلفة منصة الحفر القطبية أو تقدير مقدار التوفير في نفقاتها، ولكنها تقول انها ستجعل تنفيذ عمليات الحفر الاستكشافية تتواصل على مدار السنة تقريبا وتزيد كفاءة العمليات وتوفر المزيد من فرص العمل في الاسكا.

ومن الدوافع الاخرى لابتكار منصة الحفر القطبية عزم اناداركو على البحث عن الغاز الطبيعي في منحدرات سلسلة جبال بروكس اذ انحدار طبيعة الارض يجعل من الصعب بناء الطرق الجليدية.

وتقول الشركة ان إزالة ونقل المنصة الجليدية اسهل نسبيا من تنظيف ارضيات الحصى ولا تخلف آثارا تذكر، ويمكن استعمال اكوام التراب المستخرجة لاعادة ردم الحفر ما يمكن الجميد من التعافي واصلاح نفسه بصورة طبيعية.

وفي حين يقر دعاة حماية البيئة بأن الحد من آثار الحفر والعمليات الاخرى في مواقع الحفر التي يتم التخلي عنها أمر جيد ومرغوب فيه، فان ما يخشونه أكثر هو ان تساعد فكرة المنصة القطبية على امتداد النشاط الصناعي النفطي الى منحدر الاسكا الشمالي - وهو نشاط يتركز حاليا في الشمال الشرقي من المنحدر - نحو الجنوب والغرب.

ومعروف ان «المنحدر الشمالي» هو اسم يشير الى ارض شاسعة محشورة بين المحيط المتجمد الشمالي وسلسلة جبال بروكس وهو مفتوح امام التنقيب عن النفط والغاز.

ولقد نصبت أول منصة قطبية على رقعة ارض مشغولة نسبيا على بعد 80 ميلا جنوبي خليج برادهو. وهذه الارض هي المكان الذي تجري فيه شركة اناداركو ابحاثا بتمويل من الحكومة الفيدرالية بشأن امكان استخراج الغاز الطبيعي من الجليد.

وتجربة «الجليد الساخن» أو هيدرات الميثان التي تجريها شركة أناداركو هي في الحقيقة جزء من دراسة اطول امدا في نطاق الصناعة النفطية. وتقول الشركة ان امكان التطبيق العملي للتجربة لايزال بعيدا في أفضل الحالات. غير ان فكرة المنصة القطبية قد يتم نشرها في وقت اقرب للتنقيب التقليدي عن النفط والغاز اذا جرت التجربة على ما يرام.

ويقول خبير الموارد الطبيعية في قسم النفط والغاز في دائرة الموارد الطبيعية لالاسكا ستيف شميتز ان المنصة القطبية تنطوي على مقدرات وامكانات كثيرة، فهي قد تنجح في عملها الى درجة انه يبرز طلب كبير عليها، ولكنه اشار الى ان دائرته تدرك الآثار السلبية المحتملة للمنصة القطبية على البيئة.

ومن هذه السلبيات ان تسعى أيائل الكاريبو الى الاستظلال تحت المنصات لاتقاء اشعة الشمس، وصعوبة تنظيف النفط المصبوب عندما لا تكون الارض مغطاة بالثلوج والجليد.

وتوضح المستشارة في شئون البيئة في انكوريج بام ميتللر ما سيكون على النحو الآتي: ستكون هناك منصات حفر تسبب ضجيجا وتلوثا في الوقت نفسه الذي تتناسل فيه الايائل وتعشش الطيور وتسبب مستويات أعلى من احتمالات نشوء تنازعات.

تتألف المنصة القطبية التي تبلغ مساحتها عشرة آلاف قدم مربع، والتي تشبه بتصميمها منصة الحفر البرية، من حوالي 24 مقصورة مصنوعة من الالمنيوم مبنية سلفا ومتداخلة وتزن كل منها 8 أطنان، وتتصل المنصة القطبية بواسطة جسر معلق بمنصة اصغر حجما تستخدم كوحدة سكنية للموظفين.

ومقصورات المنصة خفيفة الى حد انه من الممكن نقلها مباشرة عبر طبقة الجميد بشاحنات صالحة للسير في كل الاراضي وتدعى «Rolligons» وهي مزودة بعجلات عريضة ضغطها قليل لكل بوصة مربعة، ويمنع استعمال الروليغونات في أواخر الربيع ومطلع الصيف عندما تكون الارض طرية، ولكن شركة اناداركو تعتقد انها تستطيع في النهاية ان تنقل المقصورات بطائرات الهليكوبتر.

وتعتقد الشركة ايضا ان التصميم الذي ابتكرته للمنصة القطبية قد يمكن تطبيقه في اماكن بيئية حساسة أخرى مثل المستنقعات





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً