على بعد حوالي 20 كيلومترا من جزيرة البحرين، تتناثر جزر صغيرة وكبيرة على المياه الزرقاء الصافية، اهم هذه الجزر جزيرة حوار واخواتها سواد الجنوبية وسواد الشمالية، تغطي مساحة تقدر بـ 51,5 كيلو متر مربع. والتي تمثل محمية طبيعية للكثير من الاحياء المائية والبرية والطيور، كما ان لها صفة عالمية من حيث كونها موطنا لبعض الطيور غير الموجودة بتاتا في اي مكان آخر في العالم.
جزر حوار في تركيبها التضاريسي يشبه إلى حد كبير الجزيرة الام (جزيرة البحرين) فالتيارات المائية عملت على تشكيل الجانب الشرقي من الجزيرة ولذلك تتكاثر الجزر والرؤوس والمسلات في الجنب الشرقي من جزيرة حوار، بينما ترسب التيارات الرواسب الرملية الناعمة في الجانب الغربي، ولذلك تجد السواحل الصخرية المرتفعة (الجروف البحرية) في الجانب الشرقي والتي قد يصل ارتفاعها حوالي 10 أمتار، بينما تسود السواحل المستوية والرملية في الجانب الشرقي، وغالبية تكوينات جزر حوار من تكوينات الصخور الجيرية، والتي بفعل الضغط والزمن تحولت الى تكوينات جيرية صلبة.
ما يحسب للوضع البيئي في جزر حوار، كونها المكان الوحيد الذي لم تمتد له اليد البشرية لتعبث فيه في مملكة البحرين، ولذلك كانت الحياة البيئية فيها فريدة، ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم، إذ تضم انواعا من الطيور المحلية والمهاجرة، لا توجد في أي مكان في العالم، وبعض هذه الطيور مهددة بالانقراض، الامر الذي ادى الى اعلان جزر حوار محمية طبيعية عالمية، بتوقيع مملكة البحرين اتفاقية رامسار العالمية للاراضي الرطبة، وقرار مجلس الوزراء رقم (16) لسنة 1996 باعتبار جزر حوار محمية طبيعية عالمية، وبذلك تحولت انظار العالم الى جزر حوار كمحمية وبيئة طبيعية يجب ان يحافظ عليها من أي تدمير او إساءة.
طبيعة جزر حوار الجزرية، جعلت الحياة النباتية والحيوانية تعتمد كلية على البيئة البحرية.
فقد ساعدت طبيعة سواحل جزر حوار الرملية في اجزاء والصخرية في اجزاء اخرى، على نمو مجتمعات من النباتات الساحلية المحلية والتي تختبئ خلالها بعض الطيور الساحلية. وفي الاجزاء الشرقية والتي كما اشرنا سابقا بانها سواحل ارساب رملي، ولكثرة تعرجاتها ساعد في قلة الامواج ناحيتها، مما ادى الى تكوين بحيرات طمييّة، وتحولها بالتالي إلى سواحل طينيّة، توجد فيها الطحالب المدّيّة السوداء. كما تنمو النباتات الصخرية التي تعتبر مقوما اساسيا لغذاء بعض حيوانات الجزر.
والطيور المختلفة التي استقطبتها الجزيرة تتكاثر بأعداد هائلة جدا، فمثلا رصدت في الجزيرة اكبر مستعمرة في الشرق الاوسط لغراب البحر السوقطري المعروف محليا باسم (اللوهة) والتي وصل عددها تقريبا الى 25000 زوج في جزيرة سواد الجنوبية حسب بعض المصادر، بينما تشير مصادر اخرى إلى ان 250000 طائر من نوع غراب البحر السوقطري يعشش في جزر حوار في فصل الشتاء، وهو ما يشكل 30 في المئة من هذه الطيور المائية الموجودة في جميع انحاء العالم. وكذلك البيئة البحرية التي تميز جزر حوار وسواحلها الآمنة المحيطة بها، جعلت الكثير من الطيور تبني اعشاشها على السواحل مثل عقبان السمك المعروفة محليا باسم (أبا الدمي) حتى تتمكن من اصطياد الاسماك التي تتغذى عليها او تحملها إلى اوكارها. وتعتبر جزر حوار المكان المناسب والآمن لتكاثر هذه الطيور.
كذلك طبيعة مياه جزر حوار الضحلة جذبت اعدادا كبيرة من البلشون الصخري المعروف بالحصيفي للتعشيش واخذ الراحة على هذه الجزر في هجرتها.
كما ان هناك عددا من الطيور المهددة بالانقراض مثل صقر الغروب المعروف بـ (شرياص حوار) الذي اتخذ من مرتفعات جزر حوار مسكنا له للتفريخ والتعشيش، الذي اكسب جزر حوار اهمية كبيرة كما تصفها بعض الدراسات، ليس على المستوى المحلي، بل على المستوى العالمي ايضا. وتعتبر جزر حوار محمية طبيعية لطائر النحام الكبير المعروف محليا بـ (الفنتير) الذي يحصل على غذائه واستقراره في هذه الجزر.
وكثيرا ما تشاهد اسراب من طائر النحام التي تستقر لفترة في جزر حوار بحثا عن غذائها، كما تستقطب هذه الجزر اعدادا ضخمة من الطيور المهاجرة كذكر الوسق المعروف محليا باسم (الترمبه) وهي من الطيور التي يستقر قليل منها في الجزيرة، إذ تحس بالامان في استقرارها هنا في طريق هجرتها الطويلة.
وتعتبر جزر حوار مرتعا مثاليا لتكاثر وبقاء انواع من الكائنات البحرية المهددة بالخطر، فالدولفين المعروف محليا باسم (الدغس) يعد واحدا من هذه الحيوانات البحرية التي تعيش بأمان في الجزر، بجانب (بقر الصيد) المعروف بالاطم، والذي يعيش بأعداد كبيرة، وكذلك يمكن رصد الكثير من السلاحف البحرية التي تتمتع بطبيعة مياه جزر حوار الضحلة. ومن اهم هذه السلاحف السلحفاة الخضراء من نوع Chelonia mydas المهددة بالانقراض والمدرجة ضمن قائمة الاتحاد العمالي لصون الطبيعة (IUCN) .
كما يمكن مشاهدة سرطان الرمل والصخور وهو من النوع الشرس، وكذلك يوجد في مياه جزر حوار قنديل البحر البني الذي يسبح مقلوبا رأسا على عقب، كما ان مياه جزر حوار تضم اسرابا كثيرة من سمك الميد، كذلك هي منطقة مهمة لصيد اسماك الكنعد والهامور، مما يعطيها اهمية وميزة اخرى.
كذلك وفرت هذه المحمية الطبيعية الحياة للمها العربي الذي يعرف بـ (الضويحي) بعد ان شارف على الانقراض في نهاية عقد السبعينات بسبب الصيد الجائر، فوفرت جزر حوار بيئة آمنة لبقاء هذا الحيوان العجيب. كما تمثل جزر حوار مرتعا وبيئة طبيعية لاستقرار وتكاثر غزال الرمال المعروف محليا باسم (الريم البحريني) والذي ينشط في فصل الربيع. وكثيرا ما يشاهد الضب على رمال جزر حوار.
ولذلك يمكن القول، ان هذه البيئة الطبيعية التي كانت ومازالت بعيدة عن تأثيرات يد التدمير البشرية، تزخر بالكثير من الاحياء البحرية والبرية، وكذلك الطيور، والتي يعتبر بعضها نادر الوجود والبعض الآخر مهددا بالانقراض، يجب ان تبقى بعيدة عن أي تأثير بشري تدميري، وان تبقى محمية طبيعية ومنطقة سياحية (السياحة البيئية) باستثمار مقوماتها الطبيعية، وتنوع الحياة البيئية والفطرية فيها