العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ

«الوفاق» في الميزان بحساب الانتخابات

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

دخلت «الوفاق» الانتخابات البلدية في أربع محافظات وبـ (24) مترشحا بلديا، أسفرت النتائج عن فوز (17) منهم بالشكل الآتي: (6) في العاصمة، (4) في الوسطى، (7) في الشمالية، وخسرت في إيصال أي من مرشحيها في محافظة المحرق.

وبالنظر إلى النتائج السابقة يتضح أن «الوفاق» قد فازت بثلث المقاعد البلدية من الجولة الأولى، وخسرت بسبعة مرشحين لها على رغم انتقال ستة منهم إلى الجولة الثانية وخسارة أحدهم من الجولة الأولى، غالبيتهم كانوا في دوائر مفتوحة غير وفاقية، ولكنها نجحت في تمرير بعضهم في الدورة البلدية السابقة وتعد النتيجة مغايرة بعض الشيء بخصوص الدورة الأولى إذ حصدت (22) مقعدا، ونالت شرف رئاسة ثلاثة مجالس بلدية: العاصمة، الشمالية، الوسطى. وواضح جدا بأن الوفاق ستحصد من خلال النتائج السابقة رئاسة مجلسين بلديين بشكل تلقائي (العاصمة والشمالية)، وستتحالف من أجل الثالث لما تملكه من أربع أعضاء في المجلس البلدي الوسطى، ونظرا لرغبتها في التنسيق مع المنبر الإسلامي بشأن منصب نائب رئيس المجلس بالعاصمة، ويعد ما طرأ على حصص الوفاق ناتج من ما طرأ على بعض الدوائر من تعديل كان في غير صالح الوفاق.

فيما يتعلق بالشق النيابي، دخلت الوفاق بـ 18 مرشحا، أسفرت النتائج عن فوز (17) منهم، (6) في العاصمة، (4) في الوسطى، (6) في الشمالية، (1) في المحرق، ومن الجولة الأولى فازت بـ 16 مرشحا وصعدت بـ (2) منهم للجولة الثانية، وخسرت في إيصال مرشحها في ثالثة الوسطى وكادت أن تفوز به لولا الاصطفاف والتدخلات والمساعدات الخارجية التي مدت يد العون لمنافسه. استطاعت الوفاق من خلال الفوز الذي حققته، على رغم التدخلات الكثيرة التي كانت تستهدف النيل من مقاعدها، و على رغم رسم الدوائر الانتخابية وحياكتها بشكل ظالم يقلل من نصيب الوفاق، مع النية المبيتة للتقليل من فرص فوزها وتشتيت الأصوات، مع ذلك نجحت لأن تكون الكتلة الأكبر نيابيا وبلديا، وستكون بإذن الله الأبرز.

ما يؤخذ على الوفاق لأنها تخلت عن دعم المرأة على قائمتها النيابية،على رغم محاولاتها بهذا الشأن، وعلى رغم دعمها لأحد الوجوه النسائية ضمن التحالف، فإن الاتكاء على أحد الأسماء فقط في دائرة مفتوحة وسط رهانات قائمة أمر غير صحيح، إذ كان لازما عليها أن تضع غيرها على الأقل في إحدى الدوائر المضمونة والسعي لإيصالها وقطع الطريق على الجهات الرسمية حتى لا تتفوق عليها ضمن هذا المحور الحيوي المهم، ولكي تكون التجربة نموذجية خصوصا أن التيار يعج بالكوادر النسائية التي تستحق منا دعمها.

الوفاق تركت الدائرة الثانية بالشمالية مفتوحة لأعضائها يتنافسون بينهم دون تدخل منها، كما تركت سابعة العاصمة لأحد الرموز الوطنية المستقلة، فأسهمت بإيصاله إلى قبة البرلمان في الجولة الثانية، فوقفت بوجه الإرادة المتمثلة في منع وصول التيار الليبرالي للبرلمان. وسحبت أحد مرشحيها في رابعة المحرق بعد أن تم اعتماده على قائمتها، لتتركها للأب الروحي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، كما لم تدخل بمرشح منافس لها في رابعة الوسطى واكتفت بمرشحها في العمل البلدية ودعمت أحد الوجوه النسائية البارزة لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ضمن التحالف، إلى جانب تعويض النقص الحاصل في قائمتها بسبب خلوها من وجود العنصر النسائي.

دخلت الوفاق في تحالفات عديدة بغرض دعم رموز حلفائها في الدوائر الآتية: رابعة وسابعة الوسطى، سابعة العاصمة، رابعة وخامسة وسابعة المحرق. ونظرة فاحصة لخارطة التحالفات التي رسمتها الوفاق خلال الانتخابات، نجد أنها الجمعية السياسية الوحيدة التي سعت ومدت يدها للجميع بغرض التنسيق مع كافة التيارات بما فيها الجمعيات الموالية، ما حصل أنها لم تجد الآذان الصاغية لسماع ما يدور في خلدها من سعي لتحقيق المصلحة الوطنية العامة، بغض النظر عن التحزبات، وكانت نتائجها جدا محدودة، وقد تبعدنا عن المصلحة الوطنية التي هي هدف عام يسعى الجميع لتحقيقه بكافة السبل والوسائل الممكنة. وكانت الوفاق ترصد المشهد السياسي قبيل المرحلة الانتخابية وتتلمس التحديات والمعوقات التي تعترض طريق الانجازات، فقد كانت لها محاولات في إيجاد أرضيات مشتركة مع المنبر الإسلامي ومع رموز التيار السلفي كبادرة أولى تحسب لصالح الوفاق، ولكن ما حصل أن الأخيرة لم تستجب للمبادرة وتعاملت معها ببرود تام، ولم تستطع أن تنجب فكرة مماثلة لها فكانت النتيجة تحالفات ناقصة للوفاق بإرادة خارجية لقطع الطريق عليها وعلى مساعيها الوطنية، ولكي توصف بما ليس هي عليه.

وفي المقابل تحفزت كل من الأصالة والمنبر لمحاولة إيجاد نوع من التنسيق بينهما بدلا من المنافسة، خصوصا أنهما تحملان التوجهات الرسمية نفسها، ومن أجل تسخير طاقاتهما معا في مواجهة خصومهما السياسيين، فقد واجهتا الوفاق ووعد في الجولة الأولى والثانية، ونالت منهما وعد ما نالته، مع توفر الدعم الحكومي لهم بخلاف وعد التي تعد من التيارات المستهدفة من قبل الحكومة.

هذا ولم تسلم الوفاق طوال العملية الانتخابية من الضربات والركلات في الخاصرة، ولم تعدم من تلقي الاتهامات بالجملة، سواء كانت أبان العمليات الانتخابية أو قبلها أو حتى بعدها، وحتى بعد الفوز فإن الادعاءات لم تنضب، مستعدية رموزها وقادتها، فتارة توصف بالطائفية، وأحيانا بالأنانية السياسية، على رغم الجهود التي بذلتها لتحقيق توافقات سياسية، ورغم خطابها الناصع طوال فترة الانتخابات، إذ تميز خطاب مرشحيها بالتوازن والخلو من النعرة الطائفية، بعكس ما هو سائد على خطاب تيارات أخرى سعت جاهدة إلى إبراز الخطاب الطائفي، لخلق فزعة شعبية وبغرض تحريك القواعد الشعبية التي تعودت على عدم الصحو إلاّ بخطاب التحريض.

بعد هذا العرض السريع لأهم ملامح الدور الفاعل للوفاق إبان الانتخابات، وحركتها لكسر الجمود في العمل السياسي وجهودها في إذابة جليد الاحتكار، هل تستحق منا الوفاق أن نتقول عليها وننسب لها ما ليس فيها من تهم وافتراءات ونغيب الوجه المشرق لها، أم نتعلم منها درسا وطنيا نستفيد منه ونفيد الجيل الصاعد؟

وأخيرا... لنتعلم اننا حينما نقيم أي طرف من الأطراف، علينا أن نكون موضوعيين، وأن ننظر إلى الحقائق أولا وأخيرا، حتى نستخدم الميزان كما يجب، لا إرضاء لأهوائنا الشخصية أو الفئوية، ولا استخفافا بعقول تفهم وتستقرئ الساحة السياسية جيدا، ولكن بغرض إحقاق الحق.

* كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً