العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ

الدرس الذي تعلمته أميركا من الصومال

طرد الميليشيات الإسلامية من الصومال بواسطة القوات الإثيوبية ثم تنصيب حكومة انتقالية ضعيفة، ولكن معترف بها دوليا لا يقضي فقط على بزوغ «إرهاب مقدس» في بدايته، بل يمثل أيضا فرصة مهمة للتقدم في هذا البلد الذي أنهكته الحروب.

واعتبر عدد من الخبراء والمسئولين الإقليميين أن طرد «اتحاد المحاكم الإسلامية» من مقديشو - وبالتالي تفكك تحالف الميليشيات الذي ظل حتى عيد الميلاد يحكم معظم الصومال - يمثل البداية. ولكنهم حذروا أيضا من أنه ما لم تتمكن قوات حفظ السلام الدولية من الانتشار بسرعة لدعم الحكومة الانتقالية، فإن البلاد قد تنزلق إلى الفوضى التي كانت السبب الأول لمجيء الإسلاميين إلى السلطة.

وقالت مسئولة الأمم المتحدة السابقة عن إعادة الإعمار في الصومال بعد الصراع كارين فون هيبل، التي تعمل اليوم في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «إن المجتمع الدولي يحتاج إلى أن يثب إلى هناك بسرعة».

ومن جهته، قال الدبلوماسي الأميركي السابق رفيع المستوى الذي تقلد مناصب عدة في المنطقة ويتخصص الآن في دراسة شئون هذه المنطقة في جامعة جورج واشنطن، ديفيد شين: «إن التهديد المباشر الذي مثله البروز الأخير لقادة (المحاكم الإسلامية) المرتبطين بـ (القاعدة) يبدو أنه تم تحييده على الأقل في الوقت الحالي». وأضاف أن «الأفراد ضمن التراتبية المائعة وغير المفهومة بشكل كلي، لـ (اتحاد المحاكم) كانوا مرتبطين بـ (القاعدة)».

ولكنه أعاد التحذير من المجموعات الكثيرة المشابهة في المنطقة قائلا: «يبدو أن بعض المسئولين الأميركيين ربما يكونون قد بالغوا في تقدير مسألة تأثير شبكة الإرهاب في الصومال». وأوضح أن الصمت اللافت للمسئولين الأميركيين قبل الغزو الإثيوبي الذي كان متوقعا منذ فترة طويلة، وكذلك «اللطف الكبير» الذي طبع تعليقاتهم منذ ذلك الوقت مثّل «في الحد الأدنى ضوءا أصفرَ وربما أخضرَ» للعملية.

وقالت هيبل: «كان جديرا بالملاحظة أن الولايات المتحدة التي تملك تاريخا من الإخفاقات في الصومال، قد ظهرت منتصرة في هذه الحال من دون أن تتدخل».

وتابعت مستشهدة بالدعم الذي قدمته المخابرات المركزية السنة الماضية إلى تحالف أمراء الحرب الفاسدين الذين نهبوا مقديشو بحجة محاربة الإرهاب «كل ما فعلناه لم يؤتِ ثماره». وأضافت «الآن، وحين يظهر أننا لم نفعل شيئا، يبدو أن الأمور تسير على ما يرام».

كما قال شين: «إن الميليشيات التي رفدت القوة القتالية لـ (المحاكم) جرى تقليصها والتقليل من أهميتها وتشتيتها عبر الهزيمة الساحقة التي منيت بها على يد الإثيوبيين». وأضاف «حتى الأعضاء المحسوبون على المجموعات المتطرفة مثل ميليشيات (شهاب) و(الشبيبة) انقلبوا ليصبحوا أتباع المنتصر الذي ذاب بكل بساطة عند أول مواجهة».

واعتبرت هيبل أنه من غير الواضح لماذا انهارت ميليشيات «المحاكم الإسلامية» بهذه السرعة الاستثنائية؟ وتساءلت: «هل كانت هذه استراتيجية أي الإيحاء بالانهيار ثم إعادة التجمع والتمرد لاحقا؟ أم أنه جرى سحقهم ببساطة؟».

على رغم الكمين الذي نصبه بعض الصوماليين المسلحين للقوات الإثيوبية هذا الأسبوع، والتهديدات التي يطلقها بعض القادة الإسلاميين باتباع نموذج التمرد الحاصل الآن في أفغانستان، فإن شين صرف النظر عن أي تطابق قد يحصل مع الوضع هناك. وقال إن «نموذج التطرف الذي مثلته (طالبان) لا يمكن أن ينجح بشكل جيد في الصومال»، وتابع أن «الاختلافات (بين الصومال وأفغانستان) هي أكبر وأكثر أهمية من التشابهات».

وفي حين أقرت هيبل بأن بعض التقارير عن تلبية مقاتلين عرب وشيشان وباكستانيين الدعوة التي أطلقها حديثا قادة «المحاكم» إلى الجهاد ضد القوات الإثيوبية قد تكون صحيحة، إلا أنها اعتبرت أن تقدير أعداد هؤلاء يدخل في نطاق التخمين.

العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً