يقول الإمام الشاطبي عليه رحمة الله تعالى: «قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع، والدليل على ذلك ظاهر من وضع الشريعة... وإنها (أي الشريعة) موضوعة لصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلف أن يجري ذلك على ذلك في أفعاله، وألا يقصد خلاف ما قصد الشارع».

النواب: الشيخ عادل المعاودة والشيخ علي سلمان وعبدالعزيز أبل... والاقتصادي «أبوالأرقام» إبراهيم شريف السيد طرحوا ملف الأراضي عدة مرات، ولعل المرة الوحيدة التي أعلن فيها المعاودة بشكل علني في إحدى القنوات الفضائية خطأ سياسة توزيع الأراضي حينما قال: من غير المعقول أن البعض لا يجد مترا واحدا في حين أن البعض الآخر يتمتع بالكيلومترات! هذا مؤشر على تواتر نغمة الرفض من قبل مختلف التيارات في البلاد، ناهيك عن الشرائح العريضة في المجتمع، التي تعارض سياسة التوزيع الجائرة للأراضي.

هذا التلاقي، والاتفاق على تلك الإشكالية يضع نواب 2006 أمام محك حقيقي واستحقاق شعبي عليهم أن ينأوا بأنفسهم عن السكوت عنه، فضلا عن الموافقة عليه وتمريره، وعليهم العمل من أجل استعادة تلك الأراضي. كما عليهم البحث عن حلول مناسبة لهذا الهدر غير الواعي لثروة البلاد.

في لقاء عابر مع عبدالرحمن عادل المعاودة، الابن البكر للشيخ المعاودة، قال لي: كيف تطرح قضية استعادة الأراضي؟ في إشارة من «حماني» إلى صعوبة استعادة الأراضي التي وهبت لـ «زيد وعبيد»! وهنا سأعيد الأمثلة التي ذكرتها غير مرة بهذا الخصوص، وفي الإعادة تذكير وإفادة: في مصر الثورة صدر قانون الإصلاح الزراعي وتمت إعادة توزيع الأراضي ليستفيد منها الفلاحون، و «في إقليم اتشيه تمت استعادة (300.000 قطعة أرض)، وأيضا في جزيرة «سومطرة» الإندونيسية تمت استعادة حقوق الملكية بنحو 28 مليون دولار، بصورة عاجلة وإعداد سجلات للأراضي وإنشاء قاعدة بيانات تملك الأراضي وإصلاح نظام إدارة الأراضي. وفي «ماليزيا» فإن الحكومة تمنح قروضا «من دون فوائد» لشراء مساكن قليلة الكلفة للفقراء. وأسست الحكومة صندوقا لدعم الفقراء تكون اعتماداته ضمن الموازنة العامة للدولة سنويا. ألا ينظر «حماني» وأترابه، وبعض النواب، ومن أثار استغرابه موضوع استعادة الأراضي وقال: مستحيل ومعجزة استعادة الأراضي! إلى أنه كيف تمت استعادة الأراضي بفعل الإرادة السياسية، والتوافقات الشعبية، سواء في البرلمان أم خارجه؟ وبالتالي، يتم تحقيق طموحات وتطلعات الشعوب.

الإصلاح الذي يشمل ميادين الحياة كافة - كما أشار ملك البلاد ذات مرة - هو ما ينشده المواطن البحريني. وإصلاح على صعيد سياسة الأراضي تكون الحاجة ملحة إليه في مثل وضعنا البحريني وسط تفاقم أزمة السكن. أعتقد أن الهدف واضح من معنى الإصلاح المطلوب في شأن الأراضي وهو استعادة الأراضي «المنهوبة والموهوبة»!