العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ

مدونة... ممنوع من النشر

يبدو من الممل جدا، أن أنتهي في ختام هذا المقال الذي لم أبدأه بعد إلى نتيجة أن «المدونين البحرينيين» باتوا سلطة سياسية جديدة في مجمل العملية السياسية في البحرين.

الممل أكثر، هو أن أتجاوز في هذا الإطلاق حقيقة أن المدونين أنفسهم باتوا مختلفين ومتخالفين. إنهم أيضا قاب قوسين أو أدنى من فك معاهدة «الارتباط» التي تفرضها عليهم سلطة أن يكونوا مدونين أصلا. ثمة سؤال عابر هنا: هل يقتضي فعل التدوين أصلا أن تتمرد على النظام والسلطة؟

الإغلاق المؤقت الذي تعرضت له مدونة الأب الروحي للمدونين البحرينيين محمد اليوسف، مضافا إليها انزياح مجمل المدونات البحرينية للنَّفَسِ المُعَارِض نسبيا كلها دلالات على أن غولا سياسيا جديدا بات يهدد مجمل العملية السياسية.

واقع الحال، تعتبر المدونات البحرينية اليوم مصدر «رأي» و «معلومات» لا تحترم - وليس مطالبا أصلا باحترام - أيا من الإجراءات القانونية التي تنتجها أي سلطة من سلطات المجتمع المادي.

هل سيكون من الواجب الآن أن أنزاح إلى اعتبار المدونات «حقلا اجتماعيا افتراضيا» كما يذهب البعض، طبعا لا. فالمجتمع الإلكتروني في مجمله وبما يشمل مجتمع المدونات والمدونين هو اليوم مجتمع مادي مؤثر، وإلا لما أغلقت وزارة الإعلام البحرينية مدونة محمد اليوسف من جهة، ولما خصصت صحيفة «الوسط» مثلا صحافيا لمتابعة المدونات البحرينية والعربية ولما نشرت الكثير منها نقلا، وتعليقا، ونقدا.

دلالة ذلك أيضا، أن المنتديات الإلكترونية والصحافة الإلكترونية - والتي تمسك بشريحة كبرى من القراء والمتابعين - أثرت وما أكثر ما أثرت في المجتمعات على أكثر من صعيد. ليس أقلها ذلك التأثير الثقافي، وأكثرها حملات الاعتقال لأكثر من ناشط سياسي في الشبكة الإنترنتية في أكثر من بلد عربي.

من المتوقع أن تنشط حركة التدوين في البحرين خلال السنتين المقبلتين، ومن المتوقع أيضا أن تعمد السلطات الاجتماعية والسياسية والدينية إلى مقاومة هذا الاتساع، وتجريمه، وتحريمه في مراحل معينة. وهي بذلك لا تزيد على ذلك الخطأ الذي ارتكبته قبل ذلك تجاه المنتديات الإلكترونية حين رفضت استقبال منتوجها بوصفه منتجا واقعيا يعكس حقيقة الأفراد المكونين للمجتمع وهمومهم، وثقافتهم، وطموحاتهم. سلبا أو إيجابا.

بالنسبة إلى الصحافة، استطاعت الصحافة تاريخيا السيطرة على ظهور الكثير من وسائل الاتصال الجماهيرية في الإعلامين المسموع والمرئي، لكنها عجزت من أن تحتوي المنتديات الإلكترونية ماخلا الرسمي منها. فتركت مهمة الرقابة للمنتديات الإلكترونية على الصحافة وتنازلت هي عن أهم وظائفها.

الصحافة اليوم مطالبة بأن تلج في عالم التدوين والمدونين برحابة، وألا تترك لهذه الحركة المجال في أن تكون هي الأخرى خارج دائرة امتدادها، أو على صحافتنا أن تضيف لقائمة الممنوعات من النشر ضيفا جديدا، يسمونه «مدونة».

عادل مرزوق

العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً