العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ

تقرير «مراسلون» يفتح الطريق لتشخيص مشكل الصحافة المحلية

تجاوزت ردود الفعل (المحدودة) بشأن تقرير منظمة مراسلون بلا حدود للعام الماضي 2006 عن تراجع مستوى الحريات الصحافية في البحرين عربيا مساحة محتوى وبنود التقرير، لتفتح الطريق أمام الدعوات إلى تشخيص مشكل الصحافة المحلية الذي وصفه الكثيرون بأنه ليس مشكلا في الحريات، وإنما هو في مهنية ودقة نقل المعلومة.

وفي الوقت الذي دافع فيه العاملون في بلاط صاحبة الجلالة عن مستوى أداء الصحافة المحلية وتمتعها بسقف جيد من الحرية، وعلى رغم أن غالبيتهم لم يطلع على التقرير لا في نسخة أصلية ولا من خلال المطالعة عبر شبكة الإنترنت، فإن المجال يبدو مفتوحا لتوجيه نقد ذاتي يرتبط بشكل أساسي بمسألة تكرار الأخطاء في قضايا كثيرة ومتنوعة وحساسة و«عدم الدقة في نقل المعلومات وترتيبها والتحري عنها»، بالإضافة إلى أن هناك من المراقبين والناشطين من يعتقد بأن الصحافة المحلية تتمتع بمستوى من الحرية، تقدم قليلا أو ربما تراجع قليلا، لكنه لم يتطور إلى الحد الذي يمكن أن يثمن على أنه مسار جديد في مهنية الصحافة البحرينية.

وطبقا للتقرير، فإن مؤشر البحرين تراجع إلى المركز السابع عربيا، بعد أن كانت مدونة في الخانة الرابعة، لكنها على المستوى الدولي احتلت المركز الحادي عشر بعد المئة (111) من بين 167 دولة اخضعتها منظمة مراسلون بلا حدود للتقييم في العام الماضي 2006.

تقرير مردود عليه ومغرض!

ومع اجماع الكثير من الصحافيين البحرينيين، من مستويات إدارية عليا كرؤساء التحرير الى المحررين الميدانيين، على أن هناك تقدما ملحوظا في مستوى أداء الصحافة البحرينية منذ العام 2001 مع بدء المشروع الإصلاحي، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال رفض كل ما تجيء به التقارير الدولية، حتى مع تكوين مواقف رافضة لها، ويرفض رئيس تحرير صحيفة «أخبار الخليج» أنور عبدالرحمن تقرير منظمة مراسلون بلا حدود «جملة وتفصيلا» باعتبار أن تقريرها لم يستند أساسا إلى معايير لتحديد مدى التقدم والتراجع، وهو يشير الى أن التقرير لم يقم على مقاييس وهو مردود على المنظمة! باعتبار أن حرية الصحافة في البحرين تنمو يوما بعد يوم، واصفا حال الحراك التي تشهدها حرية الصحافة بالقول: «لأنها لم تعد في يد أحد... أي حرية الصحافة... إنها اليوم في الوعي الوطني، والكتاب اليوم ينضجون في تجربتهم، وهنا أقول إن كلام المنظمة مرفوض... بل مغرض!».

وزاد قوله بالإشارة إلى الحرص على تجنب الوقوع في الأخطاء المهنية المفضية إلى إرباك مجتمعي: «أستطيع القول إننا العاملين في المهنة حينما نراقب الصحافيين والكتاب فإن ذلك يأتي من باب تجنب الوقوع في الخطأ المعلوماتي؛ لأن المشكل في كتابنا هو وقوعهم في الخطأ المعلوماتي الذي يربك العمل حينما يتم اعتماد ونشر معلومات خاطئة، وهذا يعني أننا لم نصل الى مهنية عالية من ناحية التدقيق في المعلومات، وأنا واثق تماما بأن الكتاب والصحافيين في كل الصحف بدأوا يشعرون بهذه المسئولية وكل من يخطئ يعرف خطئه. وحين يمارس المسئولون في المؤسسات الصحافية عملهم الإداري في إصلاح الصحافة من خلال تأكيد ضرورة التدقيق في المعلومة، يعتبرها المغرضون في الخارج كبتا للحرية الصحافية».

من جهتها، ترى المحامية والكاتبة وفاء الحلو أنه لا يمكن التقليل من شأن الصحافة المحلية، فمستوى سقف الحرية تقدم بعض الشيء، لكن ما نود قوله إن حركة التطور تكاد تكون بطيئة للغاية، وربما تكون توقفت عند حد معين، إلا أن الملاحظ هو حاجة الصحافة المحلية الى جرعة أكبر من المناعة الخاصة بالتدقيق في المعلومات وخصوصا فيما يتعلق بالقضايا والأخبار والحوادث ذات التأثير على المجتمع والتي قد تسبب ردود فعل عكسية سلبية لا تحمد عقباها، ويصعب بعد ذلك علاجها.

قياس التقدم والتراجع

ولا يشعر رئيس جمعية دعم الحريات والديمقراطية محمد الأنصاري بأن هناك تراجعا في مستوى الحرية الصحافية في البحرين، قائلا: «أنا أتابع مستوى الحريات عموما، واقيسها بسؤال: هل تتزايد أم تتقلص في البحرين؟ وإن كانت المنظمة تقصد في تقريرها اغلاق بعض مواقع الإنترنت واعتبرت تلك المواقع جزءا من الصحافة فمن الممكن اعتبار تراجع الحريات صحيحا في هذه الحال نظرا إلى نشر بعض القضايا التي تم تداولها في الإنترنت بعد أن منعت من النشر في الصحافة... نعم، يمكن اعتبار ذلك (شيئا) من التراجع».

واضاف: «لكن لابد من النظر إلى الأمر من زاوية أخرى، وهي هل المخالفات التي اغلقت بسببها تلك المواقع تتعلق بالرأي والرأي الآخر، وتختلف فيها المعارضة والحكومة، أم أن عدم النشر ورد لأسباب قضائية؟ واعتقد هنا أنه منذ بدء المشروع الإصلاحي حتى الآن، كان المنع واردا في مختلف القضايا ومستمر! لكن من جهة أخرى تحسن وضع الصحافة، وهناك فرصة لأن تتحسن بدرجة أكبر، وبعبارة أخرى أقول إن مستوى الحريات لم يتراجع، لكنه لم يتطور كثيرا».

وشدد الأنصاري على أن هناك بعض القضايا تفرض «طبيعتها» عدم النشر لفترة معينة وليس لفترة مستدامة الى أن يتبين الأمر من قبل الجهة ذات العلاقة بعد صدور الحكم القضائي، وخصوصا قضايا الرأي العام التي يجب ألا تدخل الصحافة فيها كجزء من القضاء في حال البت في القضية عبر المحاكم، وهذا حاصل في كل بلاد العالم على ألا يكون المنع دائما، ولابد من كشف الحقائق بمجرد زوال سبب المنع لمدة مؤقتة، وتقدم التفاصيل بعد ذلك الى المواطنين.

تحري الدقة في النقل

وتعتبر مؤسسات المجتمع المدني ركنا مهما في تقييم أداء المؤسسات الصحافية محليا. وهنا، ترى عضو جمعية المرأة البحرينية دينا الأمير أن مستوى الحرية الصحافية في البحرين ثبت عند سقف معين، ومن الصعب تقييمه بالتراجع أو التقدم، لكن لابد من القول إن مستوى الحرية شهد تحسنا مع بدء المشروع الإصلاحي.

وتشير الى أن ما يمكن ملاحظته هو تغييب الاهتمام من قبل المؤسسات الصحافية بدقة المعلومات المنقولة، وهذا لا يعني أن كل الكتاب والصحافيين لا يتحرون الدقة، إلا أن هناك من يغفل مسئولية النقل الصحيح والدقيق.

العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً