العدد 1640 - السبت 03 مارس 2007م الموافق 13 صفر 1428هـ

أمن شارع البديع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مع عدد اليوم، يُوزّع ملحقٌ خاصٌ عن موضوع «مسئولية أمن شارع البديع»، هو خلاصةُ نقاشٍ مفتوحٍ بين أهالي الشمالية واثنين من كبار ضباط الداخلية.

هذا الشارع يبدأ من منطقة النعيم وينتهي عند منطقة البديع، ممتدا 16 كيلومترا على طول الكتف الشمالي لجزيرة البحرين (الأم) ويسكنه أكثر من 150 ألف نسمة (أي ربع سكان البحرين).

هذا الشريط الساحلي تقع عليه أكثر من ثلث قرى البحرين، عانى غالبيتها من أخطاءٍ في السياسات السابقة، التي غلب عليها التهميش والإهمال، إلى درجة أن زيارة لأحد كبار المسئولين قبل خمسة أعوام لقرية «المقشع»، كانت صدمة كبيرة دفعت إلى اتخاذ قرارٍ حاسمٍ بإنشاء قرية جديدة مكانها. وكان يكفي أحيانا، في أعقاب حركة الاحتجاجات السياسية في التسعينات، معرفة منطقتك السكنية لرفض التحاقك بالجامعة. مثل هذه السياسات أثّرت على جيلٍ كامل، وينظر إليها الأهالي على أنها سياسة «عقاب جماعي»، وقد أشار إليها المشاركون في الندوة بعباراتٍ صريحةٍ في مجال تقييمهم لطريقة تعامل قوات الأمن مع المناطق التي شهدت الحوادث المؤسفة في الأسابيع الأخيرة.

المنطقة الشمالية تعاني من تردّي الوضع الاقتصادي، ولما كُلّفت شركة «ماكينزي» بدراسة الوضع واقتراح حلول للإصلاح، ابتدأت دراستها التوثيقية بعرض مشاهد من هذه القرى، وتحديدا قرية كرّانة، إذ جابت عدسة المصور أزقتها الضيقة وخرجت بلقطاتٍ لو انتزعت من سياق فيلم «ماكينزي»، لظنّ الكثيرون بأنها من إنتاج أشد أطراف المعارضة البحرينية راديكالية.

هذا الشريط الساحلي، يتميّز بكثافةٍ سكانيةٍ عالية، ولن نجد منطقة تنافسه في هذا المجال غير منطقة سوق المحرق وأحيائها القديمة المعدمة. وفي موازاة ذلك، هناك نسبةٌ كبيرةٌ من البطالة، يغذّيها ضعف مخرجات التعليم من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى سياسة التهميش والإهمال، سواء كانت حقيقية أو متوهّمة، ما يزيد من حال النقمة على الواقع السياسي، ويوفّر بيئة مستعدة دائما للاحتجاج، خصوصا مع تباطؤ وتيرة الإصلاح السياسي، وما يرافق التجربة من تراجعٍ على مستوى الحريات العامة، وإشكالاتٍ مسكوتٍ عنها عن عدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية ودور المراكز العامة وأهداف التجنيس بعيدة المدى، ومنع مناقشة التقارير المشبوهة المعروفة للجميع.

مشكلة الكثافة السكانية تنعكس أيضا على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية... ويريعك أن تكتشف أن 11 قرية مثلا تقع في منتصف الشريط الساحلي، لا تمتلك ناديا ثقافيا أو رياضيا، ولا حتى ملعبا واحدا لكرة القدم. ونحن هنا نوصّف الحالة ولا نحشّد أو نحرّض أو نبرّر أية أعمال تمسّ الأهالي أو الأمن العام.

في مثل هذه الوضعية المعقّدة يصبح من الإجحاف والظلم للرأي العام ولصاحب القرار، أن تُترك معالجتها إلى صحافيين يكتبون من وراء مكاتبهم المكيّفة، ولو سألتهم عن أسماء 5 قرى من مجموع 25 لعجزوا عن ذكرها. من هنا نشدّد على أهمية تصحيح المعالجات الإعلامية الخاطئة من منطلق وطني، فهو أمرٌ لا يقل أهمية عن المعالجات الأمنية الخاطئة، خصوصا أن صاحب القرار الأمني يتأثر في قراراته بسياسة التهويل التي تنتهجها بعض الأطراف الإعلامية، حسبما كشف عنه النقاش، حتى من وجهة نظر الداخلية.

في الندوة سمعنا عتابا من الداخلية لطريقة تعاملنا مع «الأزمة»، ما اعتبروه «نزولا» في مستوى التناول، وكان جوابنا واضحا وصريحا، بأننا كنا مضطرين لوقف التدهور بهذه الطريقة، «فجماعتكم هم الذين حصرونا في الزاوية، ولا تنسوا أن النكتة لا يفلّها إلاّ نكتة مثلها»، وإلاّ فألف مقالٍ لن ينجح في إيقاف طابورٍ من المتمرّسين في سياسات التطبيل والتضليل الإعلامي لمدة ثلاثين عاما. فكنّا وإيّاهم كما قال الشاعر الحارث بن عباد:

لم أكن من جناتها عَلِم اللهُ

وإني بحرِّها اليومَ صالي!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1640 - السبت 03 مارس 2007م الموافق 13 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً