العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

سريانية تجس نبض الموشحات

غادة شبير من المنامة...

يستضيف مركز الشيخ ابراهيم للدراسات والبحوث الفنانة اللبنانية غادة شبير وذلك ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة 2007، ما يميز غادة شبير - هذه المغنية اللبنانية - أنها تبحث بآلة أكاديمية عن فن أصيل، أو فن أصبح التعامل معه إما بغرض التجديد فيه، وإما حال العبثية التي تشوه هذه الأعمال عادة. غادة تركز في أعمالها على غناء الموشحات الأندلسية، وبعض التراتيل السريانية القديمة.

أحمد شوقي - الذي حصل على حضوره ضمن مقطوعات غادة - كسب نصه تأويلا جديدا، وذلك من خلال إعطاء مساحة للدلالة في نصوصه، بمرافقة الغناء والتعبير الصوتي الذي تقوم بأدائه غادة، وهذه التجربة التي قدمتها غادة، في اسطوانتها الأولى عن الموشحات، رافقها فيها الكثير من المبدعين، منهم شربل روحانا - الذي زار البحرين قبل فترة - عازفا على آلة العود بمركز الشيخ إبراهيم.

ولعل صوت غادة شبير - هذا الصوت المثقف، والمدرك - هو صوت أستاذة جامعية للغناء الشرقي؛ ما منحها ذلك عناصر النجاح؛ فهي من جهة صاحبة موهبة كاملة عناصر الروعة، ومن جهة أخرى تمتلك التقنية العلمية والأكاديمية، التي تمكّنها من تطويع وصقل هذه الموهبة، أي أن باستطاعتها منح إمكانات الصوت حتى مداه الإبداعي، وأخذ الخيار الفني الغنائي حتى أقصى درجات خلقه.

ولعل اختياراتها التي لا تقل أهمية ودلالة على ثقافتها، سواءٌ أكانت الغنائية أم النصوص التي تعمل على غنائها وعلى اختيارها، فقد عملت على بعض تجارب عمالقة الطرب، كرياض السنباطي، محمد القصبجي، ومحمد عبدالوهاب وأعمال للرحابنة، كما كان انتقاؤها لكل من أحمد شوقي والأخطل الصغير، وأندلسيات لها قيمتها الشعرية العالية، دلالة أخرى على أن هذا الصوت المثقف، لسيدة مثقفة، تعرف كيف تختار بعناية فائقة نصوصها ومقطوعاتها، بعيدا عن المعلب والجاهز والساقط. بذلك رسمت غادة شبير صورة رزينة، ترافقت مع كل أمسياتها، واختيارات سواءٌ أكانت للنص أم اللحن، وسحبت هذا الاتزان إلى المسرح كذلك، بنوعية لباسها أو طريقة وقوفها أمام الجمهور، موازنة بين ثقافة متزنة، وحضورٍ لا يقل اتزانا عن فكرها وعن ثقافتها. هذه الرصانة التي تخلقها غادة تمنح المتلقي كثيرا من الاحترام لتجربتها، ويخجل أمام مثل هذه التجربة حتى من المقارنة بين هذا الفن، ونتاج الحاضر «هشك بشك».

غادة شبير - التي تعمقت في دراسة الألحان السريانية، والمقطوعات الدينية السريانية - تجربة فريدة في التعامل مع النص المقدس، بطريقة تجعل من هذا النص غنائيا، ويحتمل الإدهاش، وربما يكون التعامل مع النص السرياني القديم يحمل مصاعبَ عدة، سواءٌ أكانت في قراءته، أم غنائه نصا قابلا للغناء. ربما ذلك ما يجعل من تجربة غادة لافتة ومتميزة أيضا، فمنذ فيروز وغنائها للنص المقدس، أو للعذراء والسيد المسيح، غاب هذا الصوت - الذي يمكنه التعامل مع النصوص، ونصوص قديمة، نفضت عنها غبار الزمن، ومنحتها حياة جديدة - تسلل عبر خبرة صوت غادة إلى قلوب الناس.

أصدرت غادة ألبومها تحت اسم «موشحات»، بالتعاون مع شركة فوروارد ميوزك، فحازت به الماجستير في العلوم الموسيقية والغناء الشرقي، من جامعة الكسليك في لبنان المتخصصة في غناء الموشحات والتراتيل السريانية القديمة. حازت جائزة الأغنية العربية في دار الأوبرا في القاهرة العام 1997. صدر لها كتابان، الأول «الموشح بعد مؤتمر القاهرة 1932»، والكتاب الثاني «سيد درويش الموشح والدور».

كما تعتبر غادة أن الموشح له سمة خاصة؛ إذ لكل مقطوعة فيه إيقاعها الخاص بها؛ ما يمنح العمل كما تقول غادة «كسرا للرتابة»، فالموشح الذي يتألف من خانة وأدوار وغطاء، هو عبارة عن جمل موسيقية تؤديها فرقة، في حين أن الخانة هي للأداء المنفرد، إذ تعتبر مساحة صغيرة؛ لذلك نجد أن الاسطوانة اعتمدت على الغناء المنفرد؛ لإعطاء شكل مختلف لأداء الموشح، وهو خيار من حق أي موسيقي، كما فعل الموسيقيون القدامى.

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً