العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

استملاكطيقية أخرى

«الاستملاك هنا ليس علاقة بين شخصين/ جماعة وشيء/ أشياء، بل هو أساسا علاقة بين أشخاص وجماعات، وتظهر هذه العلاقة في صورة حق الجماعة في الانتفاع بما استملكته واستحوذت عليه، وحقها - كذلك - في منع الآخرين المختلفين في الانتفاع أو حتى الاقتراب من هذه الاستملاكات».

نادر كاظم

إن الحديث عن «طبائع الاستملاك»، وطرائق الذات «غير المحببة للاستملاك», لدى الإنسان «الزمني»، هنا أو هناك، لا يرتبط بماهية الاستملاك وحده فحسب، إذ هي فكرة مستجدة، تفرض نفسها عبر سلسلة من الحالات الصحية والمرضية، لنظام سياسي، وأخلاقي، وطائفي، واجتماعي، واقتصادي، فضلا عن كونها مظهرا سلطويا، قبل أي شيء.

وتتجلى حداثة «الاستملاك»، ضمن حلقة مفرغة، ضيقة، منغلقة، إلا أنها تمثل قوى مجتمعية فاعلة في هذا النطاق من الاستملاك الحيوي المباشر، قد يكون متعسفا بفرديته من جهة، وقد يكون نوعا من الحراك المؤسساتي ضد مؤسسات مدنية من جهة أخرى، وأحيانا، تملأ وتعبأ الحوادث متى أرادت ومتى شاءت.

ويستدل هنا كاظم بقوله: «صار من الواضح أن ما هو قائم اليوم من هذه المؤسسات يعاني من عجز حقيقي في قدرته على تعطيل أي تنشيط خارجي للنسق مهما كانت قوته أو ضعفه، بل كثيرا ما توسّل النسق بهذه المؤسسات وحوّلها إلى أداة من أدواته». ويعني بذلك أن «الرهان على مثل هذه المؤسسات هو رهان خاسر وفي غير محله».

وعليه، إن «الاستملاك»، دلالات واستدلالات مفتوحة إلى عالم الموضوعات والتمثلات، وهي بالتالي رهان متغلغل ومضطرب لقوى السلطة الأولية، ولمن يحتكر ويمتلك، التمثيل التشريعي والتنفيذي أيضا، قولا وفعلا، تشوبها آراء داخل آراء، هي فقط منطلق فضفاض لاستثارة «الاستملاك» الأحادي بشكل حثيث، أو التوقف عند «الاحتكار»، شعارا هادفا للغاية.

في حين، يوضح المفكر كاظم الاستملاك بقوله: «وبهذه الطريقة جرى إعادة إنتاج لصيغة سياسية واجتماعية جديدة من الدولة إلا أنها أقرب إلى (حالة الطبيعية) حيث الجميع في حرب ضد الجميع من أجل استملاك ميدان الدولة المشترك واحتكاره، فتحولت الدولة إلى مسرح لصراعات جماعية وعُرفية وطائفية ومناطقية وطبقية وايدلوجية وأسرية». وبطبيعة الحال، يمثل الاستملاك ستائر الآخرين، وما يراوح خلفه، خلل موضعي قابل للتفشي بين فينة وأخرى.

بيد أن، الفهم الإجرائي للنخبة الجديدة نحو «الاستملاك»، لا يكفي لدحض الاستثمارات المختلفة، ضد الآخر ومع الآخر، سواء أكان انتماء ولائيا أم انتماء وطنيا أم انتماء طائفيا، يبعد بأبعاد، ويختزل محيطا تعبويا، لا يحد منه التوافق والتعارض، ويشير المفكر كاظم إلى «هذا الصراع وفق منطق اللعبة الرمزية حيث ينخرط الفاعلون اللاعبون ضمن اللعبة ووفق أعراف خاصة واستراتيجيات محددة. وتجرى في هذه اللعبة تحركات استباقية لاستملاك الميدان العام قبل الآخرين، وسعي محموم من أجل تحصين الاستملاك بوسائل عديدة». والجميل بهذه اللعبة وفق منطق المفكر كاظم أن «ما أخذ بقوة الاستملاك الرمزي لا يرد إلا بقوة الاستملاك الرمزي المضاد، وأنه لا يهزم الاستملاك الرمزي إلا استملاك رمزي مضاد يكون أقوى وأشد تأثيرا».

نموذج الاستملاك، هو ضرب من فتح الأفق اللانهائي؛ للبحث المنهجي والتغلغل لمعالم «طبائع الاستملاك» الابستمولوجية، «لنادر كاظم»، فكرا ونقدا، إذ شكل النقاش في منطقية العقل الانساتي في التملك، تيمة أساسية حاضرة، بين البناء المحكم، والتقيد بالدلائل الفلسفية والتراكمات المعرفية، والمفارقة بذلك، التنقيح الدقيق لأكثر من دلالة واحدة وأكثر من معنى واحد. ويبقى السؤال، ماذا بعد الاستملاك؟

* كاتبه بحرينية

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً