العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

السحر خدعة يعتمد الخفة والمهارة

فيلم «برستيج» يكشف اللعبة

السحر كلمة لاتزال مدار خلاف. والسحرة منبوذون عادة. ولكن على رغم ذلك هناك من يراقبهم ويشاهدهم ويعجب بحركاتهم. كلمة «السحر» تجذب وتثير الإعجاب وهناك من يصدق أن السحرة يملكون قدرات خارقة للطبيعة. فيلم «برستيج» الذي يعرض في السيف يتحدث عن السحر ليس بصفته تلك القوة الغيبية وإنما مجرد طريقة فنية للخداع يعتمد أسلوب الخفة والبراعة في شد انتباه المشاهد وإيهامه بأن ما يراه هو حقيقة بينما الواقع يشير إلى كونه مجرد خدعة فنية تقوم على مراحل ثلاث.

كل مرحلة لها خاصية معينة ولكن الأخيرة (البرستيج) هي الأهم لأنها تتطلب من «الساحر» الإظهار بعد الغياب. ومن يملك مقدرة «الإظهار» يكون قد وصل إلى مرتبة عليا في الخداع.

هذه الفكرة تشكل نقطة مركزية في الشريط السينمائي. فالسيناريو مخادع لأنه يقوم على قاعدتين: الأولى سرد رواية درامية عن وقائع حدثت في نهاية القرن التاسع عشر تتحدث عن ذاك التنافس الذي حصل بين ساحرين. والثانية تكشف ببساطة أن السحر مجرد كذبة وهو يعتمد أسلوب الخداع مضافا إليه تقنيات تسهل للساحر خطته وتخرجها للمشاهد وكأنها حقيقة لا تُرد.

السيناريو ذكي لأنه من جهة يقدم قصة صراع بين مشعوذين أذهلا الجمهور في عهدهما وفي الآن يظهر من جهة أخرى أن ما يقال عن السحر والقدرات الخارقة مجرد أكاذيب وليست سوى مجموعة أوهام يزرعها الساحر في عقل الجمهور.

من هذه النقطة المزدوجة يبدأ المخرج في عرض فكرته انطلاقا من تلك القصة الواقعية. القصة تتحدث عن ساحرين يقدمان تلك العروض المدهشة. ولكن كل ساحر يريد أن يكشف ألاعيب خصمه حتى لا يسقط في المنافسة. وهنا يبدأ كل فريق بالتجسس على الآخر لمعرفة أساليب الخداع التي يعتمدها وكيف توصل إليها ومن هي الجهة المساعدة التي تقبع عادة وراء الستار لتمرير الخدعة على الجمهور.

ومن خلال هذا الصراع الخفي تنكشف أسرار اللعبة وتظهر للمشاهد كم هي سخيفة تلك الألاعيب إذا عرف المتابع «سرها». وحين يعرف سرها تصبح سهلة ويمكن تقليدها.

إلا أن «السحر» له جوانب أخرى منها الخفة والسرعة والبراعة في التمثيل والقدرة على جذب الانتباه إلى ناحية حتى يمكن تمرير اللحظة وإظهارها وكأنها مسألة خارقة تفوق قدرات البشر وتصوراتهم. ومثل هذه الجوانب السحرية لا يملكها البشر العاديون وإنما تحتاج إلى أفراد مهرة يتميزون بخفة تسمح لهم بتمرير هذه الأنواع من الخدع. وأكثر من ذلك. كل «ساحر» له لعبته الخاصة التي تميزه عن غيره. وهذه اللعبة تكون عادة معقدة حتى أنها تمر على منافسه. وكل منافس يأخذ بالتآمر على غريمه بحثا عن «السر» الذي إذا انكشف انتهت فرادة اللعبة.

هذا هو عنوان دراما فيلم «برستيج». فالمخرج أراد بهدلة هذا النوع من الخداع من خلال رواية قصة حصلت حوادثها في القرن التاسع عشر. والقصة تدور حول التنافس بين رجلين يمتهنان تكتيكات الخداع.

يبدأ التنافس عادة حين يستطيع أحدهم أن يبتكر لعبة جديدة تكسب شعبية وتشد الجمهور إلى المسرح للمشاهدة. الجمهور عموما لا يصدق كما يقول المخرج ومع ذلك يواصل المتابعة. والجمهور قد لا يكون من المخدوعين ولكن الناس عادة تحب من يخدعهم أو تتظاهر بالتصديق على رغم قناعتها أن هناك خدعة تحصل أمامهم.

هذا النوع من الجمهور تعتمد عليه السحرة لتوسيع نشاطهم. كما أن «السحرة» يعتمدون على مهندسين وفنيين وأشخاص سريين لمساعدتهم في تطبيق أفكارهم. فالساحر يضع الفكرة ويرسمها في صورة وبعد يأتي العمال الفنيون والمهندسون لهيكلة الخدعة وتأمين المستلزمات لنجاحها.

المخرج حسم المسألة من البداية. السحر خدعة تقوم على الخفة والمهارة الفنية وفريق العمل المتعاون معه. ولذلك ذهب في موضوعه إلى رواية قصة صراع بين ساحرين وتنافسهما وسرقاتهما وتآمرهما وصولا إلى الابتزاز والقتل. كل «ساحر» يريد أن يكشف سر خصمه. ولذلك لا يتردد أن يبتكر كل أساليب الخداع ضده. وحين يتآمر «ساحر» على «ساحر» يصبح الصراع على سوية عالية من فن الخداع. فهما من مهنة واحده ويعرفان سرها ويبقى عليهما معرفة إدارة لعبة الصراع للانتصار في نهايتها.

ومن هنا نجح المخرج في كشف قوانين اللعبة وقواعدها بطرح تلك القصة التي تبين في نهايتها أن سر المنافس يكمن أن له شقيقا «سريا» يشبهه ولا أحد يدري به. فالساحر يظهر ويختفي ليظهر الآخر (الشبيه) ولا أحد يعلم بالأمر. هذه اللعبة أنهكت عقل المنافس وأراد أن يعرف سر الخدعة وتدور المعركة وصولا إلى نهاية مأسوية. فالنهاية صعبة ولكنها كانت مطلوبة لاكتشاف سر الخدعة. فالشقيق الآخر (الشبيه) هو الزاوية الخفية. والزاوية المخفية في الموضوع هي في النهاية تلعب لعبة الساحر.

اللعبة إذا كلها مجموعة أكاذيب تعتمد الخداع وازدواج الشخصيات والظاهر على المسرح وذاك البعيد عن الصورة. والازدواجية في معنى من المعاني هي شكل من أشكال الخفة التي تعتمد على حاجة الناس إليها حتى لو أدركت أن ما تراه ليس صحيحا. فالناس ترفض الخداع ولكنها أيضا لا تتردد في تصديقه.

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:31 ص

      لمى

      ببببببببببببببببايخ مرة

    • زائر 3 | 3:05 ص

      صح لسناك

      أيه والله قال الله في القرآن هذا الكلام وقال أنها خدعة وأنا أتذكر مواقع يقولون أنهم سحرة بس في النهاية أكتشفت خدعهم ههههههه خدعة سخييييييييييييييييييييييييييفة

    • زائر 1 | 3:05 ص

      صح لسناك

      أيه والله قال الله في القرآن هذا الكلام وقال أنها خدعة وأنا أتذكر مواقع يقولون أنهم سحرة بس في النهاية أكتشفت خدعهم ههههههه خدعة سخييييييييييييييييييييييييييفة

اقرأ ايضاً