العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ

«إلى الخادمة مع التحية»... تبادل أدوار الحاكم والمحكوم

مهرجان الكويت للمسرح

شهدت قاعة مسرح الدسمة، أولى عروض مهرجان الكويت للمسرح مع مسرحية «إلى الخادمة مع التحية» لفرقة المسرح العربي. قدم العرض الفنانان أوس الشطي وهبة سليمان اللذان سبق وأن قدما في الدورة الثامنة من المهرجان عرضا جميلا بعنوان «من هو من؟». العرض الجديد حقق نسبة حضور ورضا جيدة من قبل المتلقين، لاحتوائه التوازن المفترض كون العرض يحمل فكرة معينة «واضحة»، صبت في إطار كوميدي خفيف أعتمد غالبه على كوميديا الموقف.

أوس الشطي فاجأ الجمهور بالطاقة التمثيلية التي تفجرت بالعرض, وهو الأمر الذي حقق له الفوز كأفضل ممثل واعد هو وزميلته هبة سليمان التي فازت بأفضل ممثلة في دور ثان. سليمان لم يمنعها ارتداؤها للحجاب مواصلة التمثيل والعمل بالمسرح على رغم كل معوقات العمل فيه، بل إنها من بين الممثلات المجتهدات، وهي ترفض لاكتفاء بشهادتها في مجال التمثيل والإخراج، وتبحث دائما عن فرص للتدريب والمشاركة في مختلف الأعمال المسرحية.

كذلك تألقت في عرض «إلى الخادمة مع التحية» الفنانة البحرينية شذى سبت التي تدرس حاليا التمثيل والإخراج بمعهد الفنون المسرحية بدولة الكويت. العرض الذي كتب نصه المؤلف الإيراني جوهر مراد وأخرجه محمد سليمان يستعرض قصة زوجين عجوزين مترفين و... كسولين. يعاني هذان الزوجان من عدم قدرة أي من خدم المنازل من الاستمرار في العمل لديهما بسبب كثرة المطالب والتضييق على خناقها وانتقاد تصرفاتها طوال الوقت. يعقد الزوجان اتفاقا يقضي بتغيير معاملة الخادمة القادمة لهم حديثا، للاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة. الخادمة التي قامت بدورها شذى سبت، تذهل بداية من هذا التغيير لكنها مع الوقت تتأقلم مع الوضع الجديد، وتبدأ في نشر سيطرتها على المنزل حتى تسلب الزوجين منزلهما من دون أن يتمكنا من عمل شيء. لعبة الخادمة بدت مكشوفة منذ البداية، لبعض المشاهدين، خصوصا المطلعين منهم على النص. عدا عن أن الحوار الطويل الذي دار بين الزوجين في بداية العمل كان طويلا بشكل يكفي لإفقاد المتلقي تركيزه. وهو حوار قصد منه تعريف المتفرج على الحاصل قبل العرض من أسباب عدم استمرارية الخادمات، على رغم أن هدف هذا الحوار وصل مبكرا للجمهور ولم يكن مبررا أبدا الاستغراق فيه. إضافة إلى ذلك كان متوقعا أن يسبب دخول الخادمة نوعا من التحريك للحدث والاستمتاع باللعبة المسرحية أكثر، لكن هذا لم يحصل على رغم كل التمهيدات المسبقة.

وفيما كانت النقلة للنهاية سريعة، تباينت حول العرض وجهات النظر والتأويلات التي اقترحها البعض، وبنى عليها البعض الآخر تأويلات أكثر! إلى درجة الاختلاف في الرؤى النقدية والانطباعات التي خلفت العرض مباشرة.

أضواء على العرض

الفنان السوداني علي مهدي قال عن عرض «إلى الخادمة مع التحية» إن به تقدما كبيرا في صوغ الفكرة، والفرجة والرؤى المنهجية، كما كان به الأداء التمثيلي البسيط ولا تصنع بالصوت.

أما الفنان المصري جلال الشرقاوي فقد استهل رأيه باستفهام عما إذا كان النص قد ترجم حرفيا أم أنه معد من النص الأصلي إذ إن المؤلف إيراني.

كذلك ركز الشرقاوي على الفكرة التي أراد المؤلف نقلها, و«هل المقصود منها ديكتاتورية البروليتاريا، إذ يصبح الخادم سيدا والسيد خادما؟ هل هو إسقاط لعملقة الأقزام وتقزم العمالقة؟» كما لفت انتباه الشرقاوي, أن العرض عابه شي من التطويل في العرض وكان بالإمكان الاستفادة من فكرة النص بشكل أكبر. الديكور كان بسيطا وواقعيا لكن كان يجب أن نرى آثار القذارة أكثر كدليل لحاجة العجوزين للخادمة بالمنزل، حتى بدخول الخادمة كان الوضع يتطلب أن يكون المشهد أكثر ديناميكية، والتمثيل بشكل عام كان جيدا ولكن عابه بعض الانفعال الذي يجب أن يكون من الداخل أكثر تماسكا.

نجوى أبو النجا وجدت «أن منطقة الحوار كانت رتيبة وكان بالإمكان أن تفعّل بشكل أفضل، والعمل كان يعزف على ثيمة الاحتياج وبالتالي التحمل وهو قد ينعكس على أمور كثيرة بحياتنا اليومية»، وعن الديكور تقول أبو النجا إنه خانق وتعتقد أنه استخدم بهذه الطريقة بقصد من مخرج العمل.

الفنان الأردني غنام غنام يرى «أن الشيخوخة ليست وحدها التي أوصلت الزوجين إلى ما هم عليه من عجز وهذا ما مكن الخادمة منهما. ولعل هذا ينطبق على حالات كثيرة مماثلة بين الحاكم والمحكوم وبين الغريب القادم، الفكرة كانت ذكية ومطلقة»

وقال عن إعداد النص للمسرح «إنه لا يمكن أن يوجد نص جاهز للعمل في المسرح بل يجب إعادة صوغه والعمل فيه مرارا حتى يخرج بالصورة النهائية. وأعتقد أن هذا النص لم يعد بشكل جيد، لكن بالمقابل كانت هناك لفتات ذكية للمخرج مثل لقطة الفلاشات التي وضحت تطور المشاهد، والكراسي المتناقصة في المشهد والذي بدت فيه الخادمة بقمة الاستبداد، لكن هذا الذكاء الإخراجي لم يطبق للأسف على ثغرات أخرى كانت تحتاج لتوظيف أكثر».

وركز الأستاذ بالجامعة الأردنية مؤيد حمزة على مسألة التردد والتخبط في العرض، متسائلا «ماذا كان الكاتب يريد أن يقول؟»

أما أستاذ النقد المسرحي نادر القنة فقد قال : «مسألتان مغريتان للحديث عن هذه التجرية الأولى عن جوهر مراد ككاتب وتوجهاته الفردية، التي عكست آراءه بشأن مفهومه للبرجوازية وموقفه الشخصي، لذلك أرى أنه عرى الطبقة البرجوازية وبالمقابل ساند طبقة البروتاريا، وملاحظ أيضا أن النص مشبع بنفس موليير الساخر فيه، أما الأمر الآخر فهو شجاعة المخرج في مقاربته للثقافة الفارسية ومحاولته الجيدة بتقديمه»

إلا أن العرض خانه الدرماتورجية وهي الكلمة البديلة التي أقترحها القنة بدل كلمة إعداد إذ لا يمكن الخلط بين المفردتين في العمل المسرحي. والملاحظ أيضا أنه حذف كثيرا من جزيئات النص وأضيفت إليها أخرى وهي مسألة غربت العرض.

وبين الفنان فرحان بلبل أن المسرحية تبدو له سياسية أكثر منها واقعية، «لكن إذا كنت سأكتشف ما يجري منذ البداية ما المتعة التي سأجنيها حتى نهاية العرض؟».

أما الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت بدر الرفاعي فقد كانت له وجهة نظر مغايرة تماما، إذ أوضح «أن مصطلح البروتاريا يطلق على المجتمع الصناعي فقط، لا يمكن أن ينسب هذا المصطلح لأي كان أو ربطه بموضوع قد يحمل وجهة نظر مختلفة عما أثير بشأنه، لكن السؤال الحائر الذي أجاب عليه التاريخ مرارا: هل من المستحيل أن يصبح الخادم سيدا؟».

العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً