العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ

محمد رسولي فنان يعشق الجمال حبا في الله

زائر لمعرضه وصفه بـ «المعلم الكبير». زائر آخر وصفه بأنه «عبقري الخط»، متمنيا أن يحظى بفرصة ليتأمله وهو يخط بقلمه على ورقة، ماسحا على فمه بما يوحي أنه لن يستطيع الكلام بعد أن يعيش تلك اللحظة، وعلى رغم ذلك التبجيل الكبير له ولفنه ولإبداعه، فإنه يحطم ذلك الإطار النوراني الذي يرسمه حوله زواره من عشاق الخط العربي، بأسلوبه المتواضع والبسيط في التعامل.

الفنان الإيراني محمد جليل رسولي، وعلى رغم حاجز اللغة الذي بيننا، كان يتطلع إلي بابتسامة ودودة وبسيطة، يناقش الأسئلة باللغة الفارسية التي يعتز بها، ليجعل من الوسيط الذي بيننا يعيش انبهارا من الأسلوب الفلسفي الذي يتحدث به، ومدى ورعه الذي دفعه إلى توجيه مَلَكَة الخط التي لديه؛ ليجسد بجمال الإبداع الفني جمالية العبارة وروحها، منتهجا لذلك شعار «إن الله جميل يحب الجمال».

على رغم تَكرار زيارته البحرين أكثر من مرة، فإنها المرة الأولى التي يلتقي خلالها الصحافة، وقد أبدى سعادته بذلك، وخصوصا أن العديد حاولوا التحاور معه في السابق مع بقاء جدار اللغة حاجزا يفصل بينهم، وكان لـ «الوسط» السبق في لقاء الفنان.

كيف تكونت لديك فكرة أن تكون اسما له ثقله في مجال الخط العربي ومجال الفن؟

- انتقلت إلى طهران حينما أصبح عمري 14 عاما، بعد أن أتممت دراستي الابتدائية في منطقة همدان، حينها بدأت العمل في مجال الفن والخط، ولي معرِض خاص في طهران، وقد ألفت الكثير من الكتب في مجال الخط، تم توزيعها في المعارض التي كنت أدعى لها، إذ قمت بتلبية العديد من الدعوات لدول عربية وعالمية، منها سوريا، قطر، باكستان، الإمارات، السعودية، لبنان، كندا، بريطانيا، الصين، تركيا واليابان، وقد قضيت 45 سنة وأنا أعمل في هذا المجال.

ما البعد الحقيقي؟ وأيها أقرب إلى ذاتك من الخطوط، والذي تعيشه صديقا أقربَ من غيره؟

- أتلذذ بخط الرشتي القديم، والخط الفارسي إذ لهما واقع خاص في نفسي.

هل تفرض البيئة أو لها تأثير على اختيار الفنان لنوعية الخطوط، وخصوصا أن كل بلد له توجه نحو خطوط معينة دون الأخرى؟

- الفنان إحساسه قوي، عندما ينوي الكتابة، يأتي بالقلم، ويضع الورق أمامه، وتأتيه العبارات لا شعوريا، فيقوم بخطها. وبطبيعة الحال، إن البيئة التي يكون متواجدا فيها لها تأثير كبير على عمله، ويكون هذا التأثير إيجابيا، وليس سلبيا، لأن إحساس الفنان القوي يهديه إلى اختيار التأثير الإيجابي الذي يرضي الناس دون التأثير السلبي.

وألفت هنا إلى أن الفن والخط ليس لهما وقت محدد، لأن العملية اقرب لأن تكون إلهاما، ففي بعض الأحيان وأنت جالس، يأتي الإلهام، فتأخذ ورقة وقلما وتبدأ الأفكار التدفق، لذا فليس هناك وقت ولا مكان محددا للإبداع.

ماذا عن استخدامك أكثر من خامة في العمل والابتعاد عن الأسلوب التقليدي؟

- تميزت من غيري أن أغلب الفنانين يتعلمون هذه الأمور من خلال متابعتهم ما يقوم به الفنانون الآخرون، فنجد أن هؤلاء الفنانين يتشابهون في أساليبهم نوعا ما، إلا أن أساليبي فيها ابتكارات جديدة وخاصة بي، وخصوصا أني تعلمت وجربت أساليب مختلفة بنفسي.

علامَ يعتمد نجاح أعمالك؟ وما مدى قناعتك بطرحها للمشاهد؟

- خلال الأعوام الخمسة والأربعين التي عملت فيها، ومن خلال تأليفي الكتب المختصة في هذا المجال، أجد أني وفقت في أغلب ما قدمت، ولم أوفق في بعضها، وهذا الشيء يعود إلى مشيئة الله، ولكني وفقت في إيصال المعلومة التي أريدها إلى الناس، وهذا الشيء يشهد لي به زوار المعارض التي شاركت فيها، وانا فخور بهذا الأمر، ولو سألت الدول التي زرتها لأجابتك بذلك، لأنها تعرفني شخصيا، وتعرف نوعية أعمالي والرسائل الموجهة من خلالها.

لكل عمل تاريخ وموروث، فهل كنت خليفة أو سفيرا لإرث معين؟

- قد لا تكون متخصصا في الخط أو درسته في السابق، إلا أنك تفاجأ في بعض الأحيان بانجذاب نحو هذا الفن، فتبدأ التمرس فيه وتصل من خلال الممارسة إلى مرحلة من الإتقان في هذا المجال. ومن جانب آخر، قد يجد الشخص في نفسه مَلَكَة الخط بالفطرة، وهي نعمة أنعم الله بها عليه، وأنا اعتبر نفسي من النوع الثاني الذي انعم الله عليه بمَلَكَة الخط، إلا أني سعيت إلى تطوير هذه المَلَكَة بالممارسة.

الشيء الذي جعلني أهتم أكثر بهذا المجال وأعطيه جل وقتي هو عبارة مهمة، وهي «إن الله جميل يحب الجمال»، فإذا كان الله على هذا القدر من الاهتمام بالإبداع والجمال، فلمَ لا أنجذب إليه؟

لذا فقد سعيت جاهدا إلى أن أقدم عملا جميلا، أرضي به الله، إذ إن معنى الجمال لا يتعلق فقط بجمال الروح، بل جمال الإبداع الفني الذي يجسد جمالية الفكر والعبارة.

وإيمانا مني بأن أي فنان، لا يصل إلى هذه المرتبة إلا بتوفيق من الله، وأن على الإنسان أن يرد جزءا من هذا الجميل إلى خالقه، ويشكره على هذه النعمة، ولذلك بذلت كل ما لدي من طاقة حتى أبدع في مجالي، حتى يكون الله راضيا عن أسلوبي في استغلال الموهبة التي منحني إياها في مجال خير يرضيه ويرضي الناس.

واختتم حديثه بالقول: «نجاح الإنسان يبدأ حينما يصل إلى مرحلة الإتقان، حينها يجب أن يبذل مجهودا مضاعفا عن المرحلة السابقة؛ لينتقل ويصبح فنانا، وقد مررت بالعديد من المصاعب، ولكني أؤمن بأن النجاح يأتي من وراء هذه المصاعب».

العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً