العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ

«سبع ليالي»... دراما متجددة لكل زمان ومكان

على رغم أنها مسرحية تم تأليفها في مطلع السبعينات، فإن الروح والإحساس اللذين كتبت بهما تمثلان الحوادث المتكررة التي يمكننا أن نراها في كل مكان وزمان، وعلى رغم الطابع التراثي البحريني للديكور، فإن خيال المشاهدين استطاع أن يطابق حوار مسرحية «سبع ليالي» مع ما تسنى لتجربة كل منهم أن يتطابق معه.

كما كنا نقول، فالرواية كتبت في مطلع السبعينات، وكان مؤلفها راشد المعاودة ينقل معاناة الناس في تلك الفترة من الفقر المدقع الذي يعيشونه بسبب الحرب التي كانت دائرة آن ذاك، وكيفية تعاطي آبناء الطبقة الفقيرة المعدمة مع طبقة من الأغنياء وذوي السلطة في المجتمع.

أحيى مسرح الجزيرة في أولى ليالي مهرجانه هذا النص، برؤية المخرج خليفة العريفي، الذي حافظ على الطابع التراثي في ديكور المسرحية، على رغم أنه كان يستطيع تقديم الحوار في بيئة عصرية، أو في قوالب أي دولة يشاء، لما كان للنص من طابع المعاصرة والتطابق مع ما تعيشه الكثير من الأمم من ظروف في الوقت الحالي.

أتت المسرحية بصورة رجال الحي، وهم يجتمعون في المقهى الشعبي يشتكون همومهم، ويلومون الظروف المحيطة بهم من اشتداد الفقر، وظلم النواخذة، وهم كبار رجالات الحي، والمحكمين على موارده من الطعام والأمور الأساسية للحياة، لتتطور الأحداث بعرض الصراع الأزلي بين فقراء الحي، والنوخذة (حجي سالم) الذي أدى دوره الفنان حمد عتيق، والذي يحتكر كميات التمر الموجودة في المنطقة لديه، ويرفض توزيعها على المحتاجين من أبناء حيه.

يوظف الكاتب في الحوار ثلاث قضايا رئيسية، تتمثل الأولى في شخصية الشاب (محمد)، الذي أدى دوره الفنان عصام ناصر، والذي يصور أحد أبناء الطبقة المثقفة آن ذاك، يسعى لنشر الوعي بين أبناء منطقته بأهمية المطالبة بحقوقهم، وفق المبادئ والقيم التي يحملها، دون أن يتمكن هو نفسه من الدفاع عن حقوقه التي سلبها منه النوخذة، والتي تأتي في صورة زواج الأخير بالفتاة التي يحبها الشاب.

القضية الثانية كانت في صورة رجل الدين (المطوع عيسى) الذي أداه الفنان خليل المطوع، إذ كان يبث حالة من التخدير في المجتمع، بحثهم على الصبر والدعاء ابتغاء الفرج، والذي يتصادم مع (محمد) في مشهد يطلب منه الأخير أن يستخدم خطبة الجمعة لحث الناس على المطالبة بحقوقهم، فيبدي المطوع رفضه لذلك بحجة أن خطبة الجمعة يجب أن تكون للدين فقط، ما يدفع محمد إلى مواجهة المطوع بحقيقة قبوله لكميات من التمور ثمن سكوته عن الحق، وعدم دفعه الناس للمطالبة بحقوقهم.

أما القضية الثالثة، والتي اختتمت بها المسرحية فكانت تدور حول (جسمان صاحب المقهى) الذي قدمه الفنان أحمد مبارك، وهو الشخص الذي ترك عبودية عمل البحار، وفضل أن يكون نفسه بفتح مقهى يسترزق منه، والذي يتطامع على امتلاكه النواخذة، فتتدرج الحوادث مع هذا الشخص بالتصادم التدريجي بينه وبين النوخذة (سالم) حتى تصل أحداث القصة إلى قمتها بتحريكه أهالي المنطقة للثورة المباشرة ضد ظلم النوخذة، واقتصاص الحق منه بقتله.

الطريف في المسرحية توظيف الكاتب في إطار هذه القضايا الثلاث لشخصيتين كانتا شائعتين آن ذاك، وهما لمجنون ومجنونة، يقدمان في قالب المسرحية الكلي بتصرفاتهم وكلامهما المضحك، الخالي من المعاني، عبرة يدفع بها الكاتب من خلال حوارات باقي الممثلين، إذ يمثلان ضحيتي الأذى النفسي الذي يتعرضان له من النواخذة، والإنعكاس السلبي عليهما، والذي يقود (حبيبي) لفقد داليته إلى الجنون، والمجنونة (لطيفة) لفقد ابنتها للحال ذاتها.

العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً