قال رئيس الوزراء السوداني السابق وعضو وفد نادي مدريد السياسي (منظمة تتكون من 66 عضوا من الرؤساء ورؤساء الحكومات السابقين) الصادق المهدي في مؤتمر صحافي عقده خلال زيارته للمنامة أمس ضمن وفد النادي الذي يولي اهتماما للدول التي تمر في عملية التحول الديمقراطي «ان التجربة البحرينية ايجابية وآخذة في التصاعد، لكنها تواجة ثمة عقبات موضوعية تستدعي خلق بيئة أفضل للحوار بين جميع المكونات السياسية».
وأضاف المهدي «وجدنا في البحرين مجتمعا حيا وزاخرا بالتطلعات الاصلاحية، وهذا جزء من مهمتنا للاطلاع على واقع البحرين وحرية التنظيم والحوار الوطني من أجل الاصلاح، ووجدنا تطلعا للاصلاح السياسي، وكل الاطراف التي التقينا بها في البحرين كانت في مستوى الحدث».
واردف ان «التجربة البحرينية وجدنا فيها حيوية واستعدادا للتطور واطراف المعادلة السياسية تستهدف الاصلاح وان اختلفت في السرعة، ولا شك أن التجربة تواجه معوقات موضوعية بحسب الطبيعة وبعضها متعلق بارادة الدولة والمعارضة»، مضيفا: «جئنا لجمع كل المعلومات المتاحة للوصول الى تقييم موضوعي، وهناك اجتماع في قرطبة نظمه النادي لدعوة الجمعيات السياسية في البحرين لدراسة التجربة، وسنقيم لاحقا كيف يمكن إحداث التراضي الوطني وليس فرض جهة على أخرى».
من جانبه قال الرئيس السابق لجمهورية الموريشيوس قسام أوتيم: «جئنا لنستمع شيئا عن السياسة البحرينية ونشرح محاولتنا لتطوير هذه التجربة، ونتعرف عن قرب على حرية تكوين الأحزاب، والتقينا بقيادة تيارات سياسية مختلفة، وعقدنا اجتماعا مع الجمعيات وأعضاء مجلسي الشورى والنواب والنخب الثقافية البحرينية، وتعلمنا الكثير عن الاصلاح الذي يجري في البحرين».
وأضاف أن «الوفد عقد اجتماعات مع نشطاء حقوق الانسان وسنلتقي بالجمعيات السياسية البحرينية»، مشيرا الى ان «نادي مدريد يسعى لتشجيع التحول السياسي والديمقراطي في البحرين ودعم المبادرات في الاصلاح داخل البحرين وتوصيات تتعلق بحرية تشكيل الجمعيات والاحزاب».
وأشار الى أن النادي اختار البحرين كبلد ثالث بعد المغرب، والاردن بقوله: «زرنا المغرب الشهر الماضي والاردن الاسبوع الماضي واليوم نزور البحرين، وسنزور البحرين مرتين مقبلتين أيضا، ونحاول معرفة مكونات التجربة والتحديات التي قد تواجه الإصلاح السياسي» مفصحا بأن «مشروع نادي مدريد يسعى لزيارة مصر والمملكة العربية السعودية وتونس لدعم مبادرات التحول في هذه البلدان الثلاث، والتجارب التي حصلنا عليها في البحرين ستكون موردا جيدا للمعلومات للدول التي سنزورها مستقبلا، ونتمنى العودة إلى البحرين بعد شهر يونيو/ حزيران المقبل لإجراء حوارات رسمية وأهلية».
وأكد أن «الوفد عقد يوم أمس مؤتمرا مثمرا مع وزير الخارجية البحريني، وعبر الوزير عن تضامنه مع مشروع أعضاء نادي مدريد واقترح مشاركة الجمعيات السياسية في المؤتمر الذي دعا له النادي في قرطبة وستدعى له الجمعيات السياسية البحرينية (...) تعلمنا الكثير هنا، وشعرنا من وزير الخارجية أن هناك رغبة حقيقية لمتابعة المشروع الإصلاحي، ولمسنا الشعور ذاته لدى ممثلي الجمعيات السياسية، وكنا على حق في اختيار البحرين لتكون المحطة الأولى في الخليج».
واضاف «هناك تطوير للديمقراطية النامية، وأخذنا ملاحظات لمعرفة ما يمكن عمله لاحقا لمساعدة هذه التجربة على المضي قدما، ولننجح هذه التجربة، والجمعيات السياسية، لدينا اختيار البحرين واحدة من الدول ذات القابلية لنشوء ديمقراطية جيدة».
وعن المعوقات التي تعترض طريق تطور التجربة البحرينية قال أوتيم: «جئنا للاطلاع على التجربة، وهناك آراء مختلفة لدى ممثلي الجمعيات السياسية، وطبعا التجربة الديمقراطية تتطور وهي في تصاعد مستمر، وكل بلد له تحديات خاصة به، ولا يمكن استنساخ تجارب الديمقراطية كقالب جامد» كما رفض التعليق على سؤال لـ»الوسط» عن أفق هذه المبادرة وسط فشل المبادرات الاميركية لدعم التحولات في المنطقة والمتمثلة في «منتدى المستقبل».
وعلى صعيد آخر قال الصادق المهدي ان حزبه قد استعد من حيث تنظيم صفوفه ولكن الانتخابات في السودان بحاجة الى استحقاقات، مشيرا الى ان «هناك ضرورة لعودة النازحين لقراهم حتى يكون الوضع السكاني طبيعياَ وضمان حيادية الانتخابات، ولكن حتى الآن نشاهد في السودان ان جماهيرنا متحمسة للتغيير». وأضاف المهدي: «هناك ظاهرة أخرى اذ اننا نفوز في الانتخابات في الجامعات على الحزب الحاكم وهذه ظاهرة تؤكد الاستعداد الشعبي، واتخذنا مواقف سياسية وتعرضنا للتجربة الاسلامية وعيوبها وعارضنا مسألة قمع الحريات ودفعنا ثمنا الى الحريات وما قدمناه من تضحيات سيجد تجاوبا، وحزب الأمة قريب من أن يكتسح أية انتخابات عامة مقبلة في السودان وفق احصاء مراكز الرأي».
ومن جهة أخرى نفى الصادق المهدي أية علاقة له بنشوب أزمة دارفور وقال: «المسألة في دارفور لا تتعلق بالديمقراطية، ففي الديمقراطية كان أهل دارفور ممثلين في مجلس الوزراء وكانت حال دارفور أثناء الحكم الديمقراطي قائمة على تمثيل كامل، وهو وضع لا يجدونه في التسويات الحالية».
ورأى المهدي ان موضوع دارفور تعقد في ظل ولادة أربع مشكلات جديدة سببها النظام وهي: «الاثنية المسيسة، وجود أحزاب تحمل السلاح ضد الحكومة المركزية وارتكاب فظاعات مأسوية إنسانية أدت إلى نزوح مئات الآلاف من مواطني دارفور من قراهم، والمشكلة الرابعة تكمن في التدويل ونتيجة لأخطاء النظام اتخذت قرارات من الأسرة الدولية ولم يسبق في عهد الديمقراطية اتخاذها، وهناك ما يزيد على 20 قرارا من مجلس الأمن تتعلق بالنظام في قضية دارفور»، لكنه أقر بأن «السودان مستهدف من قبل الولايات المتحدة».
العدد 1694 - الخميس 26 أبريل 2007م الموافق 08 ربيع الثاني 1428هـ