العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ

«هيئة الاتحاد الوطني» أول تجمع سياسي علني في الجزيرة العربية

نشأة الأحزاب القومية في البحرين

يذكر الباحث الكويتي فلاح المديرس في كتابه «دراسة حول الحركات والجماعات السياسية في البحرين 1938 - 2001» ظروف نشأة الحركات والأحزاب القومية واليسارية في البحرين ويذكر الكاتب أن البحرين تأثرت بالمد القومي العربي إذ شُكِّلَت عددٌ من الأحزاب القومية من بينها:

جمعية اتحاد عرب الخليج

وبعد انهيار الحركة الإصلاحية التي قامت في البحرين في العام 1938 بسبب اعتقال قادة الحركة، وهم سعد الشملان وأحمد الشيراوي وعلي الفاضل، وبعد أن أقدمت شركة نفط البحرين (بابكو) على فصل 18عاملا وهروب عدد من المشاركين في الحركة الإصلاحية إلى المناطق المجاورة شكل هؤلاء «جمعية اتحاد عرب الخليج» العام 1939 في البصرة بمساعدة الحكومة العراقية، وضمت «جمعية عرب الخليج» عددا من الشباب القومي من البحرين والكويت وإمارات الساحل مثل إبراهيم العريض من البحرين، ومحمد البراك وعبدالله حمد الصقر من الكويت، وكان الغرض الأساسي من تأسيس «جمعية عرب الخليج» إظهار معاناة الشعب البحريني من قبل الاستعمار البريطاني والمطالبة بحق تقرير مصير الشعب في الخليج العربي. ولم تستمر «جمعية عرب الخليج» فترة طويلة نتيجة انشغال العالم بالحرب العالمية الثانية وتقلص الدعم الإعلامي الذي كانت الحكومة العراقية تقدمه للجمعية.

مكتب تحرير الخليج العربي وجنوب الجزيرة

ساهم القوميون العرب في البحرين العام 1956 في اللقاءات التي ضمت الكثير من الحركات والتجمعات السياسية في منطقة الجزيرة والخليج العربي. وشارك في هذه اللقاءات «حركة القوميين العرب» ممثلة في قيادة إقليم الجزيرة والخليج، و»الاتحاد اليمني»، «حزب الاتحاد العماني»، وتمخضت هذه اللقاءات عن انبثاق «مكتب تحـرير الخـليج العربي وجنوب الجزيرة». الذي وصف نفسه في بيانه التأسيسي الصادر في 25 سبتمبر/ أيلول 1956، بأنه جبهة قومية موحدة تضم جميع الحركات النضالية في المنطقة كخطوة أولى في طريق توحيد النضال العربي كله، وأنه يؤكد التعاون مع جميع الهيئات والأحزاب القومية التي تقوم على أساس الإيمان بالقومية العربية والأهداف التي يؤمن بها. ويشترك في هذا المكتب ممثلون عن الكويت والبحرين وقطر وإمارات ساحل عمان وسلطنة مسقط وإمارة عمان وحضرموت وعدن والمحميات واليمن، واتخذ المكتب من دمشق مقرا رئيسيا له.

الهيئة التنفيذية العليا

تأسست الهيئة التنفيذية العليا العام 1954 على إثر الاجتماع الشعبي الذي دعا إليه أعيان ووجهاء البحرين. وجاء تشكيل الهيئة ردا على الحوادث الطائفية التي شهدتها البحرين في سبتمبر 1953، وكذلك ردا على الرسوم التي فرضتها شركات التأمين البريطانية على سائقي التاكسي مما أدى إلى إضراب سائقي التاكسي مدة أسبوع% وتمخضت سلسلة الاتصالات التي قامت بها العناصر الوطنية من السنة والشيعة في حسينية قرية السنابس في الثالث عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 1954 عن اختيار «هيئة تنفيذية عليا» قوامها مئة وعشرون عضوا تنبثق منها لجنة تنفيذية قوامها ثمانية أعضاء ممثلين عن الشعب، وكان عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان من أبرز أعضائها. وكان من أبرز المطالب التي تقدمت بها الهيئة: الحصول على شرعية الهيئة من قبل الحكومة البحرينية، تأسيس مجلس تشريعي عن طريق انتخابات حرة، وضع قانون عام للبلاد جنائي ومدني، إصلاح القضاء، السماح بتأليف نقابة تمثل العمال ونقابات لأصحاب المهن الحرة، وتأسيس محكمة عليا للنقض والإبرام. ولم تستجب الحكومة لهذه المطالب مما دفع بـ «الهيئة التنفيذية العليا» إلى دعوة الشعب إلى الإضراب العام في 4 ديسمبر/ كانون الأول 1954 ما أجبر السلطة على الاستجابة للمفاوضات ثم الاعتراف بـ «الهيئة التنفيذية العليا» بعد أن وافقت على تغيير المسمى إلى «هيئة الاتحاد الوطني».

تعتبر «هيئة الاتحاد الوطني» أول تجمع سياسي علني له مكانته وممثلوه في منطقة الجزيرة والخليج العربي، كذلك تعتبر أول تنظيم سياسي وطني لا طائفي في تاريخ البحرين الحديث.

واستغلت السلطة ومعها الإنجليز، الانتفاضة الجماهيرية التي تعرضت فيها المصالح البريطانية للتخريب من قبل المظاهرات الصاخبة التي شهدتها البحرين ردا على العدوان الثلاثي على مصر كسبب لاعتقال زعماء الهيئة وقياداتها وإبعاد ثلاثة منهم إلى جزيرة سنت هيلانه وكان من بينهم عبدالرحمن الباكر وحكم على إبراهيم فخرو وإبراهيم موسى لمدة عشر سنوات.

حزب البعث العربي الاشتراكي

بعد عودة علي فخرو وجواد الجشي إلى البحرين العام 1958 بعد تخرجهم من الجامعة الأميركية في بيروت أسسوا أولى حلقات الحزب وانتشرت بعد ذلك أفكار الحزب وأنشطته بين القطاع الطلابي، وكذلك استطاع الحزب أن ينشر أفكاره في أوساط العمال. ولم تكن للحزب نشرات ناطقة باسمه عدا ما يصدر عن الحزب الرئيسي في دمشق كما لا يوجد برنامج مكتوب لتنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي في البحرين ويعتبر برنامج الحزب المركزي هو برنامج فرع الحزب في البحرين. كذلك شارك الحزب في بداية تأسيسه في مظاهرات تأييد للوحدة بين مصر وسورية في العام 1958 ثم بدأ يعاني من انعكاسات الخلاف البعثي الناصري مما أثر على جماهيرية الحزب داخل البحرين.

في العام 1968 عندما سيطر حزب البعث في العراق على السلطة بدأت العناصر الموالية للقيادة التاريخية في البحرين تنشط من جديد وتستعيد مواقعها حيث شارك الحزب في انتخابات المجلس التأسيسي العام 1972 والمجلس الوطني العام 1973 بأحد رموز الحزب رسول الجشي واقتصر نشاط الحزب بعد ذلك بين الطلبة البحرينيين الذين يدرسون في العراق وتلقى هذا التنظيم الطلابي البحريني دعما كبيرا من قبل حزب البعث الحاكم في العراق وأصبحت مواقفه شبيهة وتابعة بالكامل للعراق وفقد قدرته على التعبير عن القضايا المحلية مما أدى به إلى فقدان مواقعه داخل الساحة الشعبية في البحرين ماعدا نشاطاته العلنية في «منظمة الطليعة الشبابية» والتي تعد واجهه للحزب في الحركة الطلابية والشبابية. وخلال السنوات الخمس من السبعينات تخلى الكثير من قيادات الحزب نهائيا عن الحزب وتولى بعضهم مناصب وزارية وقيادية في الحكومة وأصبحوا جزءا من النظام، أما البعض الآخر فعلى رغم انقطاع صلاتهم التنظيمية بالحزب فإن ولاءهم الفكري الإيديولوجي للحزب مازال قائما ويواصلون نشاطهم الفكري والثقافي ضمن توجه قومي عربي من خلال نادي العروبة.

حركة القوميين العرب

تأسست العام 1959 في البحرين حيث بدأت الحركة في تأطير نفسها ونسج خلاياها داخل نسيج المجتمع البحريني على يد مجموعة من الطلبة البحرينيين الذين تلقوا تعليمهم العالي في مناطق المد القومي في القاهرة، بيروت، بغداد ودمشق، وكان من أبرز هؤلاء الطلبة أحمد الحميدان وعبدالرحمن كمال اللذان عادا من مقاعد الدراسة في بيروت وباشرا في تأسيس تنظيم الحركة.

انتشرت الحركة بشكل كبير بين صفوف المواطنين البحرينيين، وذلك يرجع إلى أن الحركة وضعت نفسها مدافعا عن عبد الناصر أمام خصوم الناصرية من البعثيين والشيوعيين حيث كانت الناصرية في ذلك الوقت تخوض صراعا مع الحزبين مركزيا مما ألقى بظلاله على الجماهير البحرينية الذين يرون في عبدالناصر محرر العرب وبطل قوميا. وفي العامين 1959 و1961 تم تضييق الخناق على أعضاء الحركة من قبل السلطة مما أضطر مؤسسوها إلى مغادرة البحرين إلى الكويت حيث إن تنظيم الحركة الكويتي يملك إمكانات مادية وإعلامية، ونشط قياديو الحركة البحرينيون في الكويت في قيادة العمل التنظيمي من الخارج، وشهد تنظيم الحركة في البحرين توسعا تنظيميا وانتشارا جماهيريا في أوساط الطلبة والعمال مما مكن التنظيم من تشكيل «الاتحاد الوطني لطلبة البحرين» و»الاتحاد الوطني لعمال البحرين»، وأصدر تنظيم الحركة نشرة شهرية «صوت الشعب» وهي عبارة عن نشرة سرية تعتبر لسان حال الحركة في البحرين في ذلك الوقت. كذلك وجدت مجلة «الحرية» لسان حال «حركة القوميين العرب» التي تصدر من مركز الحركة في بيروت سوقا رائجة في البحرين وكان الكثير من البحرينيين يحرصون على اقتنائها وقراءتها. ولكن أعضاء الحركة في البحرين تعرضوا في العامين 1963 - 1964 للاعتقال والمضايقات من قبل السلطة.

على رغم المضايقات التي وجهت للحركة إلا أنها نجحت العام 1965 في تأسيس «جبهة القوى القومية» والتي تكونت من «حركة القوميين العرب» ومن تنظيمات قومية صغيرة وتجمعات نقابية مثل «الاتحاد الوطني لعمال البحرين» «الشعب أقوى» و»رابطة فتاة البحرين» و»الشبيبة القومية» و»الاتحاد الوطني لطلاب وطالبات البحرين»، واضطلع تنظيم «حركة القوميين العرب» بدور أساسي ورئيسي في قيادة وتنظيم انتفاضة 5 مارس/ آذار 1965 من خلال «جبهة القوى القومية».

في نهاية الستينات أصاب الانحسار والزوال معظم التنظيمات السياسية القومية التي مثلت الاتجاه القومي والتي تأسست في الخمسينات حيث هجرها معظم أعضائها، خاصة إذا عرفنا أن البنية الطبقية لقيادات التنظيمات السياسية القومية معظمها كانت من المثقفين خريجي الجامعات الذين ثاروا بعد عودتهم من الدراسة ضد تخلف الوضع السياسي السائد، فانخرط بعضهم في العمل في مؤسسات الدولة، أما القسم الآخر من القوميين، وبعد سقوط النظام الناصري وسقوط الأيدلوجية القومية، فقد اتجه نحو الأفكار الماركسية - اللينينية حيث أعلنوا عن تبنيهم لمبادئ الاشتراكية العلمية.

العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً