هل بالإمكان كتمان المشاعر تجاه بعض الأشخاص؟ إذا فالاختبار هو في علاقة ذلك الرجل الوقور مع طلبته وزملائه، الذين لا يجدون في أنفسهم القدرة على مقاومة التعبير عن إحساس الحب الذي يجمعهم به، وإحساس الانتماء إلى «كينونته» المفعمة بالإبداع وحب العطاء، اللذين وجههما لخدمة المسرح البحريني، وأثرائه أكثر من جميع المحاولات المسرحية الأخرى، فمع زملاء وأصدقاء وطلبة المسرحي الكبير عبدالله السعداوي نبحث عن النقلة التي حققها في مستوى فهم المسرح، وتجسيد هذا الفهم على الخشبة.
الجميع اعتبروه كنزا وثروة من ثروات الوطن، الجميع اشترك في انتقاد إهمال الدولة له وعدم تجشمها عناء احتواء موهبته وطاقاته الإبداعية، لتحقيق أكبر وأنجح الإنجازات المسرحية من خلاله، إلا أن ذلك كما وصفه الممثل محمد الصفار أشبه بالمرسوم الدائم المفروض على المواطن البحريني المتميز.
الصفار الذي كان من الجيل الثاني الذي التحق بمدرسة السعداوي المسرحية بعد انتقاله من الجيل الأول في نادي مدينة عيسى إلى مسرح الصواري، وجد في السعداوي التفاني والإخلاص في عمله، معبرا عن ذلك بالقول «لم يكن همّه أن يصنع له اسما، وكانت المجموعة بالنسبة إليه أشبه بالخامات، وكنا خامات محفزة، جعلته يصب تركيزه علينا بشكل كبير؛ ليخلق منا كادرا مسرحيا متميزا».
«السعداوي هو المسرح، يجسّد المسرح، والمسرح يتجسّد فيه»، بذلك عبر الناقد المسرحي وتوأم السعداوي المسرحي منذ الطفولة يوسف الحمدان، إذ يجد أن الركيزة الأساسية لدى السعداوي تشكلت عندما بدأ التجريب وبرنامج الورش مع بداياته في مسرحية «الرجال والبحر»، مضيفا «السعداوي اشتغل على الورشة في المسرح، كما اشتغل على جسد الممثل وذاكرته ومخيلته، ليحوّل هذا الجسد إلى معمار حي في فضاء المسرح، فيستغني به عن الإضاءة والديكور».
مدرسته المسرحية ارتكزت على الخلق والارتجال، ولم يعد هناك نص محدد مكتوب، إذ تعامل مع النص وفق قراءة جديدة، إلى جانب انتقائه لنصوص تستثير مخيلته وطاقته على العمل.
الممثل حسين الرفاعي استعرض تجربته المسرحية التي بدأت عن طريق المسرح المدرسي، إلا أن النقلة التي تحققت في مسيرته المسرحية تشكلت من خلال دخوله مع السعداوي في الجيل الأول بنادي مدينة عيسى، معقبا بالقول «السعداوي أحدث نقلة في فهم العمل المسرحي لي، من خلال فهم التاريخ المسرحي والورش التي يقدمها في السينوغرافيا والإخراج والتمثيل، وكان يحثنا دوما على القراءة، ويثير فضولنا للاطلاع، وفي مجمل ذلك خلق فينا شخصياتنا الحالية بنسب متفاوتة بحسب شخصية كل فرد ومستوى فهمه وتقبله لمفاهيم معينة».
وشارك المخرج المسرحي حسين الحليبي الرفاعي في الرأي، معبرا عن ذلك بالقول: «قبل أن أجد نقلة السعداوي في المسرح وجدتها في نفسي حينما كنت تلميذا أتدرب على يده بعد تخرجي من مركز سلمان، خصوصا إذ كانت تجاربي الإخراجية في مجال مسرح الطفل والمسرح الواقعي والكلاسيكي، إذ كانت أول نقلة أصابتني حينما وجدت نفسي في مكان يجعل من المسرح شيئا يحتاج إلى فهم وإدراك كبير ويحتاج إلى تحليل عميق لخوض هذه التجارب، وقد غير ذلك نمط تفكيري وأسلوب فهمي للحياة عموما».
لم يعمل عبدالله السعداوي في المسرح فحسب، بل اشتغل في القلاع والبيوت الأثرية وحتى على السواحل، أما في المسرح، فيكتشف المكان، ويدعو الممثل لاكتشاف إحساس المكان، فالمكان لديه يعني شخصية وحدث، وليس جسدا ثابتا.
«يشتغل السعداوي بأسلوب ورشي، ويدخل في إطار البحث فيما يرغب بتقديمه، وهو لم يلجأ للنص، وإنما تعامل مع المصادر المتعددة لتكوين مسرحياته من الجريدة والوثيقة واللانص والأحداث اليومية» كذا يرى الحمدان، معتبرا السعداوي قامة من قامات المسرح البحريني والخليجي بالعربي والدولي أيضا، آسفا على أنه لم يلقَ حقه، ولم يتم تفريغه للعمل المسرحي.
«تأثرنا كمجموعة بالسعداوي بشكل متفاوت، فكل شخص تأثر بحسب شخصيته وطريقة فهمه وتقبله لمفاهيم معينة، وبرز ذلك حينما أراد كل منا أن يعرض إنتاجه» بهذا يصف الرفاعي انعكاسات مدرسة السعداوي على شخصيته، مؤكدا أن هذا التأثير قد أخذ وقتا ليظهر، مضيفا بالقول «كل ما كنا نتدرب عليه نراه في عروض السعداوي، سواء كنا مشاركين في العرض أو مشاهدين خارج العمل، وظهور السعداوي شكل ظاهرة من خلال أعماله ومن خلال المجموعة التي تتعامل معه، وتقدم ما يسمى بالمسرح لاتجريبي».
الحليبي أكد من جانبه أن من الواجب الإشادة بما قدمه السعداوي، والنقلة النوعية التي حققها للمسرح البحريني، معللا ذلك بالقول «هذه الإشادة لا تأتي من فراغ، فالسعداوي حاصل على المركز الأول في مهرجان المسرح التجريبي في مصر، وهذه الإشادة للمسرح البحريني والخليجي، وما حققه نقلة للمسرح يجب الإشادة بها، وهي من العلامات المسجلة في تاريخ المسرح، فلا يمكن أن تكون مرحلة وتنتهي؛ لأنها في سجل تاريخ المسرح البحريني، لن تتوقف ولن تنتهي، من خلال أعمال السعداوي المستمرة ومن خلال تلامذة السعداوي الذين انتهجوا نهج هذا الرجل العميق في أطروحاته».
السعداوي سعى لنقل مفهوم (الأستذة)، ولم يكن يعلم التقنيات والفنون، وإنما المبادئ والقيم، وكرّس نفسه، وضحّى بحياته الشخصية من أجل الممثلين والمسرح، كي يخلق شيئا للأجيال القادمة.
«هو روح تجزأت فينا ولاتزال منتشرة» بهذه العبارة تكلم الصفار، مؤكدا أن من المستحيل إنكار فظل هذا الرجل الذي يتكلم على مستوى المنتديات العالمية للمسرح، ويتم تسجيل كلماته وتوثيقها، في الوقت الذي لا يلاقي الاهتمام الذي يستحقه في بلده معبرا بالقول «السعداوي يستحق أن يوضع على عرش من عروش المسرح».
العدد 1707 - الأربعاء 09 مايو 2007م الموافق 21 ربيع الثاني 1428هـ
امير سعداوي
امير سعداوي عديم شعور بل الاخرين وهو مزاجي بريكي بشرط وصديقه غرباوي ضياء الدين مش متأدب وصديقه محنش سراج ليس جيد الاخلاق لكن عينيه جذباتان ووصديقه اسامة شين ليس متأدب بتاتا والى القاء