العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ

العرب يعربون عن قلقهم حيال دارفور

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

سافرتُ مطلع الشهر الجاري إلى عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة (أبوظبي)؛ للمشاركة في المنتدى العربي الثاني للبث الإعلامي (ABF).

يشكّل المنتدى تجمعا مثيرا للإعجاب من المراسلين الإذاعيين عبر العالم العربي ومراسلين وممثلين من محطات إعلامية تغطي الشرق الأوسط (الشبكة التي تبث برنامجي الأسبوعي «وجهة نظر» في الشرق الأوسط، «تلفزيون أبوظبي»، هي إحدى المؤسسات الرئيسية التي ترعى المنتدى).

كنت قد حضرت اجتماع العام الماضي وسررت ارتياحا بمستوى الحوار الفكري المعمّق الذي جرى عبر يومين، انخرط فيه زملائي بعملية اختبار ذاتي ناقد لمهنتهم خصوصا ووضع البث الإعلامي العربي عموما. ومما يزيد من السعادة والرضا كذلك حقيقة أن وقائع المؤتمر تم إخراجها وبثها مباشرة على شبكات التلفزة العربية الرئيسية المشاركة؛ ما يعطي المشاهد العربي فرصة للاستماع إلى الحوار الدائر.

كان التركيز الرئيسي لمنتدى العام الماضي على تغطية الإعلام العربي للولايات المتحدة: هل كانت التغطية عادلة؟ هل شجعت التغطية على تحسين التفاهم أم روجت للصور النمطية السلبية؟ وماذا يجب القيام به حتى تتسنى تغطية الخبر بصورة صحيحة؟

ركّز المنتدى هذا العام على عدد من القضايا. كان هناك نقاش بشأن دقة وعدم انحياز التغطية العربية لحروب العام 2006 في لبنان وفلسطين والعراق. كان هناك بحث عن إذا ما كان الإعلام العربي يغطي احتياجات الشباب، والقيم التي يُجرى تشجيعها؟ وإذا ما كانت الشبكات تخسر لصالح الإعلام البديل مثل مواقع البلوغ على الإنترنت.

ثم كانت هناك جلستان من الحوار بشأن إذا ما كانت ملكية المحطات الإعلامية والمنافسة على الدخول المتأتّية من الإعلانات هي التي تقرر شكل التغطية الإعلامية، وإذا ما كان الإعلام العربي حرا بشكل كافٍ لتغطية الموضوعات والحوادث ذات الأهمية. هل كانت هذه المحطات تروّج للقيم الديمقراطية من خلال توفير فرص مناسبة لإسماع وجهات النظر المتباينة؟

أخيرا كانت هناك جلستان منفصلتان عن «دارفور: النزاع المنسي». ركزت الأسئلة التي طُرحت هنا على إذا ما كان الإعلام يغطي تلك الأزمة بدقة ويوفر تغطية مناسبة بحجم وضخامة المأساة الإنسانية التي تتكشف في تلك المنطقة المضطربة من السودان؟

وللمساعدة على تشكيل ذلك النقاش قامت منظمة المعهد العربي الأميركي، من خلال العمل مع تحالف إنقاذ دارفور ومركزه في واشنطن بإجراء استطلاع للعرب والمسلمين في ست دول (المغرب، مصر، السعودية، الإمارات، تركيا وماليزيا). الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة زغبي العالمية أبرَزَ نتائجَ حطمت الأسطورة القائلة: إن العرب والمسلمين لا يهتمون بمعاناة شعب دارفور.

ما كشفه الاستطلاع هو أن غالبيات كبرى في الدول العربية الأربع تدرك مشكلات التغطية الإعلامية العربية في دارفور.

إضافة إلى ذلك، أعرب أكثر من 80 في المئة من المُستَطلَعِين في الدول العربية الأربع حيث أجري الاستطلاع عن وجهة النظر أنه يتوجب على الإعلام العربي تكريس المزيد من الوقت لهذه القضية.

وقد كشف الاستطلاع عن أن غالبيات في خمس من الدول الست أعربت عن القلق تجاه الأزمة المستمرة. عموما، تؤمن غالبيات مهمة بأن على دولها عمل المزيد من أجل مد يد العون في دارفور، بما في ذلك 94 في المئة في المغرب و92 في المئة في كلٍّ من ماليزيا والسعودية.

وعند السؤال عمن المسئول عن الأزمة الراهنة؟ أكّد المُستَطلَعُون العرب والمسلمون أن الأزمة معقدة، وحمّلت غالبيات في أربع من الدول الست (السعودية، مصر، المغرب وتركيا) كلا من حكومة السودان والمجموعات السودانية المتمردة المسئولية بالتساوي. من الأهمية بشكل خاص إذا الخيارات السياسية المتوافرة لدى المجتمع الدولي والتي حازت أكبر قدر من الدعم. وقد ركزت الخيارات على التوجهات اللاعنفية لإنهاء العنف والاستجابة للاحتياجات الإنسانية وجمع الطرفين معا، وبالذات المفاوضات على السلام بين الحكومات والمجموعات المتمردة وصندوق المعونة الإنسانية وهما موضوعان حازا دعما شاملا.

ومن الأمور الأخرى التي لاقت دعما مهما، قوات حفظ السلام من الأمم المتحدة التي تضم قواتٍ غير غربية إسلامية بالدرجة الأولى. إلا أن الخيارات التي تتعامل مع الفراغ بدلا من العمل على حله، مثل العقوبات الاقتصادية وحجب الاستثمارات ومناطق يمنع فيها الطيران بالذات، حصلت على دعم أقل نسبيا، وجرى رفضها بشكل قاطع في بعض الحالات.

وقد أعرب المُستَطلَعُون العرب والمسلمون عن شعور قوي بالتضامن والشعور بالمسئولية تجاه السكان المسلمين في دارفور، وذكرت غالبيات كبرى منهم (أكثر من 80 في المئة في السعودية والمغرب وتركيا) أنه بما أن السودانيين في دارفور مسلمون فإنه يتوجب على الشعوب المسلمة الأخرى أن تتدخل لوقف العنف والمساعدة على التفاوض لتسوية الأزمة.

غادرْتُ أبوظبي بارتياح لحوارات المنتدى العربي الثاني للبث الإعلامي. مرة أخرى تعامل المنتدى مع أسئلة صعبة وقام بتوفير فرصة للصحافيين العرب للمشاركة في حوار نشط مع بعضهم بعضا ومع ممثلين من شبكات «سي. إن. إن»، «فوكس» و «بي. بي. سي» وغيرها من المحطات الغربية التي تغطي المنطقة إعلاميا.

كان الأمر مثيرا للإعجاب. تمنيت في أكثر من مناسبة خلال الاجتماعات التي استمرت مدة يومين لو حضرت الشبكات الأميركية لتغطية الحدث (وليس فقط للانضمام إلى الحوار). تغطية كهذه كان بإمكانها تحطيم الكثير من وجهات النظر السائدة في الغرب عن النوعية والالتزام بالتميز التي يثري بها زملائي في هذه المهنة. تمنيت كذلك لو أن الشبكات الأميركية تشارك في النوع نفسه من النقد الذاتي العام وتطرح على نفسها الأسئلة الصعبة نفسها.

*مؤسس ورئيس المعهد العربي الأميركي،

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً