العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ

خطة المملكة الاستراتيجية... مرة أخرى

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم (الأربعاء)، وبناء على دعوة من صندوق العمل، يلتئم شمل ما يربو على 200 شخصية بحرينية تمثل مجموعة أساسية من القوى المحركة لسوق العمل، سواءٌ أكانت هذه المجموعة أفرادا أم مؤسساتٍ، صغيرة تلك المؤسسات أو كبيرة، تمثل القطاع العام أو منبثقة منه، أو تعكس هموم القطاع الخاص وتعرض أهم احتياجاته... يجتمع هؤلاء تحت مظلة «المنتدى التشاوري للخطة الاستراتيجية لصندوق العمل».

ولو حاولنا استقراء ما ستعالجه الخطة الاستراتيجية، فبوسعنا أن نتوقع طرح مجموعة من القضايا ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة، الآنية والمستقبلية عن سوق العمل، والتي يمكن تلخيص أهم محاورها في النقاط الآتية: 1. على رغم أن الموضوع الأساسي في تلك الخطة الاستراتيجية سيتمحور حول «سوق العمل» ولكن من الصعوبة بمكان أن يتم تناول هذا الموضوع من دون تسليط الضوء على الواقع الحالي لمستوى حياة المواطن البحريني. إذ إن هناك تأثيرا متبادلا بين واقع حياة المواطن وتوجهات سوق العمل. وتقويم مستوى الحياة لا يمكن أن يتم بشكل مستقل غير مقارن بالمستويات الدولية والإقليمية، ووفقا لمعايير دولية باتت متداولة في الكثير من الدراسات الاستراتيجية ذات الأهداف الشبيهة بخطة سوق العمل. 2. من الطبيعي ان تحتاج استراتيجية إصلاح سوق العمل إلى معرفة القوى المؤثرة في السوق وتلك المحركة لآلياته بما يشمل ذلك سياسات السوق على المستويات الثلاثة: الأنظمة والقوانين، الموارد البشرية، وأخيرا أداء وكفاءة المؤسسات الفاعلة فيه. 3. لابد أن تركز الخطة على ما أصبح متعارفا عليه بـ «البحرنة». وهي موضوع شائك نظرا إلى أبعاده السياسية قبل الاقتصادية. فكيف ستوازن الخطة بين التوجهات الآتية: السياسة العامة للدولة المتجهة نحو «تحرير الاقتصاد» وتقليص مركزية هيمنة الدولة عليه كما هو قائم الآن، وبين الضغط السياسي الذي تواجهه من أكثر من جانب المعارضة أولا، وشروط اتفاقات التجارة الحرة ثانيا، وعلاقاتها الاقليمية ثالثا؟ كان ذلك على صعيد التوقعات، ولكن الحديث عن الخطة يجبرنا على الانتقال من مستوى التوقعات إلى مستوى المُسَلَّمات، بمعنى الموضوعات الأساسية التي لا يمكن لأية خطة تطمح إلى إصلاح سوق العمل أن تتجاوزها، وهي كثيرة ولكننا سنعرض ما نعتقد بأنه الأكثر تأثيرا فيها وأشد إلحاحا عليها. إن الخطوة الأولى - كما نراها - هي تشخيص سليم قائم على مدخلات سليمة مستقاة من مصادر موثوق بها عبر قنوات كفؤة للقطاعات الاقتصادية الأكثر تأثيرا في سوق العمل، إذ ينبغي أن يكون بحوزة الخطة تلك المعلومات نظرا إلى حاجتها إلى استخدامها في تحديد المسائل الآتية: 1. حصة هذا القطاع أو ذاك في الناتج الإجمالي المحلي على الصعيدين الكمي المالي، والنوعي الإنتاجي. 2. مدى قدرة كل قطاع على توليد القيمة المضافة المطلوبة بشكل مباشر في السوق المحلية أو بشكل غير مباشر في الأسواق العالمية، إقليمية كانت أو دولية. 3. درجة تكامل أي من تلك القطاعات مع القطاعات الأخرى في السوق بحيث يولِّد ذلك التكامل قيمة مضافة أولا وفرص عمل جديدة ثانيا. الخطوة الثانية - ومن وجهة نظرنا - الانطلاق من أن أهم القطاعات التي تتميز بها البحرين، أكثر من سواها من دول الجوار، هي: الخدمات المالية (وخصوصا المصرفية منها)، وخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، ويعود ذلك إلى الأسباب الآتية: 1. تمتلك البحرين سجلا تاريخيا جيدا في القطاع المالي، يتمتع بسمعة جيدة في أوساط المؤسسات المالية العالمية. هذا السجل راكم خبرة محلية غنية، وولَّد أبعادا إبداعية تمكِّن البحرين من خوض منافسات ناجحة على الصعيدين الإقليمي الضيق والدولي الأكثر اتساعا والأعلى مردودا. 2- وبالقدر ذاته تتوافر في البحرين بنية اتصالات متطورة، عُمِل على بنائها وتطويرها، إلى جانب المؤسسات العالمية، وخبرات محلية يندر توافرها في المنطقة، ما يعني أن الاستثمار في هذا القطاع ينبغي أن يحظى بموقع متقدم في سلم الأولويات. طبعا هناك قطاعات أخرى مهمة ولا تقل جدواها عن هذين القطاعين مثل السياحة والتشييد والبناء، ولكن ما يجعلنا نبرزهما هو ذلك التكامل المباشر بينهما، وانعكاس ذلك على المشروعات التنموية الكبرى بما في ذلك مشروعات «الحكومة الإلكترونية» التي تشهد ازدهارا ملموسا في المنطقة يتوقع له ان يستمر خلال العقود الثلاثة المقبلة. الخطوة الثالثة، هي الانتقال من حيز جمع المعلومات وكتابة الخطة بجميع أبعادها النظرية والتطبيقية، إلى مرحلة التنفيذ العملية. وهنا لابد من تأكيد قضيتين أساسيتين هما: 1. أن صندوق العمل كسواه من المؤسسات الجادة لا يملك عصى سحرية تحول الأمور في غمضة عين من واقع إلى آخر، ومن ثم فلابد لنا من أن نتمتع بالصبر الضروري الذي يعطي الخطة الفترة الزمنية التي تحتاج إليها. 2. أن صندوق العمل وحده لا يمكن ولا يستطيع تنفيذ الخطة، التي تحتاج إلى تضافر جهود جميع قوى المجتمع وفي مقدمتها تلك المؤثرة في سوق العمل وعلى رأسها غرفة تجارة وصناعة البحرين بوصفها الممثل الشرعي لقطاع الأعمال في المملكة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً