العدد 1734 - الثلثاء 05 يونيو 2007م الموافق 19 جمادى الأولى 1428هـ

غابات المالكية و«فشت الجارم»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ندوة بيئية نظمتها جمعية «وعد»، مساء الخميس الماضي، احتل فشت الجارم قلب النقاش، لما يمثله من قضية وطنية كبرى، ترتبط بمفهوم الوطن والأرض. ووصل النقاش إلى بقية الفشوت والخلجان الصغيرة التي تعرضت للتدمير والإهمال.

الباحث عبدالحميد عبدالغفار تطرق إلى مأساة خليج توبلي، الذي ظل يرفد البحرين بالثروة السمكية والأحياء المائية لآلاف السنين، حتى تسبب الجشع في ردمه. وأوضح ان ردم المتر المربع يكلف 3 دنانير، أما إذا ردم بمخلفات البناء، فتنزل كلفة الردم إلى دينار ونصف الدينار فقط، ثم يباع بعائد كبير، قد يزيد أحيانا على خمسين دينارا للمتر.

عبدالغفار تحدث عن تكوين الخليج، فقال ان الجانب العربي مياهه ضحلة، وقاعه رملي، أما الجانب الإيراني فعميق وطيني. وتطرق إلى ارتفاع درجات الحرارة والملوحة التي تؤثر على الكائنات الحية، ولكنه سأل: ماذا عن الردم وتغيير نسبة الرمل والطين والصخر على التوازن الحيوي؟

وأضاف ان ثلث أنواع الأسماك تعتمد على الساحل، وبالتالي فإن عمليات الردم تصيبها في مقتل، كونها تقطع السلسلة الغذائية، وطالب بتحديث الأرقام بشأن حدود فشت الجارم طبقا للتقنية الحديثة، كون الأرقام المتداولة تعود إلى ما قبل عشرين عاما، واعتمدت على تقنية تعتبر متخلفة حاليا.

الباحث الذي صدر له كتابٌ عن «التشريعات المائية في مملكة البحرين من منظور بيئي» العام 2004، أشار إلى أزمة المياه بقوله «لو ان محطات تحلية المياه توقفت بسبب الحرب لما وجدنا ما نشربه. والآن تتوقف من دون حرب». ورجع إلى الخلف مستنجدا بالذاكرة: «المالكية كانت فيها غابات من النخيل، لكنها أصبحت الآن اعجاز نخل خاوية». وكم كانت الإشارة بليغة عند التلميح إلى ان المياه تنقطع عن المالكية ولكنها لا تنقطع عن جزر أمواج.

أحد الحضور من البحارة طرح قضية أخرى تتعلق بالأرض أيضا، وهي ان جزر حوار عندما كانت محل نزاع مع الشقيقة قطر، كنا نصطاد فيها، اما الآن فبعد أن تأكدت ملكيتها لبلدنا، أصبح ممنوعا الصيد فيها.

الرأي الآخر طرحه إبراهيم شريف، بقوله ان مساحة سنغافورة قريبة من مساحة بلدنا، ولكن سكانها خمسة ملايين، وهو ما ينسف فكرة الحاجة إلى التوسع على حساب البحر وتدمير البيئة، خصوصا ان أكثر من 60 في المئة من الأرض عبارة عن بر.

شريف دعم رأيه بإشارة أخرى مهمة، إذ قال ان إحدى الجزر غير المأهولة يمكن أن تستوعب ما بين 100 إلى 200 ألف نسمة، ومثل هذا التوجه كفيل بحل مشكلة الاسكان التي يعاني منها شعب البحرين، على الأقل للسنوات العشر المقبلة، شرط فتحها للإسكان. من هنا تنتفي الحجج التي يسوقها البعض بالحاجة الماسة لدفن البحر، على رغم معرفتهم التامة بآثاره الكارثية على البيئة والأحياء البحرية والثروة السمكية.

اليوم، أصبح معروفا للجميع ان الطبقة الوسطى في البحرين تتعرض للتهميش والتآكل، وتتساقط منها أعداد متزايدة لتلتحق بالطبقات الدنيا بعد إفقارها، فلم تعد غير الفئات العليا فقط من الطبقة الوسطى قادرة على شراء أرض، بينما كانت قادرة قبل عشر سنوات على شراء أرض وبنائها خلال سنوات محدودة. وإدارة الأرض بهذه الصورة الجشعة إنما سيزيد من خلخلة الأوضاع الاجتماعية وإلحاق المزيد من الضرر بفئات الشعب المختلفة.

قضية «فشت الجارم» فتحت الجراح، بعد ان استيقظ الشعب على خبر صفقة بيع رقعة كبيرة من لحم الوطن، قدّرها شريف بسعر 120 فلسا للقدم الواحد... فهل هناك وطن أرخص من هذا الوطن؟!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1734 - الثلثاء 05 يونيو 2007م الموافق 19 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً