العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ

الدرازي: الملك حثنا للتفريق بين الضحايا الحقيقيين وغيرهم... إسماعيل: قانون 56 يستحق المقصلة

في ندوة «العدالة الانتقالية» بـ «المنبر التقدمي»

أكد الأمين العام المساعد للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي حث جلالة الملك القطاع الأهلي للمضي قدما في موضوع تعويض ضحايا التعذيب، مشيرا إلى توجيهه بضرورة التفريق في هذا الموضوع بين الضحايا الحقيقيين وغيرهم. في الوقت نفسه أكد المحامي حسن إسماعيل أن القراءة القانونية الصحيحة لمواد المرسومين بقانون 10 و56 تؤكد أن مرسوم العفو لا علاقة له على الإطلاق بأولئك الذين انتهكوا حقوق الإنسان، وأنه لا يحتاج إلى تفسير، وأن المرسوم بقانون التفسيري يخالف الدستور، والاتفاقات الدولية، والفقه.

جاء ذلك في ندوة «العدالة الانتقالية ومرسوم 56» التي أقامتها جمعية المنبر التقدمي في مقرها مساء أمس الأول، وتحدث فيها كل من الدرازي وإسماعيل عن موضوع العدالة الانتقالية وكيفية تحقيقها.

وفي ورقته التي ألقاها بالمناسبة التي حملت عنوان «العدالة الانتقالية - لجان الحقيقة» أوضح الدرازي أن المجتمع البحريني مر بثلاث محطات في تحوله إلى الديمقراطية، أولها في العام 2000 عندما بيضت السجون وعاد المنفيين، تبعتها المحطة الثانية عندما صوت الشعب البحريني على ميثاق العمل الوطني ثم الدستور وبدأت انتخابات العام 2002. مشيرا إلى أن البحرين تمر حاليا بالمرحلة الثالثة وهي العدالة الانتقالية، وهي المحطة التي اعتبرها لم تحل بعد.

وأضاف الدرازي «هذه المرحلة لاتزال متعرقلة، وطرحنا على جلالة الملك في لقائنا الأخير الذي جمعنا ضرورة تحريك هذا الملف من أجل تحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها ضرورة للمرحلة».

من جانب آخر، أوضح الدرازي أن هناك لاعبين رئيسيين للعدالة الانتقالية في المحطة الثالثة لابد من تواجدهم، يتمثلون في كل من الضحايا أنفسهم الذين يجب جبر الضرر الذي تعرضوا له وتعويضهم ماديا أو معنويا، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني بجمعياته الحقوقية والسياسية واللجان الأهلية، علاوة على اللاعب الثالث المتمثل في الدولة التي يجب أن تلعب دورا في الاعتراف وتحمل مسئولية ما حصل.

وعن لجان الحقيقة، أكد الدرازي أنها ليست بديلا عن المحاكم، فالحقيقة تعني الكشف، أما الإنصاف فهو الاعتراف بشكل معنوي وجبر الضرر المادي، أما الهيئات غير القضائية للجان الحقيقة فيجب أن تكون برأيه مؤقتة تحل بمجرد الانتهاء من عملها، وتصب اهتماماتها على الماضي وما حصل فيه من انتهاكات. وعلق الدرازي على هذا الموضوع في البحرين بإشارته إلى أن النقاش في البحرين لايزال دائرا حول الحقبة التي يجب أن يغطى ضحاياها بالتعويض.

وأضاف الدرازي أن لهذه اللجان دورا معينا في المساعدة على إثبات الحقيقة بشأن الماضي، والمساعدة على محاسبة مرتكبي الانتهاكات، كما أنها توفر منبرا عاما للضحايا، إلى جانب تحفيزهم على النقاش العام والتوصية بتعويضهم. إلى جانب تأكيده توصيتها بالإصلاحات القانونية وتعزيز المصالحة الاجتماعية.

ولم ينف الدرازي وجود مخاطر لهذه اللجان وعلى رأسها الاستغلال السياسي، واستخدامها وسيلة من قبل الحكومة لوضع اللوم على الآخرين، إلى جانب إضعافها من قبل الحكومة من خلال الطعن في نتائجها، والتحيز من قبل أعضاء اللجنة، علاوة على التوقعات غير الواقعية من قبل الضحايا، ومن ثم إصابتهم بالإحباط إثر ذلك. مؤكدا أن مواجهة الماضي ضرورية بناء على الواجب الأخلاقي والالتزام القانوني، معتبرا إياه صمام أمان لتفادي تكرار الانتهاكات في المستقبل، علاوة على تعزيز دور السلطة القضائية في هذا الصدد.

وعن أبرز التحديات التي تواجه هذا الموضوع، قال الدرازي إنها تتمثل في الجلسات الخاصة بين الضحايا والشهود وأعضاء اللجان، والجلسات العلنية، علاوة على إشراك كل منظمات المجتمع المدني في هذا الملف عبر التحرك الجماعي، وهو الأمر الذي أشاد فيه بالتجمع الذي حصل بين إحدى عشرة جهة في هذا الصدد، والذي أسفر عن مؤتمر العدالة الانتقالية.

من جانبه، قال المحامي حسن إسماعيل في ورقته التي قدمها في المحاضرة بعنوان «ما مدى دستورية المرسوم بقانون رقم 56 لسنة 2002؟» إن المرسوم بقانون 56 يستحق المقصلة، حتى لا يكون حجر عثرة في المصالحة والإنصاف لضحايا ولشهداء البحرين. مشيرا إلى أن النصوص القانونية للمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2001 بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني، جاءت صريحة واضحة، تنص على أن المستفيدين من العفو الشامل هم فقط الموقوفون والمتهمون والمحكوم عليهم، وليس من بينهم من مارسوا التعذيب مع هؤلاء بصفتهم موظفين عموميين. واستند في ذلك إلى عدد من القواعد أبرزها أن «جرائم التعذيب التي ترتكب من الموظف العام تخضع لأحكام المادة 185 من قانون العقوبات ولا تختص بها محكمة أمن الدولة».

وحدد إسماعيل عددا من أوجه مخالفة المرسوم بقانون 56 للدستور والاتفاقات الدولية أبرزها قوله «إذا كان المرسوم بقانون 56 قد صدر بهدف حماية الجلاد، سواء كان مدنيا أو عسكريا، مما ارتكبه من جرائم، بعد تفسير قسري لأحكام العفو الشامل، فإنه يكون قد خالف ما نص عليه الدستور من أحكام تتعلق بتجريم التعذيب ومعاقبة من يرتكبه وحق الإنسان في السلامة البدنية والذهنية (المادة 19 البند «د» من الدستور)، وحق الأفراد في التقاضي (المادة 20 البند «و» من الدستور)، وعدم جواز أن ينال تنظيم الحق من جوهره (المادة 31 من الدستور). علاوة على مخالفته -بحسب رأيه- لأحكام ومبادئ الاتفاقات والمواثيق الدولية وخصوصا اتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1984 وانضمت إليها البحرين سنة 1998 فصارت جزءا من التشريع الوطني لمملكة البحرين، وأبرز هذه المبادئ حق كل من تعرض للتعذيب في أن يرفع شكوى إلى السلطة المختصة، وإنصاف من يتعرض للتعذيب بتعويض عادل وإعادة تأهيل.

العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً