العدد 1793 - الجمعة 03 أغسطس 2007م الموافق 19 رجب 1428هـ

احذروا غضب النساء!

بعد أن تزايدت نسبة ضرب الزوجات للأزواج

أصبحت جرائم العنف الأسري من ضربٍ وقتلٍ يومي كالقنابل الموقوتة التي تنفجر في وجه الأسرة العربية، إذ انتشرت بشكل متواصل على صفحات الحوادث، والغريب في الأمر أن الجنس الناعم راح يهدد عرش الرجال، ولاسيما بعد أن تبيّن أن 38 في المئة من الزوجات يقمن بضرب أزواجهن بشتى الوسائل من ضرب مبرح للإصابة بعاهة مستديمة تصل أحيانا إلى القتل، بخلاف المعاملة السيئة في أبسط الأفعال، والشاهد على ذلك المحاكم والمستشفيات وأقسام الشرطة التي ضمت الكثير من المحاضر التي حررها الأزواج ضد زوجاتهم؛ ما دفع البعض إلى السعي نحو تكوين «جمعية» لمناصرة المستضعفين في الأرض (الرجال) من غدر النساء.

لهذه الظاهرة أسبابها ولها أيضا حلول لدى العلماء المتخصصين، فأستاذة علم الاجتماع زينب رضوان تقول: «إن الجرائم التي ترتكبها الزوجة ضد زوجها أمر ليس بالجديد على المجتمع العربي وتنتشر بكثرة في المناطق الريفية، إذ كانت تدس السم في الطعام كي يموت الزوج بهدوء ولم يكن هناك وقتها طبيب صحة فكانت الجريمة تبدو كأنها وفاة طبيعية ومع انتشار وسائل الإعلام وتسليط الضوء على كثير من هذه الحالات ظهرت بشكل يظهر للعيان أنها ظاهرة جديدة؛ ولأن العالم كله أصبح أكثر عنفا تأثرت المرأة بما يدور حولها فأصبحت هي الأخرى أشد قسوة وجرما؛ ذلك بحكم طبيعتها عندما تلجأ إلى العنف فتكون أشد وأبشع عنفا وقد يصل انتقامها إلى حد القتل حتى لو كان لزوجها». وتتابع «لذلك تفضل أن تقتله على أن تضربه؛ لأنه أقوى منها لتكوينه البدني، وهي لا تلجأ إلى طلب الطلاق لبطء إجراءات المحاكم في الطلاق».

قسوة الظروف

وترجع رضوان الظاهرة إلى قسوة الظروف الاقتصادية وتأثيرها عموما على العلاقات الاجتماعية، إذ ساهمت - على حد قولها - في تقليل نسبة الترابط داخل الأسرة الواحدة وأمام طغيان هذه المادة أصبح المجال فسيحا للجوء إلى العنف، فضلا عن انتشار قيم الفردية والمصلحة كما تلعب بعض المفاهيم الموروثة دورها مثل تحقير قيمة المرأة والنظر إليها باعتبارها مخلوقا أدنى من الرجل أو أن العنف وسيلة لإثبات الرجولة.

وتضيف أن «نظرة كثير من المجتمعات الشرقية للمرأة تجعل المناخ مهيأ لمعاملتها بقسوة، وتزداد بتزايد ضغوط الحياة وفي معظم الحالات يكون عنف المرأة ضد زوجها لاضطهاده لها أو عنفه تجاهها فهي تعاني من قهر مستمر يبدأ في بيتها وينتقل أشد عنفا إلى بيت زوجها».

وتشمل في كلامها بعض الجوانب الأخرى وذلك بقولها: «قد يؤدي تقصير الرجال في مراعاة شعور المرأة وعدم القيام بواجباتهم الأسرية والاجتماعية واستمرارها في الضغط النفسي والقهر الاجتماعي، إلى دفع المرأة إلى ارتكاب جرائم القتل وذلك على اعتبار أن العنف مرحلة متأخرة من عدم الاحترام بين الزوجين».

وتشير إلى أن التنشئة الاجتماعية والتربية داخل الأسرة تؤثران على التكوين النفسي للمرأة، وتؤديان في معظم الأحيان إلى خلق شخصيتها العدوانية؛ لأنها ترى العنف مجسدا أمامها في أسرتها في علاقة الأب والأم والتفرقة بينها وبين شقيقها الأكبر، كما أن جبروت الزوج قد يدفع الزوجة إلى العنف وبالتالي إلى قتله ولا شك في أن الخيانة الزوجية وإهمال الرجل للمرأة واعتماده الكامل عليها في كل شيء قد يساهم كل ذلك كما أسلفنا من ذكر أسباب في زيادة تلك الدوافع في ظل اختلال الأدوار الاجتماعية».

ليست ظاهرة

أما الباحث الاجتماعي وائل أبوهندي فيرفض ما يقال إن المرأة عدوانية، عازيا ذلك إلى أن جرائم قتل الزوجات للأزواج لا تمثل - على رغم بشاعتها - ظاهرة عامة؛ لأنها نادرة الحدوث وتتم في فئات اجتماعية معينة تميل غالبيتها إلى الانتقام أو الحصول على مزايا من وراء ذلك، فالمرأة أكثر مخلوق يتمتع بالحنان والاحتواء لبيتها ولأسرتها، كما أنها تتحمّل الضغوط والمشكلات من أجل أن تريح أفراد أسرتها وزوجها وإن كانت هناك حالات شاذة ليست قليلة، ودوافع قوية وراء ضرب أو قتل الزوجات لأزواجهن ومنها انخفاض الدخل وصعوبة المعيشة والقهر الذي يقع على الزوجة وظلم الزوج وبخله، فضلا عن انعدام القيم لدى بعض الطبقات في المجتمع وقلة الوازع الديني والوعي الاجتماعي، فالمرأة في غالبية الأحيان تتحمّل كل ما يقع عليها من أعباء، بيد أنها قد تنقلب في أية لحظة وتقوم بالاعتداء على الزوج».

وينصح أحد الباحثين كل زوج أن يكون حنونا على زوجته وعلى أفراد أسرته، كما ينصح الزوجة أن تحترم زوجها ولا تتعمد إهانته مهما كان السبب، مشيرا إلى خطورة تبادل العنف بين الزوجين داخل نطاق الأسرة لأنه يهدد كيان المجتمع ككل، عازيا ذلك إلى أن ضرب الزوج للزوجة يولد لديها حالا من الكبت الداخلي ولذلك تترقب الفرصة للانفجار وفي النهاية يدفع الأبناء الثمن فيشرَّدون أو ينحرفون رافعين العنف شعارا لحياتهم وبالتالي ينعكس كل ذلك على المجتمع كله.

ويقول إن أفضل وسيلة هي استقرار الأسرة فهو الدواء لعلاج أية مشكلة زوجية، مطالبا الزوج بأن يكون أكثر إيجابية في المنزل، بأن يقوم بمساعدة زوجته على أعبائها اليومية حتى يحدث التوازن في الأدوار.

مودة ورحمة

على حين يقول الأستاذ بجامعة الأزهر إسماعيل الدفتار: «عجبا للمرأة التي تبلغ بها الجرأة إلى الحد الذي تستطيع فيه أن تتطاول على زوجها سواء بالسب أو الضرب أو القتل، فالإسلام لم يعطِ هذا الحق لأيٍّ من الزوجين بل جعل الله العلاقة بينهما علاقة حب ومودة ورحمة فقال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة...» (الروم: 21)، إلا أن الله تعالى أعطى الزوج فقط حق تأديب زوجته، فقال عز وجل: «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...» (النساء: 34)، فضلا عن أن هناك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على مدى العذاب الذي تتلقاه الزوجة لمجرد عدم رضا زوجها عنها».

وينصح الدفتار المرأة الساخط عليها زوجها أن تطبق شرع الله، الذي أعطى الزوجين حق الفرقة إذا بغض أيٌّ منهما الحياة مع الآخر بدلا من أن تلجأ إلى العنف الذي يؤدي إلى إثمين، إثم لارتكابها جريمة ضد إنسان والثاني هو معصيتها لزوجها وقد أعطى الله الزوج حق طلاق زوجته في أي وقت شاء، كما أعطى الزوجة الحق نفسه للضرر في أي وقت شاءت، وإن رفض الزوج طلاقها يكون لها الحق في طلب الخلع من دون أن تصل الأمور فيما بينهما إلى هذا الحد الذي يفقد فيه الرجل كرامته واحترامه لنفسه، وتفقد المرأة أنوثتها وحياءها وتختل الموازين داخل الأسرة والمجتمع.

وجوب الطاعة

ومن جانبها، تشير أستاذة الفقه بجامعة الأزهر مريم الداغستاني إلى أن السبب الرئيسي وراء انتشار هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة هو كثرة ما تسمعه المرأة عن حقها في الحرية والمساواة بينها وبين الرجل؛ ما جعلها تشعر بأن زوجها الذي يقف عقبة في طريق حصولها على حقوقها هو عدوها الأول والأخير، فعندما شرّع الله سبحانه وتعالى الإسلام جعل فيه من الحقوق والواجبات ما يساوي بين الرجل والمرأة، بيد أنه ميز الرجل في بعض الأشياء من دون الانتقاص من حقوق المرأة، فقال تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة» (البقرة: 228) وتلك الدرجة التي للرجال على النساء وضعها الله عز وجل في قوله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم...» (النساء: 34)، فكيف يمكن لأية امرأة أن تلغي هذه القوامة، بل تزيد على ذلك وتتطاول على زوجها بأي شكل من أشكال العنف؟ كما أن هذا مخالف للشريعة الإسلامية والأخلاق والإنسانية والعادات والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع.

العدد 1793 - الجمعة 03 أغسطس 2007م الموافق 19 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً