العدد 1800 - الجمعة 10 أغسطس 2007م الموافق 26 رجب 1428هـ

ازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء في آسيا 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الطبيعي أن يكون هناك الكثير من العوامل وراء أزمة الدول الآسيوية الاقتصادية. هناك أولا الكوارث الطبيعية غير المتوقعة. وأكدت ذلك تقارير البنك الآسيوي للتنمية التي أشارت إلى أن مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) خفض معدل النمو بنحو نقطة مئوية في منطقة شرقي آسيا في العام 2004، وبنحو 1.5 نقطة مئوية في جنوبي شرقي آسيا في حال استمرار انتشار ذلك المرض خلال الربع الثالث من العام ذاته. وقدر المصرف خسائر الدخل والإنتاج بما بين 12 و27.7 مليار دولار في حال استمرار انتشار المرض في الربع الثالث.

الأمر ذاته ينطبق على الأعاصير، كما كان عليه الحال في مأساة «تسونامي»، التي كان لها لها تأثير قوي على الاقتصاد الآسيوي، وخصوصا على المدى القريب. فقد أظهرت توقعات الاقتصاديين الحكوميين تشاؤما تجاه مستقبل الأوضاع الاقتصادية، وأشاروا حينها إلى أن العجز في نمو العام الجاري 2005 سيصل إلى 3 في المئة بسبب «تسونامي».

واعتبر طوفان جنوب آسيا واحدا من أسوأ مآسي العالم الإنسانية، وقد تكون تأثيراته الاقتصادية محدودة، إذ أعلن أن قيمة الأضرار المادية التي خلفها «تسونامي» الذي ضرب آسيا تربو 135 مليون دولار.

هناك أيضا التغييرات المناخية، فقد جاء في تقرير منظمة الأبحاث العلمية والصناعية أن حرارة الأرض قد ترتفع بمعدل أربع درجات إضافية بحلول 2030، وتحديدا في المناطق القاحلة في شمال باكستان والهند والصين. كما أن التغيرات المناخية وارتفاع مستوى البحار قد يدمران الاقتصاد الآسيوي، وبالتالي تهجير الملايين من الناس، كما وتعرض الملايين الآخرين لمخاطر الأوبئة.‏ وتوقع التقرير حدوث نزوح لملايين من السكان الذين يقطنون في منخفضات ساحلية في بنغلاديش وفيتنام والصين والكثير من الجزر في المحيط الهادئ، بسبب ارتفاع مستوى البحار بمعدل 20 بوصة في غضون الأعوام الـ 65 المقبلة.‏ وحذّر التقرير من أن الارتفاع في درجات الحرارة المترافقة مع تغير منسوب الأمطار بما في ذلك حدوث الأعاصير المدارية والفيضانات والرياح الموسمية، قد تعرّض ملايين الناس لخطر الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وغيرها من الأوبئة.‏

إلى جانب الكوارث الطبيعية هناك السياسات الاجتماعية ففي العام 2003، قالت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي التابعة للأمم المتحدة في مسحها السنوي إن التمييز ضد النساء يكلف دول آسيا والمحيط الهادي نحو ثمانين مليار دولار سنويا.

ويتمثل التمييز بحسب اللجنة في حرمان المرأة من خدمات التعليم والصحة كليا أو جزئيا ووضع قيود على التحاقهن بالوظائف. وذكرت اللجنة في المسح الذي تجريه سنويا أن السنوات الأخيرة شهدت تقدما طيبا أحرز في هذه المنطقة على طريق تقليل التمييز على أساس النوع، لكن لاتزال هناك تفاوتات مرعبة. وقالت اللجنة إن استبعاد النساء من الوظائف لا يقتصر على كونه من قضايا حقوق الإنسان فحسب، وإنما يؤثر بشكل مباشر على اقتصاد دول المنطقة.

وضرب التقرير مثالا بالهند التي قال إنها إذا رفعت نسبة النساء العاملات إلى مستويات مشابهة للمستويات في الولايات المتحدة، فإنها ستدعم الناتج المحلي الإجمالي السنوي بأكثر من 1 في المئة أو 19 مليار دولار.

وأوصت اللجنة أربعة اقتراحات عملية قال إنها تهدف لتحقيق التوازن في المجتمع بأقل الجهد والكلف شريطة توافر التزام سياسي على كل المستويات.

وشملت الاقتراحات توفير تعليم أساسي مجاني في القرى وفصول تعليم الكبار للنساء، وسن قوانين تضمن حق المرأة في الرعاية الصحية الأساسية، وتوفير وجبات مجانية لأطفال المدارس ووجبات تغذية خاصة للحوامل.

وفوق هذه وذاك هناك الاختيار غير الملائم للتكنولوجيا ففي العام 2002 قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بمناسبة انعقاد مؤتمرها الإقليمي لآسيا والمحيط الهادي هذا الأسبوع في العاصمة النيبالية (كاتماندو) ان صغار المزارعين يمثلون المنتجين الرئيسيين للغذاء في اقليم آسيا والمحيط الهادي على رغم أنهم مازالوا هم أنفسهم يعانون الجوع.

وأشارت المنظمة إلى أن التكنولوجيا الزراعية غير الملائمة وسياسات الدعم التي تنتهجها المؤسسات هي التي تعوق صغار المزارعين في الإقليم من إطلاق إمكاناتهم الإنتاجية الكامنة بصورة تامة، بما يحقق مكاسب كبيرة في مجال الإنتاج الزراعي ويخفف من وطأة الفقر في آسيا والمحيط الهادي. ومن المنتظر أن تطرح نتائج المشاورات الجارية على وزراء الزراعة الذين سيلتئم شملهم خلال السادس عشر والسابع عشر من الشهر الجاري في الجلسة العامة للمؤتمر.

ولغرض استئصال شأفة الجوع، فمن الضروري زيادة إنتاجية صغار المزارعين الذين يشكلون الجزء الأعظم من الأسر الفلاحية في آسيا والمحيط الهادي، إذ يعد الاقليم موطنا لنحو 75 في المئة من الأسر الفلاحية في العالم ويعيش فيه نحو ثلثي الجياع في بلدان العالم النامي وعددهم 777 مليون نسمة، علما بأن ثلاثة أرباع سكان هذا الاقليم يعانون نقص الغذاء والتغذية، وخصوصا سكان القرى الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة ومصايد الأسماك والصناعات الريفية ذات الصلة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1800 - الجمعة 10 أغسطس 2007م الموافق 26 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً