يتملكني شعور غريب وعجيب وأنا أشاهد وأسمع ما يجري في الدول الخليجية الشقيقة من اهتمام بالغ وكبير بفرقها وأنديتها ومنتخباتها الوطنية وما توفره وتهيئه الاتحادات الخليجية الشقيقة من ظروف الإعداد مثل المعسكرات الخارجية لتنفيذ برامجها التدريبية التطويرية والتي تأتي نتائجها على المدى البعيد وبعيدا عن النتائج الوقتية والآنية.
فجميع المنتخبات الخليجية وكذلك الأندية تكون في مثل هذا التوقيت من كل عام على أهبة الاستعداد وتعلن الاتحادات الخليجية حال الطوارئ وترفع من درجة الاستعداد من أجل تنظيم المعسكرات الخارجية، وربما يقول قائل: «إنها مجرد ترف وترفيه»، ولكن الحق يقال إنها نقطة بداية عند أشقائنا الخليجيين، أما عندنا نحن فما هي إلا نقطة «تخلف» لا نستطيع أن نواكب تطورها.
إعداد العنابي
فهذا منتخب شباب قطر يجوب بلدان العالم بحثا عن إعداد مثالي متطور يجلب الفائدة الفنية، وحظي العنابي الشاب بفترة إعداد أقل ما يقال عنها إنها قمة في التجهيز، فهذا المنتخب حظي باهتمام كبير من قبل الاتحاد القطري وذلك بهدف إعداده للسنوات المقبلة التي تشهد الكثير من الاستحقاقات المقبلة التي ستؤكد تطور القاعدة للكرة القطرية ولهذا فإن الاتحاد القطري وضع خطة إعداد مكثفة لمنتخبه الشاب استعدادا لتصفيات كأس آسيا.
وحفل برنامج إعداد العنابي الشاب بالكثير من المحطات بدأها بمعسكر إعدادي داخلي، ثم توجّه خارجيا في معسكر بإيطاليا لحقه معسكر آخر في هولندا ومن ثم المشاركة في بطولة الأبطال والمقامة حاليا في ماليزيا والتي يشارك فيها كبار أندية العالم ولعب العنابي مع أندية يوفنتوس وبرشلونة وباريس سان جيرمان، وصحيح أنه خرج من الدور الأوّل إلا أنه قدم مستويات طيبة ولم يخسر أيا من مبارياته الثلاث والتي تعادل فيها جميعها وهو أمر يؤكد ارتفاع مستواه والفائدة الفنية الكبيرة التي جناها اللاعبون من المعسكرات التي خاضها والتي انعكست إيجابيا على مستويات اللاعبين.
إعداد الأبيض الإماراتي
من جهة أخرى، لو ألقينا نظرة أخرى على أحد منتخبات الخليج وهو المنتخب الإماراتي للشباب والذي يستعد بدوره للمشاركة في تصفيات كأس آسيا، فالأبيض الإماراتي بقيادة وطنية متمثلة بالمدرب بدر صالح مازال يواصل استعداداته، إذ إنه دخل في أكثر من معسكر ومنذ فترة طويلة قاربت على الثلاثة أشهر، فمن معسكره الخارجي في ألمانيا إلى المشاركة في دولية اليابان إلى معسكر خارجي أوروبي آخر قبل أن حط الرحال في دولة الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى. كل تلك المعسكرات والأموال من أجل تحقيق هدف واحد وهو إعداد لاعبين على مستوى عال من المهارة وأيضا إيصال اللاعب إلى مستوى يستطيع من خلاله تطبيق ما يطلبه منه المدرب وأيضا من أجل تطور كرة القدم في البلدان الخليجية.
تنشد عن الحال هذا هو الحال
هذا هو حال المنتخبات الخليجية الشقيقة، تصرف الأموال من أجل التطوير ولكن لو ألقينا نظرة على منتخباتنا الوطنية من الفريق الأوّل إلى الأولمبي إلى الشباب والناشئين وحتى الأشبال لأصابنا نوع من «الغثيان» و»الدوخة» لما سنشاهده وأقل ما يقال عنه أنه عك كروي لا برامج تدريبية ولا دعم مادي ولا معنوي أيضا، وكأننا نعيش في عصور بل قرون خلت، فليس هناك تطور ولا هم يحزنون، والاتحاد البحريني لكرة القدم يقف حائرا وعاجزا عن الإيفاء بمستلزمات إعداد منتخباتنا الوطنية بحجة قلة الموازنة المرصودة أو بمعنى آخر بقاء «الموازنة خاوية على عروشها» بعد أن استنزفها على أشياء أخرى ربما تكون ضرورية وربما تكون غير كذلك، ولهذا لا نملك إلا القول تنشد عن الحال هذا هو الحال، وهنا سنطرح تساؤلاتنا عن منتخبات الفئات بعيدا عن منتخبا الأول والأولمبي والذين يلاقون معاملة وخصوصا إن صح التعبير فكل الاهتمام والتركيز عليهما.
سيشل عاد
فهاهو منتخب الشباب يقع ضحية قلة الموازنة بل يقع ضحية عدم وجود أموال سائلة يتمكن عبرها من إقامة معسكر خارجي فتارة يخرج لنا مدير المنتخب محمد قاسم ويقول: إنّ المعسكر سيكون في تونس الخضراء ومرة أخرى يقول: إنه في تركيا، ومشرف الفئات العمرية بالاتحاد حافظ الدوسري يقول: إنّ الاتحاد وافق على جولة لمنتخب الشباب في الأردن وسورية.
والغريب حقا هو المباريات التجريبية التي يخوضها منتخب الشباب فمن أندية دورة التعارف إلى أنديتنا المحلية فهل ذلك سيجلب الفائدة الفنية؟ وهل تلك المباريات ستوفر فرصة الاحتكاك للاعبينا والذين غالبيتهم إن لم يكونوا جميعهم لم يخوضوا مباريات خارجية؛ أي أنهم يفتقدون للخبرة الدولية.
وربما نستطيع أنْ نطلق على المباراتين التي خاضهما منتخب الشباب مع منتخب سيشل «لا نعلم هل هو منتخب الشباب أم الأول» هما أفضل حالا من جميع المباريات التي لعبها الأحمر الشباب حتى الآنَ والسبب يعود إلى أنهما وفرتا جزءا من أهداف مرحلة الإعداد، وأعني هنا فرصة الاحتكاك واللعب مع منتخب ولاعبين «غير» أجنبي، وعلى رغم أن منتخب سيشل غير موجود على الخريطة الكروية إلا أنه يبقى منتخبا «غريبا» على لاعبينا، مع تمنياتنا لمنتخب الشباب بالتوفيق في مشاركته الخارجية.
وتبقى نقطة أخيرة ربما تثيرني وهي أنّ منتخب الشباب وبحسب التأكيدات التي وصلتني أنّ الاتحاد تلقى بطاقة دعوة للمشاركة في دولية ماليزيا مع الأندية العالمية إلا أنّ الاتحاد لم يرد على الدعوة لا بالسلب ولا بالإيجاب، وربما يعود السبب إلى أنّ الاتحاد لم يعلم ببطاقة الدعوة أصلا.
الناشئون والمعسكر
أما منتخب الناشئين فهذا المنتخب الذي استبشرنا به خيرا وخصوصا أنه يضم مجموعة جيّدة من المواهب الكروية فهو منتخب الأشبال والذي تمكن في العام الماضي من تحقيق لقب بطولة أمبرو الودية والتي أقيمت في عاصمة الضباب (لندن)، وعلى رغم من بعض التصريحات التي أطلقها المسئولين في الاتحاد وغيره في العام الماضي بعد تحقيقه لقب البطولة الودية إلا أن شيئا منها لم يتحقق وأهمها على الإطلاق توفير فرصة الاحتكاك للاعبين ومواصلة إعداده ببرامج تدريبية بعيدة وطويلة المدى تطور من مستوى اللاعبين.
ولكن... ما الذي حدث لا معسكرات ولا برامج تدريبية ولا هم يحزنون، فبقى الفريق بعيدا عن أعين المسئولين وبعيدا عن الاهتمام حتى أن مدربه الكابتن الطيب عناني بقى وكأنه عاطل عن العمل فترة طويلة قاربت ومن دون مبالغة الستة أشهر، ولهذا لاقى منتخب الناشئين صعوبة كبيرة في بداية إعداده للتصفيات الآسيوية، والسبب الانقطاع الطويل عن التدريبات.
والعلامة الفارقة والنقطة الغريبة حقا في إعداد منتخب الناشئين هي تلك التي تتعلق بالمعسكر الذي أقامه في جمهورية مصر العربية وتحديدا في أبوقير، إذ إنه وعلى رغم فائدته الفنية إلا أنه جاء في توقيت أجده غير مناسب على الإطلاق وذلك عائد لطول الفترة التي تفصل المعسكر عن التصفيات، ولو أنّ البرنامج يتضمن مواصلة التحضيرات بالوتيرة نفسها وهنا أقصد أن المعسكرات ستتواصل فذلك يعتبر أمرا محببا إلا أن ذلك لن يحدث لأكثر من سبب أولها عدم وجود موازنة وأموال لدى الاتحاد وثانيها ظروف الدراسة عند اللاعبين والتي تحول دون إقامة معسكر آخر لمنتخب الناشئين، وربما سيكتفي الاتحاد بتوفير مباريات ودية لمنتخب الناشئين ونتمنى أن تكون في مستوى وتطلعات الجهاز الفني والإداري للمنتخب.
منتخب الأشبال
إلى أين وصل؟ الله أعلم... فبعد حكاية المدرب التونسي عبدالقادر بن حسن وإقالته «المشبوهة» بقى بعيدا عن الأضواء لا نعلم عن تفاصيل برنامجه التدريبي وأضحى منتخب مناسبات يتدرب متى ما دعت الحاجة، وليس وفق برامج تدريبية إعدادية من أجل تطوير مستوى اللاعبين.
فهذا المنتخب هو اللبنة الأولى للاعبين والتي يجب أن تكون صحيحة ولكن العكس هو الصحيح فهذا المنتخب ينتظر الاتحاد تحديد المهرجان الآسيوي السنوي لتحديد موعد بدء تدريباته.
وكلّ ما نستطيع أنْ نقوله عن منتخب الأشبال أن بات في طي النسيان وعلى الرف استعدادا لمسابقة أو بطولة ربما تنقذه من حال السبات الذي كان ويكون عليه حتى تدب الحياة في عروقه من جديد.
العدد 1807 - الجمعة 17 أغسطس 2007م الموافق 03 شعبان 1428هـ