العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ

شاشات عربية لا تتحدث سوى الإنجليزية

دكتور فيل ينصح سكان الغرب والشرق

من منا اليوم لم يعرف أوبرا أو دكتور فيل من خلال شاشات تلفازه، ومن منا لم يطرح فكرة أو حلا على أحد معارفه أو أقاربه، ربما تكون مقتبسة من هذه البرامج. حضور هذه الشخصيات وحلولها بات عاديا في مجالسنا وحواراتنا وخصوصا بعد اجتياح موجات من هذه البرامج الأجنبية المعربة والمترجمة الشاشات العربية بشكل لافت للنظر، فتباينت الآراء فيها بين مؤيد ومستنكر ورافض، فيما اكتفت هذه البرامج في أغلب الأحيان بعرض حوادثها من دون اكتراث كبير بالانتقادات.

شاهدنا هذه البرامج بقوالب وأهداف متنوعة، جعلت من «أوبرا وينفري»، و «دكتور فيل»، و «السوبر نانني» و «أميركان أيدل»، أسماء لشخصيات وبرامج معروفة حق المعرفة من قبل المشاهد العربي.

غزو هذا الكم الهائل من البرامج لم يعد هو هدف المنتقدين الذين شنّوا حملاتهم عليها مع بدايات ظهورها، فوجودها في ساعات بث المحطات أصبح واقعا سواء كنا متابعين أو رافضين شاجبين، كما أنه مع الوقت لاقت بعض هذه البرامج رواجا وشعبية بين الكثير من فئات المجتمع، يتصدر هذه الفئات جيل الشباب، والكثير من شرائح السيدات بمختلف الأعمار، وطالما أنك تجيد قراءة الترجمة العربية في أسفل الشاشة فأنت مشاهد مستهدف من قبل هذه البرامج.

أكثر ما يلفت النظر في هذه الحملة البرامجية الغربية، هو القضايا التي تطرحها وتحاول معالجتها بشتى القوالب، فبالتأكيد غالبية قضاياه مستوحاة من المجتمعات المنتجة فيها، وحلولها ونتائجها مصممة لتتناسب مع نماذجها، ولعل هذه النقطة هي أول نقطة أخذت على هذه البرامج، فانتقدت هي والمحطات العربية التي اشترتها وعرضتها، غير أنه مع الوقت بات المشاهد العربي يجد له فائدة فيها وإن كان بين طياتها، وبشكل غير مباشر دائما، فبرنامج مثل المربية الخارقة «سوبر نانني»، الذي يعرض مشكلات بعض الأهالي في تربية أطفالهم الصغار، لاقى شعبية كبيرة، وخصوصا أن الحلول التي يطرحها، يمكن تطبيق بعضها على أي طفل مشاغب، أو صعب في التعامل، فالكثير من الأمهات المتابعات لهذا البرنامج بتن يضعن زاوية للعقاب، أو كرسيا للعقاب يبقى فيها الطفل عقابا له في حال ارتكب أخطاء، والفكرة في الحقيقة مستوحاة من هذا البرنامج، وترها الكثير من الأمهات أنها ناجحة وفعالة وأكثر تأثيرا من العقوبات الأقسى.

يأتيك مع هذه «الناني» الخارقة فريق كامل من المقدمين الناصحين لعل أبرزهم «دكتور فيل» فيتطرق إلى شتى الموضوعات والمشكلات، عارضا أيها عبر تجارب شخصية لبعض الناس، وبالتأكيد من دون الأخذ بأي اعتبارات للخصوصية لهؤلاء الناس، والصدقية فنجح هذا «الدكتور» في عرض بعض المشكلات والمقترحات والحلول، إلا أنه في كثير من الأحيان كانت حلقاته بعيدة جدا عنا، ولعل «الدكتور فيل» وفريق عمله لا يتحمّل الذنب في بعده عن قضايانا، فالأمر يترك على عاتق إدارة المحطات العربية التي تشتري هذه البرامج وتعرضها.

في مقابل هذه البرامج التي قد نجد فيها الطيب والرديء، ما يناسبنا وما يبتعد عنا، نجد أنه من بين البقات التي وصلت إلى شاشاتنا ما يبتعد عن أسلوب أي مجتمع، ففيها من السطحية والتعدي على خصوصيات الناس، والتقليل من احترام المشتركين في البرنامج الكثير الكثير، فبعض البرامج التي تهدف إلى تعليم المشترك أسلوبا مناسبا لارتداء الملابس، في كثير من الحلقات تجلب سيدات كبيرات في السن، وبدأت انتقادهن أمام الكاميرا بطريقة جارحة جدا، قد تصل إلى تمزيق ملابسهن التي يرتدينها ليبقين عاريات أمام مرآة إلا من القليل من الملابس، باعتبار ما ترتديه «جريمة في حق الأناقة». ليلبسنها لاحقا ملابسَ تضمن لها «الحصول على موعد غرامي» مع رجلٍ ما، وهذا ما تعتقده الغالبية تعديا ليس فقط على المشارك في البرنامج، بل هو أيضا تعدي على المشاهد، فالمشاهد والمشترك من الممكن أن يتعلم الأسلوب الأفضل للتأنق وارتداء الملابس المناسبة لمختلف المناسبات والأعمار، من دون أن تنتهك خصوصيته أمام ملايين الأعين.

المدهش في الأمر أن الكثير من الناس المتابعين بشكل دائم للبرامج والأفلام المترجمة باتوا ينتظرون ظهور الترجمة أسفل الشاشة، حتى عند مشاهدتهم برنامجا أو مسلسلا عربيا، ليس لعدم فهمهم الكلام العربي المحكي في البرنامج؛ بل لأنهم بحكم العادة باتوا معتادين على رؤية هذه الكلمات مع كل برنامج.

العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً