أشاد عدد من النواب بتصريحات سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة والتي أكد خلالها «أن يد المحاسبة ستطال أي وزير يثبت تورطه في قضايا الفساد، وأن حملة مواجهة الفساد لن تستثني أحدا»، معتبرين تصريح سموه بمثابة برنامج عمل ومخطط ضد الفساد، ووسيلة اطمئنان للمواطنين والمستثمرين المحليين والأجانب على المال.
كما أكدوا أن تفعيل مثل هذه التصريحات يمكن أن يتم عبر دعم السلطة التشريعية والرقابية في محاولاتها للكشف عن الفساد، داعين إلى عدم السماح للأشخاص المتنفذين بإيقاف محاولات الكشف عن مواطن الفساد، معتبرين أن مكافحة الفساد إنما هي مسئولية كل الأطراف في الدولة، وأنها لن تتحقق إلا من خلال تحديد آليات محددة يتم العمل في إطارها.
الشيخ: تصريحات سموه برنامج عمل ضد الفساد
وفي هذا الصدد، ثمن الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي عبد اللطيف الشيخ تصريحات سمو ولي العهد الرامية لمحاسبة الفساد والمفسدين والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه نهب الثروات، مؤكدا دعم جمعية وكتلة المنبر بقوة لمثل هذه التصريحات وللخطوات التي تصدر عن أي مسئول لمحاربة الفساد والمفسدين، وتمنى الشيخ أن تمثل تصريحات ولي العهد برنامج عمل ومخططا للتصدي للفساد بكل أنواعه سواء كان ماليا أو إداريا.
وأكد الشيخ أن محاربة الفساد يعد من الدعائم الأساسية للنهضة والتنمية لما توفره من ثروات وأموال وجهد يساعد في بناء تنمية حقيقية ويؤدي إلى تحقيق عدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة، مشددا على ضرورة تكاتف كل القوى والكتل والحكومة والوقوف صفا واحدا لاجتثاث المفسدين والناهبين لأموال الشعب من كل المواقع.
ولفت الشيخ إلى أن كتلة المنبر كانت أول من فتح ملف الفساد في البرلمان في الدور التشريعي الأول عن طريق عدد من الأسئلة التي ساهمت في كشف بعض أوجه الفساد في عدد من الشركات وعلى رأسها شركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، متعهدا بمواصلة الكتلة لمجهوداتها وبالتعاون مع بقية النواب والكتل وكل الأجهزة الرقابية من أجل تجفيف منابع الفساد ومحاسبة المتجاوزين الخارجين على القانون.
وقال: «إن الكتلة على أتم الاستعداد لفتح أي ملف فساد تتوافر بخصوصه مستندات لديها، عن طريق موظفين أو مواطنيين»، مطالبا المؤسسات والهيئات بتحمل مسئولياتها في التصدي لمثل هذه الخروقات التي تهدد تنمية البحرين واستقرارها ماليا واجتماعيا.
كما طالب الشيخ المواطنين والموظفين بالإيجابية والإسراع بالإبلاغ عن أية تجاوزات مالية وإدارية من أجل إيقاف ما وصفه بـ «نزيف السرقات والاختلاسات» لما لها من تأثير ضار على الوطن حاضرا ومستقبلا، مشيدا بالإجراءات التي اتخذتها شركة ممتلكات البحرين القابضة والمتمثلة في إبلاغ النيابة عن تجاوزات (ألبا)، كما أشاد بالخطوات التي اتخذتها شركتا طيران الخليج والشركة العربية لاصلاح السفن (أسري) بتوقيف عدد من الموظفين بتهمة سرقة المال العام.
وحذر الشيخ كذلك من أنواع أخرى من الفساد، تتمثل في الاستيلاء على أراضي الدولة بكل أنواعها سواء كانت شواطئ أو فشوتا من جانب عدد من المسئولين، مطالبا بالتصدي بحزم بقوة لمن يتعدى على أموال وممتلكات الناس.
المرزوق: آلية تعيين الوزراء لها دور في منع الفساد
نائب رئيس كتلة الوفاق خليل المرزوق، اعتبر تأكيد سمو ولي العهد على مكافحة الفساد من أية جهة صدرت حتى لو كانت من الوزراء، يعطي اطمئنانا إلى عدة أطراف في منظومة الوطن وخارجها، مفادها أن المال العام سيحافظ عليه بدعم من أحد أركان القيادة العليا في البلد، ناهيك عن أنه يطمئن النواب المخلصين الذين يسعون إلى ملاحقة المفسدين سواء كانوا مسئولين أو وزراء.
وقال: «نتمنى أن تتم ترجمة هذا الكلام، عبر عدم خلق أية إعاقات أمام النواب المخلصين الذين يسعون إلى مكافحة الفساد المالي والإداري وأية أمور أخرى تخدش الوطن وثوابته».
وأكد أن التفعيل الحقيقي لهذه التصريحات يمكن أن يتم من خلال بعض التشريعات التي تحتاج إلى أن تستكمل، منها زيادة مساحة السلطة التشريعية في بعدها الرقابي، وتصحيح بعض أوضاع ديوان الرقابة المالية، وخصوصا في التعاطي بينه وبين النواب، من دون الاكتفاء باعتبار التقرير السنوي للديوان التعاطي الوحيد بين كلا الطرفين من دون أية تفاصيل أخرى، ناهيك عن الاهتمام بالبعد التشريعي وافساح المجال أمام الإصلاحات الدستورية والتعديلات على اللائحة الداخلية لمجلس النواب من دون أية تعقيدات.
وأشار المرزوق أيضا إلى آلية تعيين الوزراء، وخصوصا أن هناك وزراء معروفين ويشار إليهم سواء على مستوى إغفالهم عن الفساد في وزاراتهم أو الذين تدور حولهم الشبهات، ونوه برؤية جلالة الملك بألا يستمر الوزير في وزارته أكثر من أربع سنوات، وأكثرها ثماني سنوات، فهناك طاقات مختلفة في هذا الوطن يمكن الإستفادة منها، وخصوصا تلك التي لم يشر إليها بشبهات الفساد أو الطائفية أو التمييز.
وتطرق المرزوق إلى رؤية سمو ولي العهد التي أعلن عنها في أكثر من مرة، والتي أكد فيها على المواطنة ورفض أي خطاب طائفي، لافتا إلى أن كل النواب المخلصين والمواطنين الشرفاء يدهم بيد سمو ولي العهد للقضاء على هذه البؤر الطائفية والفساد والتي لا تريد للبحرين أن تكون وطنا يعيش فيه الناس كمواطنين من غير أية انتماءات سياسية ومذهبية.
وقال: «إن تأسيس شراكة حقيقية مع سمو ولي العهد في مختلف الأبعاد من شأنها أن تعمل على مكافحة الفساد، فهناك مساحة كبيرة يمكن أن تنقل مملكة البحرين إلى أجمل البلاد التي أكد جلالة الملك أنه يسعى إليها منذ توقيع الميثاق».
أما فيما يتعلق بمشروع الإسكان والإعمار، والذي أكد ولي العهد في تصريحه أمس ضرورة أن تكون المشروعات الإسكانية وفق رؤية جلالة الملك بتوفير مسكن لكل مواطن، فعلق المرزوق: «لاشك أن حديث سموه لا يعني به الشقق، وإنما هو تأييد لرؤية جلالة الملك بأن تكون هناك أرض لكل مواطن، وخصوصا في ظل المساحات التي لا نعلم عنها في البحرين وهي مملوكة لأشخاص، والتي يمكن أن توفر مسكنا ملائما لا شقة لأجيال المستقبل من المواطنين».
أبوالفتح: تصريحات سموه امتداد للمشروع الإصلاحي
أما عضو كتلة الأصالة عيسى أبوالفتح، فأكد أن تصريحات سمو ولي العهد لم تأتِ من فراغ وإنما تمثل امتدادا لمبادئ المشروع الإصلاحي وكذلك الحال التي وصل إليها مؤشر الفساد الذي لا يمكن السكوت عنه، ناهيك عن تنامي مؤشر كشف الفساد الذي وصل إلى مراحل متقدمة بفضل المؤسسات الدستورية ومساحة الحرية للمواطنين.
وأشار إلى أن اهتمام سمو ولي العهد بالتصدي للفساد بكل أشكاله على أساس أنه عدو للتنمية والديمقراطية وعامل مساعد لإشاعة الفوضى وعدم احترام القانون، إنما هو بمثابة رسالة متعددة الجوانب وواضحة وصريحة وتتضمن عدة نقاط أبرزها تفعيل الرقابة الذاتية للكل، وأن لا أحد فوق القانون، إذ تطال العقوبات الجميع.
كما أكد أن ما يفهم من رسالة سموه دعم السلطة الرقابية وديوان الرقابة المالية في مساءلة ومحاسبة المسئولين عن هذه التجاوزات والمخالفات، وكذلك التنبيه إلى ضرورة المحافظة على المال العام، وأيضا تشديد الجهات القضائية في فرض العقوبات على المتجاوزين وإنزال أقصاها بهم حتى يكونوا درسا للكل.
وحذر أبوالفتح من عدم تفعيل أحد أركان رسالة سموه، كون ذلك يعني الاستمرار في توطين الفساد والمعاناة من أخطاره في التنمية البشرية.
القعود: مكافحة الفساد تعزز موقع البحرين في التقارير الدولية
بدورها، أشادت عضو كتلة المستقبل في مجلس النواب لطيفة القعود بتصريحات سمو ولي العهد بشأن مكافحة الفساد، معتبرة إياها من أهم العناصر التي تدعم المضي قدما في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وخصوصا بعد التقرير السنوي الذي أظهر أن هناك تراجعا في مكافحة الفساد في البحرين، مشيرة إلى أن مثل هذه الخطوات التي أعلن عنها جلالة الملك ستعزز مكانة البحرين في التقارير المقبلة، ناهيك عن دعمها للمشروع الإصلاحي، وطمأنة البحرينيين بأن هناك أيادي فوق كل يد تحاول أن تعبث بالمال العام وتحاول أن تستغل موقعها في أية وزارة كانت لتحقيق منافع شخصية وذاتية.
وقالت: «نبارك لسمو ولي العهد هذه الخطوات الصارمة والجادة، وندعو إلى المزيد من هذه التحركات والتطمينات لأبناء الشعب، لأن الفساد آفة أي مشروع، وإذا استطعنا أن نحارب بؤر الفساد وأن نقضي عليها، فلاشك أن ذلك سيكون دفعة كبيرة باتجاه المشروع الإصلاحي لجلالة الملك».
وأكدت القعود ضرورة أن يكون هناك مزيد من التعاطي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كونهما يكملان بعضهما بعضا، وألا يكون هناك تصور بأن السلطة التشريعية مضادة للسلطة التنفيذية، منوهة إلى أن دور السلطة التشريعية هو الكشف عن مواطن الفساد وتوجيه الوزير المعني إلى أن هناك جهة معينة تحتاج إلى ملاحظة دقيقة، مستدلة على ذلك بما حدث في اللجنة المالية في مجلس النواب عندما أشارت إلى بعض مواطن الفساد في شركتي طيران الخليج و «ألبا».
وقالت: «نتعاطى مع الوزراء من منطق كوننا خائفين على المصلحة العامة التي يحرص عليها الجميع. وإذا وجدنا أن هناك فسادا في شخص معين، فلاشك أننا سنشير إليه ونتعاطى معه من خلال الآليات المتاحة لنا في المجلس، سواء كانت لجان التحقيق أو الاستجواب وطرح الأسئلة».
بوصندل: المتنفذون يحولون دون كشف الفساد
أما عضو كتلة الأصالة في مجلس النواب إبراهيم بوصندل، فأكد أن الأصل في محاربة الفساد أنه مسئولية الكل، وأن الفساد يدخل ضمن المفهوم الواسع للمنكر، ومحاربته واجب شرعي ووطني، محملا الجميع من أصغر موظف إلى أكبرهم مسئولية محاربة الفساد والسعي إلى فضح المسئولين الفاسدين.
واعتبر أن توجيه سمو ولي العهد يعطي دفعة وتشجيعا على كشف الفساد وايقافه عند حده، وخصوصا أن استيلاء أي شخص أو جهة على ثروات أو مقدرات من المال العام، إنما يحرم آخرين من حقوقهم، لافتا إلى أن الفقر وشح الأراضي ووضع الرجل غير المناسب والتخلف في بعض الإدارات والهيئات... قد تكون كلها أسبابا للفساد.
وأكد بوصندل أن مكافحة الفساد من قبل أعلى القيادات في البلد تعني توفير حياة أفضل للمواطنين، ومؤشرات لعهد جديد يأخذ فيه كل حقه ويضرب بيد من حديد على المخطئين، شرط ألا يكون كشف الفساد شعارا فضفاضا يتم رفعه من دون وضع آليات عملية له، على حد تعبيره.
وقال: «إن المشكلة في بلداننا أننا لا نستطيع كشف الفساد، وحين يصل الأمر لكشفه على مستوى عال جدا وعلى يد أشخاص متنفذين توقف العملية، وتصريح ولي العهد أمر مشجع على التصدي لمثل هذه الأمور، ولكننا نريد الاتفاق على آليات معينة لتحقيق هذه الشعارات. كما يجب أن تكون الدعوة إلى كشف الفساد على كل المستويات».
وضرب بوصندل في حديثه مثلا على الفساد، حين أكد أن المقالات التي تتناول الفساد في شركة طيران الخليج لم يكن يسمح بنشرها في الصحافة المحلية كون الشركة معلنا مهما للصحافة، معتبرا أن الصحيفة التي لا تكشف الفساد يعني أنها تقبض بدل الفساد.
وأكد أن الكثير من النواب تحدثوا عن قضايا فساد منذ الفصل التشريعي الأول، ولكن لم يتم التعامل معها بجدية، كما أن نوابا سابقين - بحسب بوصندل - كان لديهم توجه لتشكيل لجنة تحقيق أو استجواب لكشف الفساد في «ألبا»، غير أنه تم اجهاضه، منتقدا الآلية التي يتم بها التعامل مع السؤال الذي يوجه من السلطة التشريعية، والذي يتعامل معه بعض الوزراء في ردودهم باستخفاف.
العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ