العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ

«كرسي الصحة» الذي يأبى إلا أن يغيّر جالسيه سريعا

بالأمس أطاح بخليل حسن... وجاء الدور على ندى حفاظ

كانت طبيبة عائلة ناجحة، وكان استشاري أمراض أطفال ناجحا، واختير هو ليتقلد منصب وزير، واختيرت خليفة له لتمسك الوزارة التي أطاحت به. ورحل هو ليعين سفيرا في اليابان، وتسلمت هي منصبه مرتين متتاليتين، ولكن يبدو أنها سترحل قريبا مثلما رحل. اختلف سيناريو رحيل كل منهما، لكن النتيجة كانت في الحالتين... واحدة.

هي وزيرة الصحة - حتى إشعار آخر - ندى حفاظ، وهو وزير الصحة السابق خليل حسن، كان كل منهما ابنا للوزارة، وأحد كوادرها الطبية المتميزة قبل أن يجلس على «كرسي الصحة». ذلك الكرسي الذي يبدو أنه لا يسمح لأحد بأن يجلس عليه طويلا، ويأبى إلا أن يغير جالسه بين فترة وأخرى، بعكس كراسي أخرى دأبت على الاحتفاظ بالجالسين عليها طويلا.

لا شكّ أن أزمة وزير الصحة السابق خليل حسن مع الاستشاريين في وزارته، التي أطاحت به في وقت قياسي لاتزال عالقة بالأذهان على رغم مرور سنوات عليها، جاء حسن - وهو استشاري من بين الاستشاريين - بمخطط ورؤية انقلابية جديدة للوزارة، كانت آماله عالية وأفكاره تقدمية، من التأمين الصحي إلى رسوم العيادات الخاصة إلى علاج الأجانب، غير أن الوقت لم يسعفه طويلا، فالحملة ضده كانت كبيرة جدا، وقوية جدا. تكالب استشاريو وزارته عليه بقوة حتى أطاحوا به، فالوزارة لم تهدأ منذ أمسك بها، وتغييره كان الحلّ الوحيد لتعود لهدوئها.

ثم جاءت ندى حفاظ، طبيبة أخرى تعرف حال الوزارة ومشكلاتها، وأيضا... دهاليزها لا نهاية لها. انتقلت من موقعها في مجلس الشورى إلى كرسي الوزارة، لتنتقل في سنوات معدودات من كرسي الطبيب، إلى كرسي عضو الشورى، إلى كرسي الوزير. مارّة برحلة طويلة/ قصيرة من سلطة الطبيب، إلى السلطة التشريعية، إلى السلطة التنفيذية.

شهدت الوزارة في عهد ندى هدوءا نسبيا لم يلبث حتى اشتعل مرة أخرى، فعلاوة على الشكاوى التي لا تنتهي - ويبدو أنها لن تنتهي - من قبل المواطنين بشأن تقصير الوزارة في تقديم خدماتها الصحية لهم، علاوة على كل ذلك، بدأت الأزمات تشتعل مرة أخرى، ومن داخل الوزارة، لتكشف عن وجود إشكال حقيقي في الداخل. ولا ننسى في هذا الصدد الأزمة التي عصفت بقسم الطوارئ، و أزمة التحقيق مع رئيس جمعية الأطباء عبدالله العجمي.

صمدت الوزيرة مرتين أمام تعديلين وزاريين، وثبت لها «كرسي الصحة» رافضا التغيير. غير أن الصمود ما لبث أن تلاشى، والسبب... لجنة التحقيق البرلمانية في تقصير وزارة الصحة.

تجمع الاستشاريون من قبل، واقفين في وجه خليل حسن حتى تم إسقاطه، واليوم اجتمعت لجنة التحقيق البرلمانية - التي أكد رئيسها وقائد حملة تصريحاتها النائب محمد المزعل أكثر من مرّة أنه لا يستهدف شخص الوزيرة - لتقف في وجهه ندى حفاظ، لتكون سببا، مباشرا أو غير مباشر، في هزّ « كرسي الصحة» مرة أخرى لتطير منه حفاظ كما طار سابقها، بحسب الأنباء شبه المؤكدة التي ترددت بشأن التعديل الوزاري الجديد المرتقب.

حفاظ التي أعلنت أنها قدمت استقالتها مباشرة بعد أن تم الإعلان عن تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، لم تتردد في الإعلان عن أنها مستعدة لأن تقدم استقالتها مرة أخرى لو طرحت اللجنة الثقة فيها، لتقدم «كرسي الصحة» قربانا لحماية الوزارة من «التفجير» الذي افترضت أن المزعل يريد أن يقوم به. المزعل بدوره اتهم الوزيرة بمحاولة تسييس الموضوع وشخصنته، وتعقيد عمل لجنته حتى حولت شروط زيارة الوزارة إلى «شروط زيارة السجون».

بقوة وحزم أعلنت حفاظ «سأحضر اجتماع لجنة التحقيق، وسأرد بهدوء على الأسئلة، ومن سيحترمني سأحترمه، ومن سيتعدى حدوده سيوقف عند حده». لكنّها لم تحضر الاجتماع الذي جرى انعقاده الأسبوع الماضي ما أثار أعضاء اللجنة عليها، ولكنّ ثورتهم ما لبثت أن خفتت، فالتغيير الوزاري بات وشيكا، وبات من شبه المؤكد أنه سيشمل حفاظ.

المزعل يقول إن لجنة تحقيقه ستستمر، سواء تغيرت الوزيرة، أو انسحب أعضاء لجنة التحقيق، معلنا بعبارة أكثر صراحة «أنه ماضٍ في مشوار التحقيق ولو بقي وحده». والوزيرة تقول إنها ستحمي وزارتها من كل هذا «اللغط» بتضحيتها «بكرسي الصحة»، على اعتبار أن لجنة التحقيق ستسقط بتغييرها.

في النهاية يحتفظ «كرسي الصحة» بجالسته أيام معدودات أخرى، ولن يلبث أن يشهد جالسا جديدا، رجّحت الأنباء أن يكون طبيبا آخر هو فيصل الحمر... فما الذي ينتظره؟

العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً