العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ

«بلاك ووتر» أو شركة المياه السوداء 1/4

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عادت قوات شركة «بلاك ووتر» الأميركية الخاصة للأمن إلى استئناف عملياتها الأمنية في العاصمة (بغداد) بعد إنهاء الحظر الذي فرض على عملها عقب مقتل عراقيين مدنيين في عملية لها يوم الاحد 16 سبتمبر/أيلول 2007، وقالت السفارة الأميركية في بغداد إنها استأنفت تنقلات موظفيها في الطرقات خارج المنطقة الخضراء شديدة التحصين وإن عناصر «بلاك ووتر» ستوفر الحراسة لبعض هذه التنقلات.

يذكر أن 11 عراقيّا مدنيا قتلوا في ذلك الأحد عندما أطلق حراس أمن تابعون إلى الشركة النار في مفترق طرق مزدحم في بغداد. وقالت الشركة ان رجالها اطلقوا النار على 11 شخصا في ساحة النسور وسط العاصمة العراقية الأحد الماضي «دفاعا عن النفس»، لكن شهودا عراقيين نفوا ذلك، وعلقت الحكومة العراقية عمل الشركة وفتحت تحقيقا مشتركا مع الجيش الأميركي. وقالت السفارة إن استئناف العمليات المحدودة لشركة الأمن جاء بموافقة الحكومة العراقية. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال ان «بلاك ووتر» تورطت في سبعة حوادث من هذا القبيل، بحسب بيانات وزارة الداخلية، منددا بما أسماه «استخفافا بأرواح المدنيين العراقيين».

ولتقدير الحيز الذي تحتله شركة مثل «بلاك ووتر» وغيرها من الشركات المماثلة التي تنشط في المجالات الأمنية والعسكرية، نستذكر هنا خطابا ألقاه دونالد رامسفيلد - وزير الدفاع الأميركي السابق- قبل ساعات من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول وتحديدا يوم العاشر من سبتمبر 2001.

حينها اعتلى رامسفيلد منصة البنتاغون ليلقي واحدا من أهم خطاباته بصفته وزيرا للدفاع. وقتها لم يكن معظم الشعب الأميركي سمع عن تنظيم القاعدة أو تخيل أنه يمكن أن يحدث له ما حدث من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والغريب، وحسبما يشير الكاتب الصحافي الأميركي جيرمي سكيل في كتابه «بلاك ووتر» أن رامسفيلد تحدث في خطابه عن أن الولايات المتحدة تواجه تهديدا حقيقيّا. وينقل سكيل ما ورد على لسان رامسفيلد من قول بأن «العدو أصبح قريبا من الوطن، وهو ما يتطلب إحداث نقلة شاملة في أسلوب إدارة البنتاغون واستحداث نموذج جديد يقوم على القطاع الخاص».

أما في العراق فقد أميط اللثام عن نشاط «بلاك ووتر» (الماء الأسود) لأول مرة عندما أعلن في 31 مارس/آذار 2004 قتل المتمردين أربعة من جنود هذه الشركة كانوا يقومون بنقل الطعام. وفي إبريل/ نيسان 2005 قتل خمسة منهم بإسقاط مروحيتهم، وفي مطلع 2007 قتل خمسة منهم أيضا بتحطم مروحيتهم.

وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» في العام 2004 أن فرقا عسكرية (مغاوير) من النخبة استأجرتهم حكومة الولايات المتحدة لحماية الموظفين والجنود وضباط الاستخبارات في العراق. وقالت إن وصفهم بالمتعاقدين العسكريين مع الحكومة ليس دقيقا والوصف الصحيح هو «جنود مرتزقة» وتحدثت عن إرسال الآلاف منهم إلى العراق. وفي ديسمبر/كانون الأول 2006 كتب مارك همنغواي في مجلة «ويكلي ستاندرد» واصفا موظفي هذه الشركة بأنهم «محاربون بالأجرة». ويشار هنا إلى أن الفيلم الوثائقي المعروض في العام 2006، العراق معروض للبيع: الرابحون من وراء الحرب (Profiteers Iraq for Sale: The War ) اتهم الشركة بالمسئولية عما جرى في أبو غريب جزئيّا.

وفي مارس2006 قال نائب رئيس الشركة، كوفر بلاك، في خطاب له في مؤتمر في العاصمة الأردنية (عمان)، إن «بلاك ووتر» مستعدة لإعادة السلام في أية منطقة صراع في العالم. كما صرح كريس تايلور احد مديري هذه الشركة بأنه يمكن إرسال قوات من الشركة لاستعادة الأمن والسلام إلى دارفور بغطاء من الناتو والأمم المتحدة.

لكن لابد هنا من تأكيد أن «بلاك ووتر» ليست الشركة الوحيدة التي تزود العراق بالمرتزقة، هذا ما تؤكده تصريحات رئيس مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة لشئون المرتزقة خوسيه برادو، الذي كشف في التقرير الذي أعده في فبراير / شباط 2007 أن المرتزقة الذين يعملون في العراق يشكلون اليوم القوة العسكرية الثانية بعد الجنود الأميركيين وأن عددهم أكبر من عناصر القوات البريطانية.

ويضيف خوسيه في تقريره أن «هناك 160 شركة على الأقل تعمل في العراق، وهي تستخدم على الأرجح 35 ألفا إلى أربعين ألف مرتزق غالبيتهم عناصر شرطة سابقون وعسكريون يتم تجنيدهم من الفيليبين والبيرو والإكوادور وجنوب إفريقيا».

لكن تقارير أخرى تذهب إلى القول بوجود أكثر من 180 شركة أمن عاملة في العراق، غالبيتها أميركية وأوروبية، ويعمل فيها بين 25 ألفا و48 ألف شخص، على شكل متعاقدين.

ويبدو أن العراق ليست الدولة العربية المسلمة التي تستفيد من خدمات «بلاك ووتر»، ففي حديث صحافي نادر أكد رئيس الشركة، إيريك برينس أن الشركة توقع عقودا مع حكومات أجنبية منها حكومات دول مسلمة لتقديم خدمات أمنية بموافقة حكومة الولايات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً