العدد 1854 - الأربعاء 03 أكتوبر 2007م الموافق 21 رمضان 1428هـ

أنا «مجنون الوائلي» وعرفت الوائلي صحافيا أزهريا لا رجل منبر فحسب

الكاتب سليم الجبوري لفضاءات «الوسط»:

على الصفحة الأخيرة من الكتاب، تقرأ رسالة من رئاسة الجمهورية إبان عهد صدّام حسين البائد، إلى السيد نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، أمّا محتوى الرسالة فهو رأي حول «شبهات الوائلي»، إلذي تنتشر كاسيتات محاضراته الدينية والتي يستمع الناس لها في كلّ مكان، كما أنّ عرض الإذاعة الإيرانية لثلاث مرات يوميا لأحاديثه أتاح الفرصة لاستماعه عبر أجهزة الراديو.

راهن الكاتب العراقي سليم الجبوري في كتابه التوثيقي حول العلاّمة الوائلي على لعبة تتبع الوثائق والصور، فكان إصداره الأخير الذي تناول فيه الكاتب على مدى خمسة فصول و480 صفحة سيرة أشهر رجالات المنبر الحسيني في التاريخ الشيعي قاطبة، كان قادرا على أنْ يعطي قراءة مغايرة عمّا خرج للمكتبة الإسلامية حول هذه الشخصية من إصدارات.

يقول الجبوري: إنّ موضوع السيرة هو موضوعه منذ الطفولة في النجف مع الشيخ باقر شريف القرشي، الذي تعلّم منه طريقة تراجم الشخصيات.

طفولة التراجم والشخصيات أعطت الجبوري قناعة تامّة، بأنّ الشخصيات المعاصرة إذا لم تترجم فإنّ عطاءاتها ستندثر وتنتهي. وكتابة السيرة كما يفهمها الجبوري هي توثيق ذلك العطاء الذي قدّمته تلك الشخصية للمجتمع والأمّة.

أمّا عن اختياره للشيخ الوائلي، فهي جراء مواكبة بدأت منذ الصغر، يقول «تأثرتُ به، حتى في المنبر فإنتاجي متأثر جدا بالوائلي. الشيخ الوائلي مدرسة إصلاحية ساهمتْ في تطوير المؤسسة الحسينية واستطاع النفاذ إلى العقول والقلوب لدى الجميع». هذه الحالة من التعلّق بالوائلي لدى الجبوري صيّرته حسبما يقول متهما على الدوام بأنه «مجنون الوائلي».

ويضيف سليم «صدرت أكثر من 10 كتب عن حياة الشيخ الوائلي بعد وفاته، لكنني حاولت أنْ أذهب لزاوية لم يتطرّق لها أحد. تنقلت بين العراق وإيران ولبنان وسورية ومصر حيث الوثائق على مدى أربع سنوات,. وحاولت إخراج الوائلي من دائرة المنبر إلى فضاءات أكثر، وهي فضاءات الوائلي الحقيقية، في هذا الكتاب يظهر الوائلي خريج الأزهر، والوائلي كاتبا صحافيا أيضا».

وعلى رغم أنّ الجبوري يؤكّد أن معرفته بالوائلي هي معرفة عميقة ومتأصّلة، إلاّ أنه يؤكّد رغم سنوات أربع من البحث والتمحيص الدقيق أنّ الوائلي مات وهو غامض، وأنّ ثمة من الأسرار الكثير، يعرف الجبوري منها الكثير ويعتقد أن آوان نشرها لم يحن بعد، يقول: «هناك في ما وراء السيرة، نجد الوائلي أكثر من تلك الشخصية التي تربينا من خلال محاضراتها الوعظية، الشيخ ترك بصمات واضحة في أذهان الناس ولدى جميع المسلمين. ومع ذلك، فأعتقد أنّ الوائلي كان رجلا غامض. والغموض هذا يشمل ممارسات وإنتاجات الوائلي صمتا، وشعرا.

ويؤكّد الجبوري أن اسم الوائلي تعرّض للاستغلال من بعض القنوات الفضائية، مؤكّدا أنّ الوائلي أصبح «ورقة لمَنْ يريد أنْ يعبر عليه، والفضائيات تقوى بالوائلي وليس الوائلي مَنْ يقوى بها».

ورفض الكاتب العراقي أنْ يكون الوائلي ملكا او تمثيلا لتيار سياسي دون آخر، معتبرا إيّاه تراثا لم يكن لأحد لكنه كان للجميع.

الوائلي ومرحلة مصر

تعتبر مرحلة مصر أرقى المراحل في حياة الوائلي. ويؤكّد الجبوري أنّ «هذه الشخصية في بغداد لم تكن منفتحة اجتماعيا، لكنها في مصر انفتحت أكثر خصوصا مع عبدالرزاق محي الدين وطالب الرافعي وبحر العلوم وعبدالعزيز لطفي رئيس وزراء مصر الذي كان أحد أساتذة الوائلي (...) كان الوائلي حلقة الوصل بين الطلبة العراقيين والمثقفين المصريين في القاهرة. وكان في ذلك السياق أنْ تخرج للعيان جمعية التقريب بين المذاهب الإسلامية. وشهادة الوائلي في مصر هي أوّل شهادة تعطى لرجل دين شيعي نجفي».

وعن علاقة الشيخ الوائلي بالبحرين يقول الجبوري: «ارتبط الشيخ الوائلي بعلاقات كبيرة مع الشخصيات الدينية في البحرين، منهم الشيخ محمد أمين زين الدين، والشيخ عبدالأمير الجمري، وإبراهيم العريّض، وكان حضور الشيخ الوائلي لمأتم بن سلّوم هو ما أعطاه وهجه العربي. وكان يحذر الذاهبين للبحرين من رواد المنبر الحسيني قائلا: إذا ذهبتم البحرين أخشوهم، فالبحرينيون يحفظون الشعر. وإذا قيّم أهل البحرين الخطيب بأنه خطيب، فهو كذلك».

واختتم الجبوري حديثه لـ «الوسط» بإقرار أنّ الوائلي لم يأخذ حقه من التكريم، وأضاف «لم يأخذ الوائلي حقه في المجتمع، وعندما دعا أحد رؤساء الدول في المنطقة الشيخ الوائلي لتكريمه، رفض الشيخ الوائلي ذلك، فالوائلي كان متحفظا على استخدامه سياسيا. وبالنسبة للناس فلقد أعطوه حقه ولم يعطوه في الوقت نفسه . الشعب العراقي أعطاه حقه، لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب والذي يستحقه».

ودعا الجبوري إلى تفعيل الدراسات حول الوائلي بوصفه مفكرا ومصلحا سياسيا. يقول: «نذرت نفسي للشيخ الوائلي، وسأستكمل البحث في حياة الشيخ الوائلي خلال السنوات القادمة».

العدد 1854 - الأربعاء 03 أكتوبر 2007م الموافق 21 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً