وطني دعاء الجدّات قبل وبعد صلاة الفجر...

تراتيلُ لسُورة «القصَص» ببحّة صوت محمد صدّيق المنشاوي...

تسبيحٌ قبل فتح الأبواب في الطريق إلى الحقل... المكتب... المصبغة... أو بيع قناني المياه في ذروة أغسطس أمام إشارة ضوئية...

انتظاراتٌ تلهج بالخير لكل أهل الأرض...

وطني... الذين على أعصابهم ينامون ويصحون...

نشيدٌ يؤديه طفل في الطابور الصباحي...

قهوةٌ عربية مُرّة تكتنز فيها كل حلاوة الدنيا...

سرادقُ عرْس يفيض بالتمنّي...

وطني بسماحة فقير يلتقط كسرة خبز ... يقبّلها ويمسّد بها جبينه قبل أن يضعها بعيدا عن غفلة الأقدام...

وطني عمّال لايحلمون بإضربات ماداموا في الصميم من الالتفات إلى عنائهم الطويل...

وطني كاتب لا يخشى كشف المستور في الحيّزات المليئة بالعفن والفساد والقبض من تحت الطاولة...

أرملة تقبّل التراب المتسرّب من تحت الأبواب

قبل استئناف عملها في أحد مصانع الألبسة الجاهزة...

وطني خيمة مشرعة على الشمس

فاكهتها نار الضيوف... وحفاوة بحجم الكون...

وطني الحاضر المكتنز بالأمل والغد المليء بمفاجآت المسرّات...

وطني نص يترك قارئه عرضة لهوس البحث عن كاتبه كي يقبّل جبينا هو من طهْر طينة الأرض...

وطني أمل محمد الماغوط في يأسه وسخريته...

وفاقة جمال حمدان في غناه المعرفي قبل أن يسجّر قبره/شقته...

وعنفوان فدوى طوقان في شيخوختها...

والتمرد النبيل لأمل دنقل...

ورومانسية نزار قباني الجارحة في كثير من الأوقات...

والحلم اللانهائي لبدر شاكر السيّاب...

وشفافية وبياض قاسم حداد...

والعزلة الجميلة لأمين صالح...

وطني الهوية الناضجة... المتحضّرة المنتمية لما بعد الدولة الحديثة وما بعد التمدن.