العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ

«الوفاقيات» و «الليبراليات» يطالبن بحقوق المرأة تحت سقف واحد

في مؤتمر الوفاق الأول للمرأة

اجتمعت الناشطات النسائيات من التيار الإسلامي جنبا إلى جنب مع ناشطات التيار «الليبرالي» تحت سقف واحد في مناسبة «نادرة» الحدوث وذلك في مؤتمر الوفاق الأول للمرأة الذي نظمته دائرة شئون المرأة أمس، ليناقشن معا قضايا المطالبة بالحقوق العامة للمرأة، طارقات أبواب بعض الملفات النسوية التي تشكل مفترق طرق بين الطرفين وعلى رأسها قانون أحكام الأسرة، نظام الكوتا، والمشاركة السياسية للمرأة.

وأوصى المؤتمر الذي فاق عدد حاضراته 200 مدعوة من عضوات الجمعيات الإسلامية «من المذهبين» وعضوات الصناديق الخيرية والمآتم والحوزات العلمية، علاوة على بعض الشخصيات النسائية وعلى رأسهن عضوات جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد).

وحضر حفل افتتاح المؤتمر عدد من نواب كتلة الوفاق البرلمانية، بالإضافة إلى بعض أعضاء ورؤساء المجالس البلدية الوفاقيين وبعض أعضاء الجمعية، فيما ظهر بارزا تغيّب الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان عن حفل الافتتاح إذ كان على موعد مع سفرٍ إلى الخارج. وتقدم المؤتمر في ختامه بعدة توصيات كان أبرزها التنسيق بين التيارات النسوية وإيجاد أكبر قدر من المشتركات للعمل عليها، واحترام خصوصيات الآخر العقائدية والفقهية والحذر من الانسياق نحو ما يفضي إلى الشقاق والفتنة بين أبناء الوطن.

وفي الكلمة التي ألقتها بمناسبة افتتاح المؤتمر، أشارت رئيسة دائرة شئون المرأة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية رملة عبدالحميد إلى دور المرأة المسلمة منذ القدم في حفظ وبناء المجتمع المسلم، مشيرة إلى ضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة مشاركة منظمة وفاعلة، بحيث لا تكون مجرد طرف اجتماعي قاصر، إذ ينبغي برأيها التعامل مع قضية المرأة بوصفها إنسانا له حق التصرّف في حياتها الشخصية من حيث حرية اتخاذ القرار.

وأوضحت عبدالحميد أن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تتبنى برنامجا يكفل للجميع حقوقه بما فيه المرأة، منوهة بأهداف المؤتمر الذي اهتمت «الوفاق» بإقامته وهي المساهمة في نشر الثقافة السياسية الصحيحة المنطلقة من النهج الإسلامي، والعمل على التمكين السياسي للمرأة البحرينية وحفز مشاركتها في العمل السياسي، وتعزيز التواصل بين جمعية الوفاق والمجتمع النسائي البحريني.

أما رئيس مجلس التحكيم في الوفاق وعضو المجلس العلمائي الشيخ باسم الخياط فأكد من جانبه مكانة المرأة في المجتمع وأهمية دورها، غير أنه أضاف «لا يبرر للمرأة أن تخوض حربا لتستعدي الرجل تحت شعار المطالبة بحقوقها فهو شريكها، بل عليها أن تساند الرجل في دوره وتعمل معه جنبا إلى جنب».

شمس الدين: نحتاج إلى «أنسنة» الفكر الإسلامي

ودعت الباحثة الإسلامية القادمة من الكويت إيمان شمس الدين إلى «أنسنة» الفكر الإسلامي من أجل استقطاب كل التيارات التي تدعو إلى حقوق المرأة. ولخّصت في ورقتها التي بدأت بها فعاليات المؤتمر وحملت عنوان «تاريخ عمل المرأة السياسي وإشكالياته في العالم العربي والإسلامي» الإشكاليات في العمل السياسي للمرأة في الوطن العربي والإسلامي أهمها، أدلجة الكثير من العادات والتقاليد التي أدت إلى ترسيخ تلك المفاهيم في عمق الوعي واللاوعي. علاوة على تأثر الديانات السماوية بثقافات المجتمعات المعاصرة والسابقة لها وتسرب تلك الثقافات إلى الفهم العام لرجال الدين. والبيئة وأثرها على فهم رجال الدين للواقع الديني وحيثياته، الاختلاف العميق الذي خلفه الفهم الديني للنصوص ما أثر في قضية أدلجة بعض السلوكات الاجتماعية، والصراعات السياسية في الحكم وما خلفته تلك الصراعات من طرح مفاهيم سياسية جديدة تصب في مصلحة الحاكم. وفساد الكثير من الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي، وإظهار الصراع القائم على أنه صراع بين الذكر والأنثى ما عزز من حيثيات العزل والإقصاء وعرقل مسيرة الإصلاح السياسي.

الجمري وانتقاد للتعيينات النسائية الحكومية

من جانبها، تناولت عضو شورى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عفاف الجمري في ورقة بحثية موضوع «واقع العمل السياسي للمرأة في البحرين»، متطرقة بالحديث إلى الحقب التاريخية التي شاركت فيها المرأة في البحرين منذ الخمسينات من القرن الماضي وحتى عهد الإصلاح السياسي في البحرين. وانتقدت الجمري تعيينات النساء في الجانب الحكومي، إذ إنها على رغم أهميتها وعلى رغم أنها غالبا شملت الكفوءات، إلا أنها «غالبا ما تنحاز إما إلى المواليات للسلطة أو بالمحسوبية، أو ضمن معادلات حكومية معينة» بحسب قولها. وأضافت «بتحليل بسيط ندرك أن تبني الكوتا لن يوصل إلا امرأة معارضة ولذلك تقف السلطة ضد تبنيه، كما أن عدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية يعوق أيضا وصول المرأة وتمثيلها تمثيلا صادقا».

ورأت الجمري أن التلكؤ في الجانب الشعبي في التيار الإسلامي لايزال كبيرا في مجال تمكين المرأة وليس المشاركة السياسية بسبب ما أطلقت عليه «غلبة التوجّه الذكوري وغياب الفقه التجديدي المنتشر في الكثير من التيارات الإسلامية خارج البحرين حاليا».

وقدمت الجمري في ورقتها عدة توصيات أهمها التنسيق بين كل التيارات النسوية وإيجاد أكبر قدر من المشتركات للعمل عليها، والسعي لإزالة كل ما يعوق تمكين المرأة، والعمل على حلحلة مشكلة قانون أحكام الأسرة وجعله يولد بطريقة عادلة ومنصفة تحترم كل الأطراف.

فيما تحدثت عضو جمعية الوفاق صغرى عبدالوهاب عن مفهوم الكوتا النسائية والتمثيل النسائي في البرلمان، مبينة موقف «الوفاق» الرافض من هذا المفهوم على اعتبار إيمانا منها بمبدأ «الأولوية لمن هو الأكفأ لأنه سيخدم المجتمع بشكل أفضل».

«أحكام الأسرة»

وطرح نسائي علمائي

وفي أول طرح «نسائي علمائي» لموضوع قانون أحكام الأسرة، قدمت عضو المجلس العلمائي خديجة العكري ورقة عمل حملت عنوان «قانون الأحوال الشخصية... وحقوق المرأة». استعرضت فيها تفصيلا وجهة نظر المجلس العلمائي بخصوص القانون بقولها: «يمكن القبول بالتقنين بثلاثة شروط لا يمكن التنازل عن أحدها بأيّ حال، وهي أن يكون المصدر الوحيد للقانون هو الشريعة الإسلامية، ورعاية الخصوصية المذهبية وعرض مسودة القانون المختصة بالطائفة الشيعية على المرجعية الدينية بغرض التأكد من مطابقتها لمقتضى الحجة الشرعية، وضمان بقاء القانون واجدا لكلا الشرطين الأولين، الذي يقضي إضافة مادة جامدة في الدستور تحميه من أن يعتمد في المستقبل على غير الشريعة الإسلامية». فيما أشارت أن هذا الموقف نابع «من رؤية دينية بحتة، والتزام بأحكام الشريعة التي يؤمن بها أبناء البلد».

وعلى رغم تأكيد العكري حقّ المرأة في المطالبة برفع كل أشكال الظلم والتعسف والحرمات التي تعاني منها والتفهم من أن مطالبتها بتقنين أحكام الأسرة نابعة من المعاناة الحقيقية التي تعيشها، إلا أنها أكدت ضرورة وجود عدد من المقومات التي لا بد أن تتحقق لإنجاح هذه المطالبة أهمها انطلاقها من وعي الناس الديني والقبول العام بها والحرص على الرؤية الواحدة والموقف الواحد. فيما أكدت أيضا أن المطالبة بحق تقنين أحكام الأسرة يجب أن تكون مسئولية الرجل والمرأة معا.

وفي النهاية شددت العكري على ضرورة أن «تراعي السلطة حقّ الناس في أحوالهم الشخصية بحسب معتقداتهم، وأن تسرع في تحقيق مطلب المجلس العلمائي في توفير الضمانة الدستورية، مع الالتفات إلى أن صدور القانون لن يكون العصا السحرية التي تعفي الدولة من علاج المشكلات الفعلية التي تواجه القضاء الشرعي، علاوة على التأكيد على الوعي المجتمعي والإسلامي بما يدور في هذا الخصوص».

شكيب: لا بد من قوة نسائية ضاغطة لمنح المرأة العاملة حقوقها

وفي مجال حقوق المرأة العاملة بدأت عضو شورى الوفاق شعلة شكيب استعراض ورقة متخصصة عن حقوق المرأة العاملة في القطاع الخاص في تشريعات العمل البحريني من أحكام تشغيل المرأة وإجازة الأمومة والرضاعة، إذ انتقدت شكيب بعض الأحكام العامة في قانون العمل البحريني موصية بإيجاد قوة نسائية ضاغطة تحمل منظورا فكريا تقدميا مؤثرا يتعلق بتطوير المرأة ووضعها الفكري والثقافي، ويعمل على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وفق الرؤية الإسلامية.

كما أكدت ضرورة اعتماد آلية سنّ القوانين بمشاركة مختلف الفئات المتخصصة في كل قانون على حدة، إذ إن غيابها يجعل مناقشة القوانين لا تبحث على بساط التخصص وإنما على أرضية الوضع السياسي العام وتوجهات الدولة بحسب قولها. كما أكدت أنه بالنظر إلى التجارب التاريخية يعتبر من الخطأ أن تعتمد الحركة النسوية على الدولة في تبني حقوقها، وإنما حمايتها لأن هذا التوجيه سيضعف موقف النساء عموما وليس موقف الدولة كما ذكرت.

أما عضو نقابة بتلكو ابتسام الدرازي فبينت في ورقة العمل التي استعرضتها عن «المرأة البحرينية والعمل النقابي» أن من أبرز المعوقات التي تواجه قلة مشاركة المرأة في العمل النقابي في البحرين عدم الثقة في كفاءتها وخصوصا في المفاوضات الجماعية، والادعاء بعدم وجود الخبرة الكافية لديها في العمل النقابي، وعدم الاعتراف بالنظرة الحقيقية للمرأة، وتجميل ووضع عقبات اجتماعية لها أثناء مزاولتها العمل النقابي.

العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً