العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ

المحاصيل المعدلة وراثيا 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ومن الطبيعي أن تنتقل الخلافات بشأن الموقف من الأغذية المعدلة وراثيا من غرف المعامل والمحافل الأكاديمية إلى الأسواق وغرف صنع القرار في المؤسسات التجارية، الأمر الذي حولها إلى إحدى أكثر القضايا العلمية إثارة للجدل في الوقت الحاضر. فالشركات المناهضة للأغذية المعدلة وراثيا ترى أن هذه التقنية قد تقود إلى مجموعة من المشاكل التي تتراوح بين ظهور «الأعشاب الضارة الخارقة» وبين أمراض الحساسية ومقاومة المضادات الحيوية عند البشر.

أما الخبراء المؤيدون لهذا النوع من الأغذية، فيزعمون بالمقابل، أن الأغذية المعدلة وراثيا ليست شيئا جديدا على البشر، فالمزارعون يعملون من فجر التاريخ على تطوير أنواع جديدة من الذرة على سبيل المثال.

وقد أعرب الناشطون في مجال حماية البيئة قلقهم من العبث بالطبيعة من أجل تعزيز أرباح الصناعات الزراعية. وتركز معظم مخاوفهم على محاولات بعض العلماء لتعزيز بعض المحاصيل بصفات جديدة كليا بالنسبة لها من خلال استخدام الجينات المأخوذة من أنواع حية مختلفة تماما كالأسماك على سبيل المثال.

من جانب آخر، لطالما جادل المؤيدون للأغذية بأن الإنسان يعمل على إنتاج أغذية معدلة وراثيا منذ آلاف السنين. وتشير الاكتشافات الأثرية ودراسات الحمض النووي إلى أن المزارعين في أميركا الوسطى نجحوا في إنتاج نوع جديد من القرع شبيه باليقطين الذي نعرفه اليوم منذ حوالي 9500 سنة ومن ثم أنتجوا محصولا هجينا من الذرة ونبات اليتوسينتي (شائع في أميركا الوسطى).

وكانت نتائج عملية التهجين باهرة في بعض الأحيان. ففي العام 1867 قام ويليامز جيمس بيل من جامعة ولاية ميتشيغان بتطوير محصول من ذرة مهجنة يفوق حجم المحاصيل العادية بنسبة 50 في المئة.

لكن من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن أسلوب التهجين التقليدي يختلف كثيرا عن الأسلوب المستخدم في إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا. ولاتزال الطرق التقليدية حتى يومنا هذا غير مجدية وتحتاج إلى جهد كبير لنقل الصفات الوراثية المرغوب بها، ناهيك عن إمكان انتقال مجموعة من الصفات غير المعروفة، الأمر الذي ربما يقود إلى نتائج خطيرة.

وتنفي تقارير للأمم المتحدة إدعاءات المؤيدين للأخذ بتقنيات التهجين، بأنهم إنما يقومون بذلك من أجل سد فجوة الفقر العالمية. فقد جاء في تقرير أصدرته منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة أخيرا أن فقراء العالم لم يستفيدوا من الاغذية المعدلة وراثيا لأن التقنية تستخدم في انتاج محاصيل مربحة أكثر مما تستخدم في المحاصيل الأساسية. وأكد التقرير أن «التكنولوجيا الحيوية تحمل في طياتها آمالا واعدة للزراعة في الدول النامية. ولكن حتى الآن لا يحصد المزارعون مكاسبها إلا في عدد قليل من البلدان النامية».

ويضيف التقرير أن ملياري شخص سيضافون إلى سكان العالم خلال 30 عاما وسيكون توفير الغذاء لهم تحديا يمكن للتكنولوجيا الحيوية المساعدة على التغلب عليه. ولكن حتى الآن لم يتحقق سوى تقدم بسيط. وقالت المنظمة أنه بدلا من تحسين القيمة الغذائية للمحاصيل الأساسية مثل الأرز، فإن تكنولوجيا المحاصيل المعدلة وراثيا يتم تطبيقها فيما يتعلق بالقطن والذرة ومحصول الكانولا وفول الصويا. وأضافت المنظمة إن الفقراء لا يستفيدون من تلك التقنية لأن المحاصيل المهمة لهم إنما هي «محاصيل يتيمة» لا تفضلها الشركات التي تنفق ثلاثة مليارات دولار سنويا على الأبحاث المتعلقة بتهجين الأغذية.

وقال رئيس المنظمة جاك ضيوف «توجد حواجز أخرى تعوق وصول الفقراء الى التكنولوجيا الحيوية الحديثة والاستفادة الكاملة منها مثل فرض قيود غير مناسبة ومسائل معقدة تتعلق بحماية الملكية الفكرية والأسواق التي لا تعمل بكفاءة وسوء أنظمة توريد البذور وضعف القدرات الانتاجية المحلية».

وعلى رغم كل تلك التحذيرات والمحاذير، تشير الإحصاءات (وإن كانت غير حديثة، نسبيا، إلاَّ أنها ذات دلالة) إلى اتساع مساحة الأراضي التي تزرع بمحاصيل معدَّلة وراثيا. لقد ازدادت هذه المساحة، في العام 2002، بمقدار 15 مليون أكر (الأكر وحدة مساحة إنجليزية قدرها 4 آلاف متر مربع)، ليبلغ إجمالي هذه المساحة، في العالم كله 145 مليون أكر، وهو رقم يمثل 35 ضعفا لما كان عليه الوضع في العام 1996. وكان يعمل في هذه المساحة، التي توزعت في 16 من بلدان العالم، ستة ملايين عامل زراعي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً