العدد 1914 - الأحد 02 ديسمبر 2007م الموافق 22 ذي القعدة 1428هـ

بعد تجلط الرشوة «التقاعدية» ...نوابنا هيّا إلى المعالي!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

من دون حضور أيّ نائب من الأربعين نائبا باستثناء المحاضر النائب جاسم حسين عقدت ندوة «زيادة رواتب النواب والوزراء» في مقر «وعد» وذلك ضمن سلسلة الندوات الجادة والقيّمة التي اعتدنا من تنظيم «وعد» أنْ ينظمها ويطرح فيها الملفات الكبرى الوطنية والساخنة التي تهم مختلف أطياف الشعب، وذلك أمرٌ ليس بغريب أبدا لكونه صادرا عن أوّل جمعية سياسية تتأسس في الفترة الإصلاحية، وعن تنظيم سياسي وطني عريق سطّر أروع التضحيات في سبيل رسالته المبدئية وبحراكه التنظيري والميداني النضالي، ومثل هذه الندوات الوطنية التوعوية بطرحها العلمي الراقي والمتوازن لم تأت أبدا نظير مخصصات نيابية عالية أعطيت للاجتماع بالناس وبحث مشكلاتهم وقضاياهم وتوعيتهم وطنيا!

ومثل هذه الندوات المتكاملة لم تأتِ بعد اتباع سياسة تمكين أولي وضروري لأعضاء التنظيم للانغراس في مفاصل الدولة، وفي فروع القرارات الرسمية كحال أحد «التنظيمات» الإسلاموية الذي لم يبدأ في توعية الناس بالملفات والقضايا الوطنية المتأخرة بتواضع إلاّ بعدما اعترى الشيب والصدأ أجنحته السلطوية الذهبية التي تفوق حجمه الفكري والميداني بكثير وكثير!

وكنت قبلها قد أبلغت الأخ العزيز والنائب الفاضل عادل العسومي بأمر الندوة فأبدى لي اهتمامه بها ووعدني بأنه سيحاول رغم انشغاله، وكم تمنيتُ لوحضرالندوة الأخ العزيز والنائب الفاضل عبدالله الدوسري فهو صاحب المقولة الغريبة والزعم الفريد بأن عدم حبس الصحافي يُعد تمييزا وكسرا للقاعدة الدستورية التي تحقق المساواة بين جميع المواطنين!

حبذا لو استمع أبو خلف إلى ورقة المحامي المخضرم سامي سيادي بشأن المخالفة الدستورية التي يمثلها مشروع «تقاعد الوزراء والنواب» الذي يعمل ضد ما يكفله الدستور من مساواة للمواطنين فسيادي قد قال نصا بحسب ما نشرته «الوسط»: في حالة تطبيق أو تمرير أيّ شكل من أشكال القوانين لزيادة الوزراء والنواب فسيكون هناك إخلال بمبدأ دستوري صريح وهو المساواة بين المواطنين، فلا يعقل أنْ يعمل موظف في الحكومة 40 سنة ويحصل على 80 في المئة فقط راتبا تقاعديا، ويحصل النائب على فوق ذلك بكثير»!

فما بالك لو أضيفت مبالغ الرشوة «التقاعدية» التي كان من المحتمل أنْ يقبضها الإخوة النواب إلى جانب حصانة برلمانية مصمتة يتمناها صحافي غلبان؛ ليفضح الفساد وينوّر بحبر قلمه المجتمع والوطن؟!

لا أظن أنّ الأخ العزيز أبا خلف يختلف معي أن صناديق الانتخابات تلك لا يمكن أنْ تكون صناديق خيرية لترقية النواب وترفيههم وتفخيمهم معيشيا من دون سائر الناس ولتمييزهم عنهم، وأنه بالإمكان التفريق بينهم جميعا!

وأذكر أنه ومن خلال محادثة لي بـ»SMS» مع أحد الإخوة المدافعين بحمية عصبية عن «كتلة المنبر الإسلامي» ومواقفها «المشرفة» من الرشوة «التقاعدية»، تلقيتُ منه زعما بشأن موقف «كتلة المنبر» الذي رفضتْ بعض الأطروحات البنائية المقترحة بشأن المشروع وطالبت بعرضه على ما أسماه بـ»المكتب السياسي» لـ «المنبر» حتى يكون له القرار الحاسم، وقد انتقد بشدة إشادتي بمواقف «الوفاق» و»المستقبل» لكونهما بحسب زعمه قد انقلبتا 180 درجة على مواقفهما السرية، ولزعمه أنّ ضغوط الشيخ عيسى قاسم على «الوفاق» أجبرتهم على التراجع!

قلتُ له بداية إن المهم هو في النتائج لا المسببات فبذلك تقاس قيمة معايير السياسة الواقعية والعملية (البراغماتية)، فنحن مع «الوفاق» و»المستقبل» في صف واحد طالما أنهم انتهوا إلى رفض المشروع بغض النظرعن خلفياتهم السابقة تجاهه، ونتمنى لهم مزيدا من التلاحم والثبات على المواقف الصعبة تلك التي لا تقبل المساومة على حساب قضايا الشعب!

وإنْ كان الحديث عن الزعم بأن ضغوط الشيخ عيسى قاسم على «الوفاق» أثمرتْ مثل هذه المواقف الشريفة، فإننا نتمنى أنْ يجد «المنبر الإسلامي» نفسه ذات يوم تحت ضغط شديد من قبل مرجعية وطنية عليا وسامية أكانت ممثلة مثلا في قيم مبدئية إسلامية وإنسانية أو مجسّدة في رجل مثل الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة ذي الشموخ والأنفة الوطنية المتسامية أو غيره ممن نحن بأمس الحاجة لهم!

وما زلتُ محتارا بشأن آلية اتخاذ القرار في «المكتب السياسي» لـ «المنبر الإسلامي» في قرار مصيري بشأن الرشوة «التقاعدية» تلك، لماذا هي معطلة وسرية للغاية؟!

هل «المنبر» ومن خلال مقرهم في «الفاتيكان» المحرقي العتيق والمغلق يتبعون ذات الخطوات والعلامات والأشراط لاتخاذ القرارات المعمولة في الفاتيكان من خلال إطلاق الدخان الأبيض في السماء للإعلان عن التوافق؟!

هل ستنتظر الجماهير المحرقية العريضة أمام مقر «المنبر» لإعلان القرار إمّا بإطلاق الدخان الأبيض من أعلى سطح المقر كرمز للتوافق على إسقاط الرشوة «التقاعدية»، أو إطلاق الدخان الأسود كرمز للتوافق على تشريع وتقبيل الرشوة «التقاعدية»؟!

لو كانت العملية كذلك فستكون عملية طويلة ومملة ومكلفة، وربما توقع «المنبر» في شر»الحاسدين» و»الكائدين» و»المتربصين» في جميع أنحاء المجرة!

اقترحت على الأخ العزيز والمتحامل علينا أنْ تقوم «المنبر» مثلا بنشر بيان صحافي صريح في الصحافة المحلية تبين من خلاله موقفها الرافض بحزم للرشوة «التقاعدية» طالما أنّ حال المواطن لم يتحسن، فلم لا يكون ذلك إحدى الخيارات المتاحة أمامها!

وفي حال استعصاء التوافق بين أعمدة «المنبر» بشأن موضوع الرشوة «التقاعدية» فهنالك خيار آخر بإعداد عريضة يوقع عليها أعضاء تيار وجماهير «المنبر» يعلنون فيه رفضهم لاستلام «نواب المنبر» مبالغ الرشوة «التقاعدية» التي ستنسف مصداقيتهم لدى المواطنين وتشوه سمعة تيارهم أسوة بعريضة الإخوة الأفاضل في «الوفاق»، وقد عرضت عليه أن أكتبها لهم في شكل مسودة حولها ليطلعوا عليها فأفعل فيهم بذلك خيرا وأنال جزاء أخرويا حسنا وأوفر عليهم الكثير من وقتهم الثمين، فمثل هذه العريضة ستكون مجانا وفي إطار الـ «PUBLIC SERVICE»، وليست شبيهة أبدا بما تسطره مافيات «شكوكو» و»شقوان» و»صنوبر» الصحافية من بيانات مدفوعة الأجل لنواب الإلهاء والإثارة الغرائزية الطائفية!

لتنطلق مثلا هذه العريضة بين أعضاء جمعية «المنبر» أو في المؤسسات والكيانات العضوية المتعاضدة معها مؤسساتيا، فلا عيب ولا ضير أبدا في أن يحتج الابن على أباه والأخ على أخاه وولد العم على ولد عمه، وأنْ يحتج الأنسباء على الأصهار، ويتحاجج أولاد الخال مع أولاد الخال، ويتفاعل أفراد العائلة نقديا مع أعمدة هذه العائلة وسواعد ادخارها وتداولها وإنتاجها واغتنامها واستغلالها، فمثل ذلك الاحتجاج والجدال النقدي والنقاش العائلي المفتوح بحميمية لا بدّ أن يكون الأمر طبيعيا وحيويا معلنا داخل أي تيار،وهو لأجل كلمة الحق أوّلا ولمصلحة التيار ثانيا!

قدمت للأخ العزيز المحتج عليّ اقتراحا عاجلا جدا بأنْ يحضر أعمدة «المنبر الإسلامي» ندوة «وعد» حول «زيادة رواتب النواب والوزراء» أو أنْ ترسل الكتلة رسولا لها يتلو للناس والمواطنين موقف «المنبر» الصريح من تلك الرشوة «التقاعدية» وأنْ تحاول أنْ تكشف «الحقائق المخيفة والمخفية» للمواقف البرلمانية عسى أنْ يدور هنالك جدال وتفاعل حقيقي، فلا أظن أنّ «وعد» وهم أهل الضيافة الوطنية الأصيلة ستقتل رسول «المنبر الإسلامي» أو تمزق رسالته وتحبسه حتى وإن خاطبهم قائلا: «أسلموا تسلموا»، ولكنهم للأسف مع كلّ ذلك لم يحضروا جماعة «المنبر»!

كان من المناسب من الإخوة الأفاضل أنْ ينثروا عن أثوابهم الزاهية و «شماغاتهم» الناصعة وذقونهم المشذبة بعناية شظايا قنبلة إبراهيم شريف التي فجّرها في وجوههم إنْ لم يكن يروقهم مضمون ومعنى تلك القنبلة الصريحة، كان من الأنسب أنْ يكبروا عقولهم ويتساموا عن الحساسيات التنافسية السياسية والممالئات الحزبية ويأتوا على الأقل لأجل المصلحة والصالح الوطني العام، فمرحبا بهم حينها!

لو كان ذلك الحضور مثلا سيسبب لهم إحراجا كبيرا أمام السلطة، لكنا قد ناشدنا وتوسطنا لهم عند المنظمين أنْ يمنعوا التصوير حينها أو يوفروا لهم زاوية يتم من خلالها تعتيم الإضاءة من فوقهم وحولهم!

لو طبقت «المنبر الإسلامي» تلك الاقتراحات الثلاثة بشأن الموقف من الرشوة «التقاعدية» لكانت قد نالت احتراما وتقديرا وتثمينا كبيرا يرفع من شأنها المبهم لدى الكثير من المواطنين!

تطبيق تلك الاقتراحات العملية المهداة سيكون أجدى نفعا للوطن وللمواطنين ولمصلحة الجمعية والتيار نفسه بكثير من أمثلة كثيرة لردود معتادة ومحتملة «منبريا» في الساحة الصحافية، ومنها مثلا عتاب ساخن يحل علينا ليلا من لدن الأخ العزيز والمتحامل، أو اتصال هاتفي بالغ الرخامة والهدوء والحميمية والرقة وساحر التهذيب قد يأتينا من الأخ النائب الفاضل علي أحمد، أو بيان صحافي «عرمرمي» مشحون انفعاليا وتهكميا وتوبيخيا قد يأتي من الأخ العزيز محمود جناحي جراء ما اقترفت أيدينا، ومع كل ذلك النصح الأخوي نترك لهم في النهاية حرية التصرّف العاقل والمسئول مع مضمون ذلك المقال، فهم في النهاية محاسبون أمام الله عزّ وجلّ على أفعالهم وأقوالهم ونحن كذلك، ونتمنى أنْ نكون قد وفقنا في قول كلمة الحق، ونتمنى أنْ يصفح عنهم المواطنون والفرقاء السياسيون المهضومون باطلاّ!

وأتمنى بعد ذلك أن أعيد استذكار أيام الطفولة البريئة والجميلة التي قضيتها مع الإخوة الأعزاء في «جمعية الإصلاح» حينما أنشدنا جميعا «شبابنا هيّا إلى المعالي»، وأتمنى أنْ تتكرر تلك الأيام برلمانيا فننشد «نوابنا هيّا إلى المعالي... هيّا اصعدوا شوامخ الجبال... هيّا اهتفوا يا معشرَ الرجال... قولوا لكلّ الناس لا نبالي»!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1914 - الأحد 02 ديسمبر 2007م الموافق 22 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً