بيضاء ناصعة، زاهية الألوان أو مطرّزة بزخارف فنية... هذه ليست لوحة إنما هي «الطاقية»... غطاء الرأس الذي يرتديه الكثير من المسلمين في الصلاة وأصبح محركا لصناعة متنامية يعيش عليه مئات الآلاف في بنجلاديش الفقيرة.
عبدالخالق، تاجر تنبئ لحيته البيضاء بعمره الذي تجاوز الستين قال لـ»إسلام أون لاين.نت»: إنه يعمل في تجارة طواقي الصلاة منذ 26 عاما، مؤكّدا أنها التجارة الوحيدة التي يعرفها.
ويعمل في صناعة الطواقي ما يقرب من نصف مليون عامل، ويتم صنع معظم الإنتاج في المنازل أو في مصانع صغيرة بمختلف أنحاء البلاد. وتعد مدينة بورجا وميناء شيتاجونج المركزينِ الرئيسيينِ لهذه الصناعة.
ويصدر تجّار مثل عبد الخالق إنتاجهم لجميع أنحاء العالم، ويقول عبد الخالق: «أقوم بجمع الطواقي من بورجا وأبيعها للمصدرين في دكا» (العاصمة).
واجب ديني
طواقي الصلاة بالنسبة إلى التاجر محمد رشيد هي أكثر من كونها تجارة، فهي قيمة روحية إذ يقول: «أشعر بالرضا لأنّ ما نبيعه يستخدمه المسلمون في الصلاة».
من جانبه، قال محمد فاروق الذي يمتلك مصنعا للطواقي في جنوب دكا: «نعتبر أنّ صناعة الطواقي واجب ديني».
وتصدر بنجلاديش 20 مليون طاقية إلى جميع أنحاء العالم سنويا، وتعد بنجلايش ثالث دولة في العالم من حيث عدد المسلمين الذي يصل إلى 148 مليون نسمة.
النساء... المحرك
وإذا كانت الطواقي سلعة تخص الرجال في الشراء، فإنها هبة أيادي النساء اللائي يشكّلنَ عصب القوى العاملة والمحرك الرئيسي في عجلة إنتاج الطواقي.
تقول رشيدة خاتون العاملة في أحد مصانع بورجا: «أتكسب من بيع الطاقية الواحدة مبلغا يتراوح ما بين 15 إلى 35 سنتا».
وتضيف رشيدة التي تنتج نحو 20 طاقية في الشهر أنها تحتاج المال للإنفاق على أسرتها الفقيرة.
ورشيدة هي نموذج لآلاف النساء وطالبات المدارس والجامعات اللائي يعملنَ في هذه الصناعة، وكثير من هؤلاء الفتيات يعتبرنَ العائل الرئيسي لأسرهنّ.
ويعمل في صناعة الطواقي بمدينتي شيتاجونج وبورجا وحدهما 300 ألف عاملة.
عائشة خاتون تدرس في الجامعة بشرق شيتاجونج و تعمل في صناعة الطواقي لكسب مورد مالي إضافي يساعدها في الدراسة، وتقول: «أعمل في أوقات الفراغ فقط حتى لا تتأثر دراستي».
وتعد المرأة البنغالية قوة عمل هائلة في الكثير من الصناعات مثل: الغزل والنسيج والفخار والزراعة وصيد الأسماك بالإضافة إلى الكثير من الصناعات اليدوية الأخرى.
غير مدعمة
وعلى رغم أهمية صناعة الطواقي، فإنها لا تلقى اهتماما ملائما من السلطات، بحسب كثيرين.
ويقول محمد سبحان شاه مدير أحد مصانع الطواقي لـ «إسلام أون لاين»: «الاستثمار في هذا القطاع شحيح». مضيفا: «إذا ما اهتمت الحكومة بهذا القطاع للاستثمار فيه أو تجهيز البيئة الملائمة للاستثمار به فستشهد هذه الصناعة ازدهارا أكثر من ذلك».
بدوره، أكد مولانا دين محمد صاحب متجر للطواقي أنّ «المصدرين لا يجدون حوافز مالية ومشجعة من الحكومة».
وتعد الصين المنافس العملاق في هذه الصناعة إذ تحتل المركز الأول عالميا في تصدير الطواقي، وتدعم الحكومة الصينية صناعة الطواقي بتوفير التجهيزات و رؤوس الأموال الغزيرة.
ويأسف التاجر محمد فاروق؛ لأنّ بلاده ليس فيها وسائل متطورة لصناعة الطواقي بقوله: «نقوم بصنع الطواقي بآلات حياكة يدوية بينما يستخدم الصينيون آلات مزودة بالكمبيوتر».
ويعتقد فاروق أنه على رغم تصدر الصين تصنيف الإنتاج كميا، فإن بنجلاديش تتصدره من ناحية الجودة، على حد قوله. ويضيف فاروق: «طواقينا أكثر جمالا».
وبنجلاديش هي واحدة من أكثر الدول كثافة سكانية، ويعيش 40 في المئة من إجمالي عدد السكّان البالغ 144 مليونا على أقل من دولار يوميا
العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ