العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ

ردا على ما قيل حول مؤتمر الوفاق الأوّل للمرأة

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

اسعدني جدا أنْ يأخذ مؤتمر الوفاق الأوّل للمرأة والذي حمل عنوان « المرأة والمطالبة بالحقوق العامّة... ما بين الواقع والطموح» هذا الحيّز من الردود الإعلامية المتميزة لذا أجد نفسي أكثر المعنيين بالتجاوب مع تلك الكتابات كوني رئيسة اللجنة المعدّة والمنظمة لفعاليات هذا المؤتمر، ربما ذلك لا يغيّر من قناعتنا كثيرا لكنه في المقابل يمثل ملتقى لبناء مزيد من المشتركات، تأخرتُ في الرد كثيرا أملا في الحصول على مزيد من التعليقات، لكن يبدو في النهاية أنّ الرد لا محالة منه.

إنّ الخطاب النسائي بشكل عام سواء في العالم العربي أو الغربي ارتبط ارتباطا وثيقا بقضايا الأمّة القومية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكان غالبا ما يعتمد على نظريات ومحاور عقائدية أو فكرية مبنية على دعائم دينية أو آراء لفلاسفة وعلماء أو قيادات سياسية لا تخرج جميعها عن إطار سلطة أبوية. وكما هو الحال في الدول العربية سيطر الخطاب الليبرالي النسائي على الساحة النسائية البحرينية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ما يميز هذا الخطاب انه خطاب جريء ومغامر وأكثر استقلالية، لكن ما يؤخذ عليه انه خطابا متغربا برمته، اذ كان التراث الغربي عاملا مهما في توجيهه. فالمرأة في الغرب بدأت من تراث يزدري المرأة اذ يعتبر القانون الإنجليزي التاريخي المرأة ملكا للرجل، بينما يشير المثل الفرنسي إلى أنّ المرأة الجيّدة تعني الخادمة الجيّدة، أما الروسي فينص على أنّ الزوجة الجـيِّدة تكون سيِّدة أكثر كلّما كانت أكثرعبودية للرجل، ومن هذا الموروث السيئ للمرأة بدا النضال الغربي من خلال التجمّعات النسائية من نهاية القرن الثامن عشر، واستمر حتى النصف الأوّل من القرن العشرين وكانت تسعى المرأة فيه الى تحقيق المساواة مع الرجل في الحياة العامّة، والدخول في معترك السياسة واتخاذ القرار، والمطالبة بسن قوانين تكفل حقوقها كاملة في مؤسسة الزواج، ومن هذا المنطلق تحرك الخطاب النسائي الليبرالي البحريني إذ أسقط قضايا المرأة الغربية على الساحة المحلية وأصبح خطابه يدورفي قضايا لم يتجاوزها بعد، اذ لايزال الحديث ساخنا في أروقتهنّ عن الهيمنة الذكورية والعنف ضد المرأة، بل تمادى هذا الخطاب ليُطال القضايا الشرعية من تعدد الزوجات، والإرث، وحق الطلاق. بينما نرى الخطاب النسائي الغربي تعدّى هذا الخطاب وأصبح الآنَ أكثر خصبا اذ تميّز بالتضامن المعنوي مع المرأة انطلاقا من وحدة الجنس والتشابه والإحساس بالقضايا المشتركة، فلذا بدأ خطابهنّ في هذا الفترة منصبا على الدّراسات والنظريات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالمرأة. وللأسف لم يخرج الخطاب الليبرالي النسائي البحريني عن إطار الصورة الأولى التي رسمها له، مما جعله خطاب نخبة وليس خطابا جماهيريا منطلقا من القاعدة، فهو لا يُحارب بعض الرؤى والأفكار المضادة له فحسب بل أصبح خصما للمرأة الأخرى الخارجة عن دائرة نطاقه.

عزيزتي منى توافقنا مع الرّجل لا يعني وصاية

أودّ أن أشير إلى أن كاتبة هذه السطورهي رئيسة دائرة شئون المرأة بالوفاق، وليس كما ذكرتِ في ثنايا المقالتين - رملة جواد - هذا اللبس غير المقصود هو نفسه ما أوقعت فيه اللجنة المنظمة للمؤتمرالتي اعتقدت أنّ منى فضل عباس عضوة في جمعية «وعد» فلذا وجهت الدعوة لعدد من عضواتها، توقعنا حضوركِ من بينهنّ، إذ إننا من أشد الناس حرصا على حضوركِ المؤتمر، فهو شرفٌ لنا، لكننا في المقابل نجد إنكِ لم تنصفينا، فلا أدري على أيّ أساس بنيتِ إنّ المرأة لم تكن ذات أولية في الوفاق، فتخصيص مؤتمر للمرأة، ورصد موازنة له، وتشكيل لجنة من رجال ونساء الجمعية لمهامه على ماذا يدل؟ وماذا يعني؟ فالوفاق لا تقيم شيئا اعتباطا ولا ترفا، ولم يكن خروج نواب الوفاق وبلدييها بعد الجلسة الافتتاحية هروبا إنما كان ذلك امتثالا لطلب اللجنة المنظمة التي رأتْ أنّ المؤتمرالأول سيكون اللقاء فيه نساء خالصا تتلاقى فيه مختلف التوجهات النسائية لمد التواصل والالتقاء والتحاور في الاختلافات، بينما المؤتمرات القادمة سيشرك فيها الرجل لا محالة، أمّا مَنْ شاح بوجهه عن الوفاقيات فلا يوجد له صدى، وكيف يكون ذلك وقد التقت اللجنة المنظمة مرتين قبل المؤتمر وبعده بمرجعية التيارالشيخ عيسى قاسم فعن أيّ إقفال تتحدثينَ؟

في حوار بثته «قناة الحرة» حديثا، مع عضو مجلس الشورى البحريني بهية الجشي أشارتْ فيه إلى أننا في البحرين تجاوزنا قضية سفرالمرأة مع المحرم وفي هذا انطلاق لحرية المرأة، هنا أوجّه سؤالي للكاتبة مَنْ الذي جسّد هذه الحرية في البحرين النخبة أم العلماء؟ إنْ تكن المرجعية جهدا بشريا توافق عليه مجموعة من الناس فإنّ الاتفاقيات الدولية هي الأخرى جهد بشري، فلماذا توضع الحالة الأولى في باب الوصاية والثانية توصف بالتحرر، ولِمَ الانسياق وراء كلّ الاتفاقيات ومن بينها اتفاق «سيداو» على إنها حق لايأتيه الباطل وهل كلّ بنودها مناسبة إلينا فأينَ هويتنا الثقافية فالعالم الأوّل وبعض شعوب دول آسيا تلحق اسم المرأة المتزوجة بعائلة زوجها، وعلى رغم التبعية غير المنصفة لكن هناك توافق اجتماعي عليها، فهل نؤسس لعالمينِ عالم رجل وعالم امرأة؟، وننسى إننا نناضل من أجل الحق، ومن أجل حرية الإنسان وكرامته، كما إننا لم نرَ أيّ جمعية ذات أيديولوجية،أنّ نساءها مختلفون عن رجالها في الطرح وتبني المواقف الثقافية قبل السياسية، فتوافقنا مع الرجل لا يعني انعكاسا لهيمنة الرجل وضعفا للمرأة، وإثبات قوتنا لن تكون مربوطة بأنْ نصبح صوت نشاز. لسنا ممَنْ يحمل شعارات فارغة من المحتوى بل منطلقة من خلفية إيمانية عقلانية قائمة على البرهان والفطرة السليمة والمنتمية لدورالخلافة في الأرض، فالإنسان في الشرع أمّا مجتهد أو محتاط أو مقلّد والحاكمية لشرع الله وكلّ ما هو ليس على خط القرآن فهو باطل.

عزيزتي فريدة هدفنا تفعيل المشتركات

المتتبع منّا لنصوص القرآن العظيم، يجد الكثير من آياته لا تقيم أيّ اعتبار للدعائم الواهية، سواء المتصلة برابطة العرق أم برابطة المصالح والمنافع، إذ استندت لمفهوم الأمّة بمعناها الجديد، ذات الأفق الواسع والقائم على وحدة المستقبل والعقيدة، والمنطلقة نحو الإنسانية الشاملة من غيرالنظرإلى الزّمان والمكان والنوع. حيث المسئولية مشتركة، ما يُكلّف به الرّجلُ يُكلّف به المرأة، فليس هناك مَنْ يُشرّع للرجل ومَنْ يُشرّع للمرأة. غير أنّ الذي يهمُّنا هنا أكثر إننا نريد أنْ نلتقي معا لنتحاور من أجل نهضة المرأة ونتخلّص من حالة التردد والتذبذب لا نريد أنْ نقدّم قدما ونؤخر أخرى، فإلى متى نخشى اللقاء، فالقلق - على حد القول المأثور - مثل الكرسي الهزّاز، سيجعلك تتحرك دائما لكنه لن يوصلك إلى أيّ مكان، فلنفسح المجالَ ولنجعل الجميع يتحدّث ربما نصل يوما إلى قرار، على رغم اختلافاتنا، إلاّ إننا نتفقُ جميعا في المطالبة بالحقوق من أجل وطن يحتضن الجميع

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً