أكد عضو كتلة الوفاق النائب السيد مكي الوداعي أن «الحوادث الأخيرة والاحتقان الحاصل وراءه ملفات سياسية ومعيشية معلقة، والعلاج سيكون بمعالجة الأسباب»، مشيرا إلى أن «القانون الذي يتعارض مع الدستور يعتبر ملغى لأن المرجعية للدستور».
ونوّه في تعليقه على ردّ وزير الداخلية على سؤال بشأن تدابير وزارة الداخلية لمراعاة حقوق الإنسان بأن «الاستخدام المفرط للقوة هو في العقاب الجماعي الذي تمارسه قوات الأمن». وأضاف «نحمد الله أنه لا يسبقنا سابق في التنظير والتقنين، والتفنن البالغ حد الإسراف في الدورات والبرامج التعليمية والتدريبية وتنويعها، ولقد استوقفتني بحق كلمات الوزير والبرامج الضخمة والأموال الطائلة التي تنفقها الوزارة وخصوصا مع العدد الكبير لمنتسبيها وتنوع لغاتهم».
واستدرك الوداعي «لكن للأمانة فإن كل ما ذكر من ترسيخ ثقافة ومفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان لدى رجال الأمن ورعايتهم للقوانين صحيح على الورق، أما في الواقع العملي فلا، إذ مازال البعض منهم يرى نفسه فوق سلطة القانون»، لافتا إلى أن «الوزير أكد في إجابته أن عدد حالات التجاوز التي ضبطت خلال السنوات السبع الأخيرة بشأن عدم التزام رجال الأمن برعاية حقوق الإنسان من أربع جهات رقابية في الوزارة هو 23 حالة فقط، والمتهمون فيها 48 شخصا ولم يبين رتبهم».
وتساءل «لماذا لم يعلن عن هذه الجهات الرقابية، ولم نسمع عن محاكمة بشأن انتهاك حقوق الإنسان لأحد من رجال الأمن؟»، مستدركا «كما أن جواب الوزير بشأن لجان التحقيق فيما ورد في الصحافة من أن رجال الأمن يستخدمون القوة المفرطة في فض التجمعات كان تبريريا وهذا منحى خطير للغاية، إذ إن السلطة لا تحدها إلا مسئولية مساوية لها أو أعلى منها»، مؤكدا انه «لابد من جهاز رقابي معلن كفء مستقل يتبع الوزير لضمان حياديته وتوازن أحكامه ويتمتع بحس وطني نزيه لرصد ومتابعة الحوادث بحرفية وأمانة، ليوقع الجزاء الملائم على المخالفين».
وأضاف الوداعي «كفانا مغالطة لأنفسنا بالقول إن رجل الأمن دائما على صواب، وذلك فيما إذا أردنا فعلا ردم الهوة وخلق الثقة بين الناس ورجال الأمن حتى لا تعود لنا أجواء قانون امن الدولة التي لمسنا الكثير منها في معالجة الحوادث التي وقعت أخيرا». وأوجز الوداعي بعض التجاوزات لأحكام الدستور، فيما يأتي: «المادة (22) من الدستور نصت على حرمة دور العبادة، بينما احرق فرش وبعض أثاث مسجد الصادق وكسرت نوافذه وتعدي عل المصلين»، لافتا إلى انه «لا يجوز دخول المساكن أو تفتيشها بغير إذن أهلها إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى التي يعينها القانون، بينما جميع المنازل دخلت عنوة بطريقة استفزازية مفزعة (...) وكثير منها بكسر أبوابها وبعض محتوياتها واستخدم في بعضها قنابل صوتية ما زاد خوف أهلها وهلعهم في حين أن بعض تلك البيوت دخلت خطأ ولا علاقة لأهلها بالحوادث».
وأشار إلى أن «المادة (20) نصت على تأمين حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، ويجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته، ولكن ندر أن يبلغ المقبوض عليهم بهذا الحق، ولم يتمكن المحامون من لقاء موكليهم في الحوادث الأخيرة إلا بعد 10 أيام فأكثر، كما أن من حق المقبوض عليه الاتصال بأهله، بعض الحالات بقيت 3 أيام وأكثر لم يعرف أهلوهم بأمر اعتقالهم ولم يسمح لهم بالاتصال»، منوها إلى أن «يحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا (المادة الدستورية19 د) ويبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء ولتلك المعاملة أو التهديد بأي منها كلام كثير ووقائع عن تجاوزات لهذه الحقوق».
وذكر الوداعي أن «شخصا أظهرت الصحف العام الماضي في السنابس صورته وعينه تكاد تسيل على خده وفيه آثار كدمات في جسده، وأصدرت الداخلية بيانا تعلن فيه أن ذاك بسبب سقوطه على الأرض»، مضيفا «وفي حوادث المالكية ظهرت في الصحافة صورة شاب ورجله في الجبس وآثار في رأسه وبدنه ليخرج بيان من الداخلية ويعلن أنه صور واقفا في مركز الشرطة، وفي المالكية أيضا صورت إحدى الصحف المحلية من قالت إنهم رجال شرطة يهشمون سيارة متوقفة في القرية، فجاء بيان من الداخلية ليقول إن وظيفة رجال الشرطة حفظ الأمن والممتلكات وليس التعدي عليها»، مؤكدا أن «هناك عشرات الحالات الموثقة عن الحوادث الأخيرة وتجاوزات بالجملة، وتعد وتعذيب حال القبض والتفتيش والاستجواب، واستخدام القوة المفرطة والعقاب الجماعي، وفقدان شاب في مقتبل العمر، وغير ذاك مما يملأ الطروس، والذي بعضه حري بأن يزلزل كل حريص على سلامة الوطن وأمنه. ويدعو الجميع لوقفة جادة لعلاج أسباب الاحتقان». وتساءل الوداعي «أما آن للجميع أن يعترف بعجز العلاج الأمني لما تعانيه البلاد؟ من خلال عقد مؤتمر وطني للمصالحة وترسخ قيم المواطنة وكفى هذا الوطن حرق وتدمير وضحايا».
من جهته قال وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إن «حقوق الإنسان موضوع مهم، ونحن كمسلمين نؤمن بحقوق الإنسان في ديننا وفي أخلاقنا ونعمل به في العمل»، مشيرا إلى أن «هناك امرا يتعلق بالتنظيمات التي أعدتها الوزارة للتعامل مع حقوق الإنسان إذ تم تشكيل اللجنة والإدارة وتم توجيه الناس»، مشيرا إلى أن «الإعلان العالمي يؤكد أن الوسيلة لذلك من خلال التعليم وحقوق الإنسان، ولابد من تدريب رجل الأمن على ذلك وهذا ما نقوم به، بالإضافة إلى وجود إدارة خصصت لهذا الشأن».
وأضاف «انني اشرف مباشرة على هذا الموضوع، وأتلقى تقريرا عما نسمعه في الإذاعة ونراه في الصحافة ولابد من تتبع الشكاوى للوصول إلى الحلول»، مؤكدا انه «تم البت في العديد من القضايا».
وقال وزير الداخلية للوداعي «انك أشرت إلى تجاوزات رجال الأمن وأؤكد أن الكثير من الأمور تسمعونها من طرف ويمكن أن تسمعوها من الطرف الآخر، ويسعدني أن يسأل البعض»، مؤكدا أن «شرطيا لم يدخل مسجد الإمام الصادق (ع) إذ إن رجال الأمن كانوا خارج المسجد وتعاملوا مع مسيرة غير قانونية»، مبينا أن «المنازل لها حرمة وليس هناك من بيننا من يرضى أن يدخل أحد منزله بدون إذنه ولكن ما حدث أن لدينا حالة وضرورة والدخول بناء على معلومة ولم ندخل سوى المنازل التي يتوقع أن يكون فيها السلاح»، مستدركا «كما أن الوزارة باشرت مع المنازل المتضررة من أجل عمل اللازم، والمادة 77 من قانون الضبط الجنائي»، مضيفا «سمعت لفظ الاستخدام المفرط للقوة كثير، دعونا نتحدث عن العنف في الشارع، وهو في استخدام مواد قاتلة ولذلك نحن طلبنا تجريم حيازة المولوتوف».
ولفت الوزير إلى أن «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد أن للجميع حقوقهم ولرجل الأمن حقوقه، وهم في نهاية الأمر يقومون بالواجب ويضحون وهناك خسائر كبيرة لرجال الأمن. هناك شيء أعلن عنه ولكن هناك أشياء لا تعلمون عنها»، وأردف «بث الكراهية لرجل الأمن موجود، ونحن نراه في بعض المقالات بينما الوزارة تعمل على مد يد الشراكة للمجتمع».
العدد 1958 - الثلثاء 15 يناير 2008م الموافق 06 محرم 1429هـ