العدد 1960 - الخميس 17 يناير 2008م الموافق 08 محرم 1429هـ

كونوا أحرارا في برلمانكم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم هو التاسع من محرم الحرام، إذ تنشغل أكثريةٌ من الناس بإحياء أكبر موسم ديني تاريخي في البلاد، حيث ينقلب المزاج العام إلى التركيز على استذكار تفاصيل أحد أكبر الحوادث التاريخية الفاجعة في حياة الأمة الإسلامية.

المزاج العام بعيدٌ إذا عن السياسة هذه الأيام، لغلبة مسحة الحزن والأسى على القلوب، لكن ما حدث في جلسة البرلمان الثلثاء الماضي، يضطر المرء إلى العودة مرغما للحديث عن السياسة بدسائسها ومكائدها وألاعيبها، وانعدام روح المسئولية لدى الكثيرين من ممتهنيها.

ما حدث في البرلمان من المرجّح أن يتكرّر مرة أخرى وأخرى، فالتفكير الفئوي هو الذي يتحكّم في نوابنا وممثلينا، بعيدا عن أية معايير وطنية تنظر إلى مصلحة الوطن العليا، واستقراره وأمنه على المدى البعيد.

ما حدث من اجتماع الكتل ضد لجنة التحقيق في «التمييز الوظيفي» يدين مرة أخرى هذه الكتل الثلاث، (المنبر الاخوانية والأصالة السلفية والمستقبل اللامنتمية)، ونحن إذ نذكّرهم مرة أخرى بالعودة إلى قواعد السياسة «الشرعية» والمبادئ التي رفعوها شعارات في خيامهم الانتخابية قبل عام، فما أبعد هذا الموقف غير المبدئي عن كل القيم الاخوانية والسلفية، ونتمنّى لو يثبتوا لنا مرة واحدة إلى أي مستندٍ يعتمدون في اتخاذ هذا الموقف غير المسئول وطنيا.

إن القول بأن طلب لجنة التحقيق يفجّر الطائفية، إنما هو قولٌ متهافتٌ جدا، فما يفجّر الطائفية حقا هو السياسات التي يعاني منها الكثيرون من أبناء البلد، وتضييق سبل العيش عليهم، ومحاربتهم في أرزاقهم، وتفضيل أبناء الجنسيات الأخرى عليهم تحت مظلة «التجنيس» بهذه الصورة المكشوفة التي تضرّ بكل مكونات الشعب ومصالح فئاته المختلفة، بمن فيهم من صوّت للكتل الثلاث. وعلى الجميع أن يصمت على ما يجري وإلاّ فإنه يفرّق بين فئات الشعب الجديدة والقديمة، ولا يدرون أن من يحفر حفرة لأخيه سرعان ما سيقع فيها، وأن الآية ستنقلب سريعا على الجميع، وسيدفع ثمنها ليس هذا الجيل التعيس فقط، بل ستتعدى الضريبة إلى أطفال اليوم، الذين سيفتحون أعينهم غدا على واقعٍ مأزوم، تم تهيئة كل أسباب التناحر الاجتماعي بين الأفواه الجائعة. ومن الغريب أن يتهم شيخ السلف عادل المعاودة كتلة الوفاق بـ «تحويل الحبّة إلى قبة»، فالظلم المكشوف الذي يدافع عنه كان وسيبقى سببا يغذّي الاحتقانات ومشاعر الظلم والعنصرية.

إنّ من العار أن تجتمع كتلٌ ثلاثٌ على هذا الموقف المريب، الذي يجعلهم مسئولين مسئولية مباشرة عن أيّة احتقانات مستقبلية، وشركاء عن أية دماء بريئة تُسفَك تحت عجلة التطاحنات السياسية. والبرلمان الذي كنا نأمل أن يكون بيتا للأمة، وترشيدا للسياسة، وإحقاقا للحقوق وإقامة العدل والمساواة، أصبح على أيدي نواب الأمر الواقع إلى بؤرةٍ لتصدير الاحتقان وزيادة الغضب وتأجيج الشارع.

كلمةٌ أخيرة ليست جديدة على أسماعكم، فما أكثر تكرارها هذه الأيام: «كونوا أحرارا في دنياكم»، فمواقفكم لا ترضي الله ولا رسوله، وتذكروا «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون» (النحل: 90).

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1960 - الخميس 17 يناير 2008م الموافق 08 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً