العدد 1968 - الجمعة 25 يناير 2008م الموافق 16 محرم 1429هـ

ملايين الرسائل القصيرة يوميا... تُغْني المحطات وتسلي المراهقين

إذا كنا مسافرين وخفنا شوق الأهالي لنا، فعقدنا العزم على إرسال الرسائل والتطمينات لهم بين الحين والآخر، فلم يعد علينا أن نحمل معنا قفصا فيه حمام زاجل يحمل الأخبار للوطن، ولم يعد من الضروري أن ترسل الفرسان بأحاديثٍ تخط على ورق البرد، ولا أن تنتظر إيجاد رسالتك التائهة عبر البريد والتي ضلت طريقها عددت مرات قبل أن تصل لهدفها.

كل ما عليك ببساطة، ان ترفع هاتفك النقال (الموبايل) بيمينك، وخط رسالتك بأحرفه وسيتكفل الزر الأخضر أو كلمة إرسال بإيصاله للهدف في ثوانٍ، سواء أكان المرسلة له بقربك أو أنه في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية. وبهذا هذه الطريقة حلت إحدى إشكاليات الانتظار والشوق والتواصل.

المراسلة اليوم صارت تحمل مفهوم جديد، مفهوم التفاعل الحي والمباشر، فلا هي بمكالمة واتصال صوتي، ولا هي برسالة من ورقٍ وحبر، هي اليوم تواصل بكلمات ورموز عبر الفضاء والأقمار الصناعية.

من هنا اعتبر الكثيريين أن هذا المحدث الرقمي، يستحق أن يكون من المبتكرات المميزة لعصرنا، خصوصا إن عرفنا أن هناك إحصاءات تفيد أن مليار رسالة قصيرة SMS تتنقل يوميا عبر السماء، ما بين الناس في كل أنحاء العالم. مما يجعلها أحد أهم وسائل التواصل والتفاعل.

لا تقتصر قدرات هذه الرسائل القصيرة الصغيرة على نقل الكلام بين شخص وأخر، فرسالة SMS من أهم وسائل التفاعل مع قضايا المجتمع وأحداثه، وبالتأكيد هي من أهم وسائل التفاعل مع البرامج على أنواعها.

فلكل محطة فضائية اليوم رقم خاص لإرسال رسائل قصيرة إليها، سواء أكان الهدف من هذه الرسائل كتابة عبارات على الشاشة في شريط متحرك يظهر أسفل الشاشة، أو بهدف التفاعل مع بعض البرامج الحواري بإرسال الآراء والتعليقات للمحطة، أو حتى من أجل المساهمة في نصرت مشترك على أخر في برامج مسابقات.

في الحقيقة المسابقات الشعرية والفنية على أنواعها رقص وغناء واستعراض...، ليست هدف هذه الرسائل الوحيدة، ففي إحدى المحطات طرح تصويت على المشاهدين يرسلون فيه رسائل قصيرة للمحطة لاختيار رئيس جمهورية متوقع للبنان، وبالتأكيد رئيس حكومة أيضا. وبهذا ظهرت صور الأسماء المترشحة بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم بجوار نسبتهم المئوية من تصويت المشاهد لها عبر SMS، مثلهم مثل أبطال برنامج الغناء والاستعراض الشهير (ستار أكاديمي).

ولعل فكرة المحطة في التصويت للرئيس مرتقب لم تأتي من فراغ، فالانتخاب عبر الرسائل القصيرة طبق سابقا في الانتخابات البريطانية، فمارس البريطانيون حقوقهم الدستورية من خلال بضعت حروف تهيم في الفضاء لثوانٍ، لتعود بعدها لملتقط لها على الأرض يحصيها ويوجهها لهدفها.

الإحصائية أشارت إلى أن المحطات العربية تجني من الرسائل القصيرة المرسلة إليها، ما يفوق 4 ملايين دولار ونصف كل شهر، وأن الصدارة للمراهقين في استعمالها وتداولها، وذلك لغرض الترفيه والتسلية بالدرجة الأولى. خصوصا في نهاية موسم التصويت على بعض البرامج الشبابية، أمثال برنامجي (ستار أكاديمي) و(سوبر ستار)، اللذان حققا أرقام قياسية على مستوى التصويت في العالم العربي على مدار مواسمهم الماضية. مما حفز العديد من المحطات الفضائية لوضعها كوسيلة للتواصل ما بين المشاهد والمحطة، فأرباحها عالية ومتطلباتها قليلة.

المشاهد العربي بات يتفاعل اليوم مع قضية التصويت للبرامج والمسابقات، فيثور لنتائجها ويتبنى قضايا المتسابقين فيها، في حال شكك في نتيجة التصويت، لعلها طريقته الأخيرة والوحيدة للتعبير عن حاجته ورغبته بأن يعرف في يوم من الأيام الديمقراطية والتصويت والانتخاب، حتى ولو كان هذا التصويت لشخص يريد أن يفوز في مسابقة (للرقص الشرقي) على إحدى شاشة إحدى المحطات.

العدد 1968 - الجمعة 25 يناير 2008م الموافق 16 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً