(أ) نبتهج احتفاء... احتفاء بالأصوات التي تخرجنا من دائرة النصب والدجل فيما نقرأه، إلى دوائر وهالات من نور تدفعنا دفعا إلى عبور طرق قد تبدو شائكة، من دون أن نكلف أعيننا عناء السهر على تفاصيل الطريق، فالنص سيتكفل بذلك. بدر الرويحي واحد من الشعراء الذين يمنحوننا تلك القدرة والطاقة الفائقة.

لكم - وبلا وطن - جبت الوسيعه ولحظه ماتطمّنت

وغضّيت البصيره عن كثيرٍ ما استحق لفته

عسيت إني إذا تولّيت أمد أوراقي ودوّنت

بعض هاللي كشفته شي فيني وشي أجحفته

كثير ٍ واستخير / امرار أنا اتشعوذت وتكهّنت

رميت أيامي خلف العمر هذا وبالي ارصفته

وتغريني المساحيق انّما لا جيت وتزيّنت

غصب تلبسني اقنعة الهموم بموعد اخلفته!

عيوني، صدقي الأوحد/ وشفت الكذب وتعفّنت

أنا احترت بعيوني كيف أكذّب هالذي شفته؟!!

لكم عييت أنا اتمسكن / ومع هذا أنا تمكّنت!!

وصدّقت إنني مالك ومن بعدي ولا يفتى

ونا اكره مشية الطاووس ولكن أعترف خوّنت

قرار الليل يا صبحي سألتك: ليه ما انصفته ؟؟!

سهر / والموت بفراشي / صحيت أو نمت وتكفّنت؟!

لوجهي يرتسم تابوت/ وصرت أضحك/ لكم خفته

وتتبلّد أحاسيسي / بروووود / وربّي اتجنّنت

أرى فيني حصيلة ياس باللي ايامي اتحفته

أغص اجدى من اني احكي، وعن هالناس أنا كوّنت

فكرة: «لو حكيت بشي تذكر طيبه أو زفته ..

تقوم أقوى قيامه إن رايك يخالف ولو بيّنت»

تهدهدك البصيره: ياخي خلّه ما استحق لفته

بعض هالناس كتله من نفاق / يكبّر إن أذّنت

بنفس الوقت يشتم في الوضوء / يعيب فلسفته!

وأمنّت / صرخت فيني النوايا: كيف بس امّنت؟!

وقلت: الحظ لا من طاح .. يا حلمي بك اسعفته

ونا طين ٍ بسيط ٍ مهتري بائس كذا تكوّنت

كسير جناحي / مع هذا يطال الحقد رفرفته

فـ هاللحظه أنا يا بلاد، ودي .. ولاّ بس هوّنت

أنا ما عاد ودّي بشـي منّك .. كلّ شي عفته

(ب) هذا الصوت النقي يحملك إلى مساحات قد تبدو عصيّة على البلوغ. هو هكذا يستجلي دائما قدرته الفذة على التسلل إلى تلك المساحات، عبر لغة لا تشبه الكثير من اللغات، وعبر رؤية شفافة وحساسة لها حواف مسنّنة. لا يقوى على مثل ذلك سوى الرويحي.