أبدى عدد من باعة وتجار سوق المنامة المركزي جهلهم لمصيرهم خلال فترة تطوير وإعادة تأهيل السوق، متسائلين عن الإجراء الذي ستتبعه الجهات المعنية كحل مؤقت لهم خلال فترة التطوير، متطلعين في الوقت نفسه إلى خطة مدروسة تهدف إلى إعادة تطوير وتنظيم السوق بصورة أوسع، وأن يتم وضع تصورات كثيرة للخروج برؤية تخدم التجار والسوق والزوار في آنٍ واحد.
وشدد التجار وأصحاب الفرشات على أن يكون هناك تغير ملموس وواضح في السوق إثر مشروع التطوير، وألا يكون كباقي المشروعات والخطط السابقة الهادفة إلى التطوير والتأهيل، والتي لم تلتمس منها أي نتائج على أرض الواقع سوى التراجع المستمر للأسوأ. وأشار التجار إلى ضرورة عدم تجاهل الإدارة المسئولة عن تنظيم السوق شكاوى التجار والتعاون والأخذ بمطالبهم بصورة دورية، إضافة إلى العمل بصورة دورية للحفاظ على الباعة والمستهلكين، ما تسبب في نفور عدد أساسي من التجار، وفرار المستهلكين إلى أسواق أخرى تتوافر فيها التسهيلات المطلوبة.
جاء ذلك في زيارة ميدانية قامت بها «الوسط» للسوق المركزي في المنامة، على هامش رصد الموازنات المالية لمشروع تطوير السوق كليا، والتي التقت خلالها عددا من الباعة أصحاب الفرشات والتجار في السوق.
وقال صاحب الفرشة في سوق الخضراوات هاشم عبدالله: «إن كل التجار والباعة في السوق يناشدون الجهات المسئولة الحد بدورها من التدهور والتراجع الكبير الذي يحدث في السوق بصفة أسرع، باعتبارها المركز الرئيسي للاستيراد والتصدير في البحرين»، مشدداَ على أن تشكل لجنة بصفة الاستعجال تقوم بدورها بتنظيم زيارات مستمرة إلى السوق ومراقبة وتسجيل ما يجري فيها إلى فترة الانتهاء من التطوير».
وأرجع «السبب الوحيد وراء كل ذلك التراجع والدمار الذي بالإمكان وصفه بالكلي في السوق، إلى إلغاء إدارة الأسواق والممتلكات العام 2002، إذ تم توزيع المحافظات والبلديات، وتجاهل الإدارة التي أصبح التجار والعمال في السوق يتوهمون وجودها، والتي ليس لها أي بصمة على الواقع الحالي للسوق».
وقال البائع عباس محمد: «إن الجميع في السوق سئم من الوعود التي لا يرى لها حتى الظل، وإن أبسط الأمور التي يجب أن تُتابع وأن تأخذ في الاعتبار هي أمور الصحة والنظافة، والتي لا يوجد لها أثر في السوق، فالكثير من الباعة الذين تضرروا من الروائح النتنة التي تصدر من مجاري المياه إثر فيضانها نتيجة سوء التنظيف والاهتمام بها، لم يحصلوا على أية ردود من الجهات المعنية في البلدية، في الوقت الذي تصدر فيه وزارة الصحة قوانين وقرارات لتنظيم ومتابعة أمور الصحة والنظافة التي تعتبر من الأولويات عند تفعيل السجل التجاري للمطاعم والمحلات والأسواق».
وأضاف محمد أن «من في السوق وصلوا إلى درجة اليأس من المشروعات الكثيرة التي سمعوا عنها بشأن تطويرها وإعادة تأهيلها، لحين أصبحوا يتوسمون رؤية السوق بالشكل المطلوب، مع العلم أن السوق لا تتطلب إلا نظاما مشددا من حيث النظافة، ومباشرة صيانة وإصلاح المراوح والمرافق العامة فيها، فضلا عن تكيفيها، إذ لا يتطلب ذلك سنوات عدة طويلة لا يستفيد منها أحد».
وذكر محمد أن «بعض الباعة في السوق يقبلون برفع إيجارات الفرشات حال كان هناك وضع مقبول ومؤهل للسوق، إذ تفتقر إلى مواقف السيارات التي لا تكفي حتى الباعة فيها، وكذلك المرافق الصحية التي لا يستطيع الفرد حتى دخولها للروائح والقاذورات فيها»، موضحا أن «الكل قابل بالتعاون مع الجهات المعنية بتطبيق المشروع شريطة ألا يكون الباعة أصحاب الفرشات والتجار هم الضحية من دون أي نتائج إيجابية».
وعلى صعيد النظافة العامة للسوق، طمح بائع التمور مرتضى مرهون «أن يكون هناك تعاقد جديد مع شركة نظافة تقوم بتولي أعمال النظافة والحفاظ على المرفقات العامة بصورة أكبر وأوسع، وأن تحقق الكفاءة المطلوبة منها في جانب النظافة بدلا من الوضع الحالي على رغم وجود شركة نظافة»، لافتا إلى ضرورة وجود اشتراطات ومواصفات توضع لتطبيق إجراءات النظافة مع الشركة المتعاقدة الجديدة، إضافة إلى تكثيف جهود المفتشين القائمين من قبل البلدية على عملية تطبيق الشروط التي تعطي النتيجة الإيجابية الواضحة بالتالي».
واقترح مرهون أن تكون هناك لجنة أو فرقة من قبل إدارة الأسواق والمتنزهات تقوم بحملات تفتيشية إلى جانب النظافة في السوق ومراقبة عمال النظافة بشكل دوري، موضحا أنه بإمكانه التعاون مع الجهات المعنية إلى أبعد الحدود شريطة أن يؤدي ذلك إلى النتائج التي سبق أن طولبت الجهات المعنية بها.
وأكد التاجر فيصل إبراهيم أن «المرافق العامة في السوق تتعرض للتلف بصورة مستمرة، ومن الصعب معرفة الأشخاص الذين يقومون بذلك، وذلك لقلة الوعي والاستهتار الحاصل من قبل مرتادي تلك المرافق، وخصوصا أن العمالة (البسيطة) لا تكون متفاعلة أو مهتمة بشأن النظافة والحفاظ عليها من التلف، إلا أنه لا ينبغي أن يكون ذلك عائقا أو سببا لترك الأمر على ما هو عليه». مضيفا أن «السوق تتطلب ضمن مشروع تطويرها تبني وزارة العمل مسألة العمالة السائبة في السوق، والتي تؤثر بشكل كبير أيضا على التجار إلى جانب الأمور المادية».
أما فيما يتعلق بسوق السمك التي تنضوي تحت السوق المركزي أيضا، فأوضح السماك فاضل حسن أن «أي مشروع ستنفذه الحكومة بشأن تطوير السوق وإعادة تأهيلها، يهمل ولا يوجد متابعة مستمرة في أعمال الصيانة وغيرها، وعلى ذلك من الأفضل أن تبقى السوق على ما هي عليه، لأن الحكومة ستصرف مبالغ مالية ضخمة لا تستفيد منها إلا الشركات القائمة على المشروع».
وبين حسن أن «الكثير من الصيادين والجزافين في السوق عمدوا إلى عدم دفع مبالغ الإيجارات المستحقة عليهم، لأن أوضاع السوق تتراجع إلى الخلف من دون أي تحرك رسمي ملموس، وكذلك عدم إلزام العمالة السائبة وغيرهم ممن يمارسون مهنة الجزافة بدفع رسوم أو محاسبتهم، فهم منتشرون في كل مكان في البحرين».
من جانبه، أشاد رئيس مجلس بلدي المحرق السابق محمد عيسى الوزان، بـ «قرار بلدية العاصمة بشأن مشروع السوق المركزي»، في الوقت الذي أكد أن «هذا المشروع تقدم به أحد المستثمرين، ويؤسفني جدا قرار بلدية العاصمة في الخبر المنشور سابقا بالموافقة على تصميم هذا المشروع جملة وتفصيلا، إذ إن تصميم هذا المشروع لا يتناسب مع العهد الحديث الذي تعيشه مملكة البحرين، وشكل المباني قريب من شكل خزانات النفط، كما أنه خليط غير متجانس بين الحديث والقديم، ولم يكلف صاحب المشروع نفسه عناء البحث عن المصممين الذين يقدموا المشروعات المتميزة، بل وافق على التصميم غير الجذاب الذي سيكون وصمة غير حضارية لمن وافق عليه في حال تنفيذ المشروع». وأعرب الوزان عن شكّه في «صدقية الاستثمار في المشروعات البلدية الاستثمارية، وذلك بعد العراقيل التي تم وضعها أمام مشروع مجمع عراد التجاري، الذي قامت وزارة شئون البلديات بتكليف أحد المكاتب الاستشارية بوضع تصميمه وطرحه للمناقصة العام 2004 ثم تكليف المكتب الاستشاري بعمل تصميم جديد وإعادة طرحه للمناقصة العام 2005، إذ كان سيكلف في العام 2004 ما يقرب 4 ملايين دينار وفي العام 2005 أكثر من 8 ملايين دينار، ومازالت الجهة المسئولة عن تنفيذ هذا المشروع تماطل وتعرقل الاستثمار في المشروعات العقارية البلدية».
يذكر أن مدير إدارة الأملاك والمتنزهات في بلدية المنامة زهير الدلال، أكد أن مشروع صيانة سوق المنامة المركزي سيخدم 500 بائع، فضلا عن نحو 500 زائر يتقاطرون يوميا إلى السوق لشراء احتياجاتهم من اللحوم والخضراوات والأسماك. وأنه تم التعاقد مع شركتين، واحدة منها متخصصة في صيانة مكيفات مجمع اللؤلؤ وسوقي السمك واللحم بكلفة 120 ألف دينار، فيما تم إرساء مناقصة مشروع نظام الحريق لمجمع اللؤلؤ بمبلغ 93 ألف دينار، وهناك مراحل لإعادة تأهيل حمامات مجمع اللؤلؤ بمبلغ 6 آلاف دينار، تم الشروع فيها.
وتحدث الدلال عن طرح مناقصة نظافة السوق المركزي، التي تندرج ضمن مناقصة إدارة المخلفات لمنطقة العاصمة، كما تم الاتفاق مع مكتب هندسي لإعداد الخرائط الهندسية وكتيب المواصفات لمشروع إعادة تأهيل سوق الخضراوات والفواكه بموازنة أولية تبلغ 900 ألف دينار ستطرح نهاية العام الجاري.
ولفت إلى أن مشروعي نظام الحريق وصيانة التكييف سيبدآن في أبريل/ نيسان المقبل، في حين سيتم الانتهاء من صيانة دورات المياه نهاية مارس/ آذار المقبل، مطمئنا الباعة في السوق إلى أن «أسعار إيجار الفرشات ستكون ثابتة ولن تتغير، على رغم القيام بعمليات التطوير والتحديث».
العدد 1984 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ