العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ

عبلة كامل... نحاول أن نسترجع ذاكرتنا!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

سبق أن كتبت: «لأن عبلة كامل لم تُجِدْ لعبة الفستان (القصير)، كان نَفَسُها (طويلا) ومربكا ومدهشا في العديد من الأفلام التي قامت بأدائها. ولأنها لا تجيد تلطيخ وجهها بالألوان، لم يتجرأ أحد على تلطيخ سمعتها، ليس لأنها لا تملك موهبة في الشكل - وذلك صحيح - ولكن لأنها عملت في معظم أدوارها على تلطيخ سمعة الخلاعة في السينما المصرية، برزانة الأداء والإلتزام بقيمة الدور».

وعودة إلى عبلة كامل بعد سنوات من تلك الكتابة. ما الذي يحدث لهذه النجمة التي شغلت عواطفنا وأعصابنا بعفويتها وبساطتها؟ فيما هي الآن تذكّرنا ببرميل نفط!

ما الذي يحدث لعبلة كامل؟ هل أصيبت بوباء «العولمة» بحيث ترهّل جسدها كما تترهّل العولمة ذاتها بالامتداد القسري والمسموح؟

لا أحد يمكنه أن يغضّ الطرْف عن بداية هذه النجمة التي راهن كثيرون على أنها ستكون يوما سيّدة الشاشة العربية خلفا لفاتن حمامة.

ما الذي حدث؟ هل هو معدّل التضخم في مصر؟! هل هو معدّل البطالة في الشارع المصري؟! هل هي حركة «كفاية»، والإرباك الذي أحدثته في الممارسة السياسية المصرية، بعد عقود من اختطاف الشارع المصري من قبل الحزب الواحد، والرئيس الواحد، ما دفع عبلة كامل إلى الذهاب للنقيض من «كفاية» على مستوى «الوزن» و»خفة» الأدوار وتفاهتها!

مجمل أعمالها الأخيرة، حزمة من تهريج وتسطيح واستغفال وضحك على الذقون. مجمل أعمالها رتابة في رتابة في رتابة. مجمل أعمالها، محاولة يائسة لتذكّر عبلة كامل بلباسها «الطويل» وأدوارها «القصيرة». مجمل أعمالها درس مملّ وساذج وعبثي في إهدار الوقت والزمن أمام الكاميرا، من دون قيمة تذكر، ومن دون معنى تقدّمه إلى المتحلّقين أمام الشاشات.

الأثاث والديكور والخدم و»العَرَبيات» لا يمكنها أن تحجب «برود» وتفاهة وسطحية الفنان الذي (كان فنانا). موقع التصوير بكل تجهيزاته، وحتى المخرج الفذ لا يمكنهما أن يواروا سوأة الإفلاس، أو على الأقل ملامحه.

وتزاحم النجوم في العمل الواحد ليس بالضرورة أن يخلق فنانا، ويجترح دورا استثنائيا يعلق في الذاكرة. ربما هذا ماراهنتْ عليه عبلة كامل في أعمالها الأخيرة. لكن أبسط ما يمكن أن يقال في هذا الصدد: (تواريْ كي لا يتم الاساءة إلى أدوارك الأولى، وتجسيدك الملفت. تواريْ قبل أن تصب عليك اللعنات من الآن إلى قيام يوم الدين. لم يعد مقنعا ماتقومين به من تهريج وتسطيح. حتى فستانك (الطويل) وأدوارك (القصيرة) الأولى نكاد ننساها، وما لاحظناه أخيرا أن فستانك بدأ (يقصر)، بقصر نفَسِك، مايعني أن بقاءك في ذاكرتنا لن (يطول)».

قلت ذات تفاؤل في كتابة سابقة: «إن عبلة كامل ستخسر في الجولة الأولى وبالضربة القاضية إذا ما تم عقد مقارنة بينها وبين نهلة سلامة والراقصة دينا، ولأن السينما العربية عموما، والمصرية خصوصا، تصرّ على أن النَفَسَ «الطويلَ» يكمن في الفستان «القصير»، قلبتْ عبلة كامل تلك المعادلة اللعينة وأصرّتْ على أن يتوازى طول نفَسِها مع طول فستانها، من دون أن يكون الإغراء سيد الموقف. وقليلون هم الذين آمنوا بتلك النظرية الغبية ظاهرا، الممعنة في فطنتها باطنا!!!

النَفَسُ الطويل في الشاشة المصرية يعني مزيدا من طول وعرض الخلاعة، مع إصرار على أن طول فستان أية ممثلة، دليل على قصر نظرها وأدائها وعمرها الإفتراضي على الشاشة، فيما الفستان القصير يرشحها لأن تعمّر طويلا وإن اتضح ِقصَرُ أدائها!!!

تركنا ذاكرتنا في صقيع هذا المهب من الفوضى والوجوه والوجوم. نسينا ذاكرتنا أمام هذه الخلاعة في استغفال المشاهد. نسينا ذاكرتنا في ظل هذا الاستهلاك المصاب بلوثة «اللحم الأبيض المتوسط» ولكنك خارج التصنيف!. فقط نحاول أن نسترجع ذاكرتنا التي سرقت منّا كما سرقت أهرامات مصر في أحد أفلام محمود ياسين!!!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً