العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ

كوسوفو للصرب ككربلاء عند الشيعة

دعا أوروبا للاعتراف بتراثها الإسلامي... سليمان زغيدور:

أكد الباحث والصحافي الجزائري سليمان زغيدور في محاضرته التي ألقاها مساء الاثنين الماضي في مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة تحت عنوان «المسلمون الأوروبيون» أن الإسلام في أوروبا وخلافا لما تذهب إليه البحوث والدراسات وما يعتقده الرأي العام الأوروبي حتى العربي، ليس دين مهاجرين، بمعنى أن من جاء به إلى أوروبا هم المهاجرون من المغرب العربي خصوصا، بل هو مكون رئيسي من مكونات حضارة وتاريخ القارة الأوروبية.

ويذهب زغيدور إلى القول إن المسلمين يعيشون في أوروبا منذ ما يزيد على الخمسة قرون، وأعتبر أن انتشار الإسلام في أوروبا هو نتيجة لتوسع الإمبراطورية العثمانية في المنطقة، ما يفسر أنه إسلام سني من المذهب الحنفي وهو المذهب الإسلامي المعتمد في تركيا، لكنه ينفي أن نهاية الإسلام في أوروبا صاغها سقوط إمارة غرناطة في إسبانيا سنة 1492 حين خُيّر المسلمون ما بين اعتناق المسيحية أو الخروج من البلد، مؤكدا أن المسلمين ممن اختاروا البقاء في إسبانيا لم يعتنقوا المسيحية فعلا وإنما تظاهروا بذلك ومارسوا شعائرهم الدينية الإسلامية سرا، وهو أمر ينسحب على بقية الأقليات المسلمة في أوروبا التي عانت طويلا من الاضطهاد والقمع.

ويشير الباحث الجزائري إلى أن الاعتقاد في نهاية الإسلام في القارة الأوروبية وربطه بسقوط غرناطة، اعتقاد خاطئ وخصوصا أن الأتراك والألبان يعيشون في منطقة البلقان التي تقع في قلب أوروبا منذ أكثر من 110 سنة في منطقة كوسوفو التي تحمل أبعادا عقائدية وتراثية عند الصرب ارتبطت عندهم بسفك الدماء والاضطهاد ما يجعلها عند الصرب - بحسب زغيدور - ككربلاء عند الشيعة، وعليه كانت الحرب في هذا البلد حربا قومية لا علاقة لها بإنهاء وجود المسلمين من أوروبا.

ولئن كان التاريخ الأوروبي لم يخلُ من وجود المسلمين الذين عاشوا كل تحولاته وثوراته، فإنه يبدو من المحتم اليوم أن تعترف هذه القارة بهذا الجزء المقصي والمهمش والمقموع من تاريخها، وذلك أن أوروبا تتعامل في أغلب الأحيان مع الإسلام فيها على أنه ظاهرة جديدة، ودين المهاجرين الذي كون مشكلات في أوروبا، ولا يعترفون بأنه أحد مكوناتها الحضارية، مع أن دولة الألبان ودولة كوسوفو المستقلة حديثا هما دولتان مسلمتان تقعان في قلب أوروبا.

وعلاوة على طرحه مشكلة المسلمين الأوروبيين من زاوية اضطهاد أوروبا لهم وعدم اعترافها بهم ككيان أوروبي ورفضها اندماجهم في أوروبا وبالتالي رفض الاعتراف بإمكانية اندماج الإسلام في هذه القارة، يشير الصحافي الجزائري إلى أن هذه الأقلية تلقى اضطهادا وعدم مبالاة من المسلمين في العالم العربي أيضا، وذلك أن هؤلاء يتعاملون مع مسلمي أوروبا بطريقة استعلائية اعتقادا منهم أن مسلمي أوروبا أقل اطلاعا على المسائل الفقهية والعقائدية، الشيء الذي يرفضه المسلمون الأوروبيون الذين يعتزون بتمسكهم بدينهم على رغم الاضطهاد والقمع.

ويخلص الباحث في محاضرته إلى التأكيد أن ربط الإسلام في أوروبا بالمهاجرين، يعتبر إجحافا في حق مسلمي أوروبا الذين «ابتلعوا دينهم» ومارسوه خفية وقدموا المثال الجيد عن الإسلام والمسلمين، على العكس من المسلمين المهاجرين في أوروبا الذين قدموا دائما المثال السيئ عن الإسلام ما وجد ذريعة لدى معتنقي الديانات الأخرى في أوروبا إلى توجيه الكثير من الاتهامات إليهم وخصوصا منها تهمة الإرهاب.

يشار إلى أن سليمان زغيدور هو كبير محرري مجلة «الحياة» الفرنسية، وعمل متعاونا مع الكثير من الصحف الفرنسية والإسبانية والأميركية والبرازيلية كما أخرج ريبورتاجا عن «الحج إلى مكة» لفائدة برنامج «مبعوث خاص» الذي تبثه قناة فرانس2، وعمل مستشارا مع الكثير من البرامج الأخرى، كما ألف الكثير من الكتب منها «مكة، في قلب الحج»، «الرجل الذي أراد مقابلة الله»، «الإسلام في 50 كلمة» وحصل على عدد من الجوائز عن كتاباته.

العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً