العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ

الحاج فرحان: البحر هو من صنع حرفتي

عزا الصعوبات التي يواجهها لافتقاره إلى محل يمارس فيه مهنته

أن تمر راجلا أو راكبا أمام أحد المنازل المتهالكة والآيلة للسقوط التي تنتظر دورها في الهدم والبنيان فلابد أن يستوقفك منظر هذا الرجل وهو يبحر بيديه السمراوتين في بحر آخر من بحور الفن والإبداع، فن طالما تغنى به الأجداد وعزفوا سيمفونيته الرائعة مهنة وحرفة تلاشت وأضحت في عالم النسيان، واليوم يدق الحاج فرحان ناقوسها بيديه الساحرتين.

«الوسط» التقت الحاج فرحان آل فرحان أحد رواد هذا الفن وممن شاع صيتهم في هذا المجال بمنطقة سترة وخارجها، لتقرأ شيئا ولو بسيطا مما تفعله يد هذا الرجل من سحر وروعة.

الحاج فرحان هو رجل متقاعد عن العمل، تشعر وأنت تحاوره بأنه يعيش التحدي والإصرار من جانب والفخر من جانب آخر. واحترف فعلا مهنته هذه في العام 1985، وكان يمارسها هواية قبل ذلك بأعوام.

يقول الحاج فرحان: «إن عمل هذه المجسمات للسفن القديمة التي تستخدم للزينة فقط هي امتداد لمهنة القلافة الحقيقية، إذ إن القلاف بإنتاجه لمثل هذه النماذج الصغيرة يدعونا إلى القول إن باستطاعته إنتاج النماذج الأكبر حجما. ولهذا أشعر بالمتعة الحقيقية وأنا أزاول هذه المهنة كما أن الكثير من الناس الآن يفضلون اقتناء مثل هذه النماذج لربطها بالتراث والأصالة وربط الماضي بالحاضر».

البيئة طبعا هي العامل الأول الذي ساهم في جعل هذا الرجل متيما بهذه المهنة، يقول :»أن تعيش وجوارك البحر وتحط رجلاك فيه وترى ما به من سفن وغيرها فلابد أن يتولد لديك شيء ما يتعلق بما أنت فيه».

يمسك الحاج فرحان بأدوات قليلة «المنشار والمطرقة والرندة والمسن والفيتة للقياسات والبارية وبعض الأدوات الأخرى المساندة»، ليرسم بها خشبياته الجميلة ومجسماته المتقنة، أما أدواته الخام وأبرزها الخشب فـ «يتم شراؤها من محلات الأخشاب، وبعضها أحصل عليها عن طريق أصحاب المنجرات الخشبية وهي أنواع منها الصاج أو التك كما هو معروف والماهوجني والجنقلي بالإضافة إلى الخشب العادي والمسامير والنسيج والصبغ والزيت والورنيش بأنواعها وهي أمور متوافرة في الأسواق المحلية».

أكثر الصعوبات التي يواجهها الحاج فرحان هي افتقاره لمحل يضع فيه مواده الخام وآلات العمل وما أنجزه من أعمال، يقول «يصعب عليَّ أن أنجز أكثر من عمل في فترة زمنية وأنا افتقر إلى المكان».

لا يوجد وقت محدد للانتهاء من عمل سفينة إلى أخرى، فالأمر يعتمد بالنسبة إلى الحاج فرحان على نوعية السفينة ومواصفاتها بالإضافة إلى حجمها ولكن المعدل من 10 أيام إلى 15 يوما كحد أقصى. وكذلك هي الأسعار متفاوتة، إذ تتراوح بين 30 و50 دينارا، وهناك سفن تباع بـ100 دينار، ولأن الحاج لا يمتلك محلا أو تشجيعا من أحد، فإنه قليلا ما يقوم بإنجاز الأعمال ومن ثم طرحها للبيع بل يعتمد على طلب الزبون بالدرجة الأولى.

يؤمن الحاج فرحان بأن مهنته دقيقة وتحتاج حسا جماليا عاليا، وفيما يعكف الآن على تدريب ابنته على هذا العمل، يسترسل في إنجاز عمل أو عملين من أعماله التي يقدرها أهالي سترة كافة. فيما لايزال هذا الرجل ينتظر ممن هم خارج سترة الالتفات له ومساعدته تكريما لفنه أولا، وللإبقاء على إحدى المهن التاريخية في البحرين.

العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً