العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ

يحتاج الإعلام الأميركي إلى عدسة جديدة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

هناك افتراضات في الولايات المتحدة بأن كل شيء عربي وإسلامي هو معادٍ لأميركا جوهريا.

الإعلام هو إحدى القنوات التي يجري من خلالها تفاقم هذه الرؤى الخاطئة. هناك قضيتان تجب معالجتهما فيما يتعلق بكيفية علاقة الإعلام الأميركي بالقضايا الإسلامية الغربية، صورة متميزة ضد العرب والمسلمين وسرد مبسّط للسياسة الخارجية الأميركية.

يملك الإعلام السلطة على إيجاد صور نمطية والتأثير على فهم الجمهور ورأيه. من خلال التغطية المتواصلة لقصص المجموعات الإسلامية المتطرفة وإظهار العرب على أنهم عنفيون ومعادون للأميركيين، ينقل الإعلام صورة مشوهة للمجتمع العربي والإسلام وفي الوقت نفسه يتجاهل أسباب الكراهية العربية، لذلك يتوجب على الإعلام التركيز بصورة أكبر على أسباب غضبهم والتي هي سياسة أميركا الخارجية في الشرق الأوسط، وبصورة أقل على الأعمال العنفية التي ترتكبها أقلية صغيرة.

ويلقي منظّر الاتصال الجماهيري مارك فيشمان نظرة على الأسلوب الذي يجري فيه إخراج الأخبار، ويعتقد أنه «من خلال التصرف بحسب تصورنا للأمور فإننا نجعلها على هذا الوجه بشكل مشترك».

وهكذا فإن ما يحدده الإعلام الجماهيري الأميركي على أنه إسلامي بشكل متأصل قد لا يكون دقيقا. ولكنه على رغم ذلك يديم صورة نمطية معينة.

على سبيل المثال، تدين المقالات الكثيرة المتعلقة بالعنف من قبل المفجرين الانتحاريين، عند تغطية الحرب في العراق، تدين الإسلام على أنه متطرف أو متعصب أصولي بشكل جوهري.

تقع على الإعلام مسئولية توفير صورة عادلة ومتوازنة للهوية المسلمة والمساعدة على إيجاد تفهم للسياسة الخارجية المتضاربة في الشرق الأوسط والتي تساهم نتائجها في صعود هوية مسلمة متطرفة وأصولية.

في العام 2006 نشر الأستاذ البارز في جامعة جورجتاون جون إسبوزيتو، نتائج استطلاع لمؤسسة غالوب جرى فيه سؤال كل من المسلمين المتطرفين والمعتدلين ما الذي يحبونه في الولايات المتحدة ظهرت على أعلى القائمة نقاط مثل التكنولوجيا والأنظمة السياسية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والمساواة في النوع الاجتماعي. وعند سؤالهم عما لا يحبونه أجاب الكثير من المسلمين سياسة أميركا الخارجية في الشرق الأوسط.

يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها تستخدم الديمقراطية لخدمة مصالحها الشخصية ومصالح حلفائها في الشرق الأوسط ولكن ليس مصالح الشعوب. على سبيل المثال تقدم الولايات المتحدة الدعم السياسي والعسكري إلى «إسرائيل» على رغم أن الكثير من سياساتها تعارض سياسات الولايات المتحدة نفسها.

بعد نهاية الحقبة الاستعمارية في بدايات القرن العشرين تغيرت المواقف في العالم الإسلامي وتحولت الشعوب إلى الدين كأسلوب لرفض وتحدي سياسات الغرب التي أُكرِهت حكوماتهم على تنفيذها لفترة طويلة. اعتبرت الحكومات التي استمرت في دعم هذه السياسات مرغوبة من قبل الغرب وحليفة للاستعمار ومسئولة عن الحفاظ على مصالح القوى الخارجية فوق مصالح شعوبها. في نهاية المطاف بدأ المكبوتون سياسيا بتركيز غضبتهم باتجاه تلك القوى الخارجية.

وكما نرى من هذا السرد الموجز للتاريخ، يبرز الحقد الإسلامي للغرب من تاريخ من الاستعمار والإمبرالية مضافا إليه سياسات غربية معاصرة ينظر إليها على أنها غير عادلة. ولكن بتأثير الإعلام في أميركا يرى الكثيرون الخلافات الثقافية والدينية بدلا من السياسة الخارجية على أنها السبب الرئيسي للتوتر والعنف ضد الغرب. وحسب المفكر والناشط السياسي نعوم تشومسكي «يتعرض الجمهور إلى رسائل قوية مقنعة من الأعلى، إذ يستخدم القادة الإعلام لتوليد الدعم والإذعان وببساطة الإرباك في أوساط الجمهور».

ويجري أحيانا تبني نظريات مستقطَبة مثل نظرية برنارد لويس «جذور الغضب الإسلامي» ونظرية صموئيل هنتنغتون «صدام الحضارات» من قبل الإعلام واستخدامها للتأثير سلبيا على منظور الأفراد إلى الآخر. ويناقش العالمان بأن الإسلام لا يتناسق مع الغرب. وعلى رغم وجود الكثير من الأعمال التي تشجع صورا إيجابية للعالم الإسلامي مثل أعمال إدوارد سعيد، إلا أنها غير متواجدة بكثرة وشمولية. ولكن إذا تم إبرازها فباستطاعتها أن تلعب دورا رئيسا في تشكيل المنظور الشعبي العام.

لدى الجمهور نزعة لتبسيط الأفكار المعقدة واستنباط النتائج المباشرة. ويقع واجب الإعلام الوقور ومسؤوليته في السعي وراء توفير عدسة متوازنة موضوعية يمكن من خلالها تنوير الجمهور.

من الشائع في الإعلام الأميركي طرح السياسة الخارجية الأميركية وتصرفاتها في الشرق الأوسط كمبادرات لنشر الديمقراطية والرأسمالية والحفاظ على السلام. هذه التغطية المبسطة لا تشجع وجهة نظر متوازنة لا للطرف المسلم ولا للطرف الأميركي.

ولكن ليس الإعلام الأميركي وحده هو الملام بسبب المنظور الجماهيري المتميز ضد المسلمين. نتيجة لأن أفعال أقليات من المسلمين أصبحت هي الصورة النمطية العامة في وسائل الإعلام الجماهيري، فإن الأمر عائد إلى غالبية المسلمين لأن يبذلوا جهودا مشتركة تتحدى هذه الصور والتعابير.

يستطيع المسلمون من خلال الكلمات أو التعابير أن يحققوا التغيير عن طريق توحيد أصواتهم وعرض التنوع الموجود فعليا بينهم.

لن تتضح هذه التصاوير المختلف عليها إلى درجة كبيرة ما لم يقم الطرفان باتخاذ الإجراءات وإجراء التغيير، وهنا يتضح أنه يتوجب ليس فقط على الولايات المتحدة وإنما كذلك على المسلمين أن يتحدّوا الصور النمطية.

لم يتخذ المسلمون موقفا قويا متحدا ضد الصور النمطية ولم يتخذوا الإجراءات لعرض صورتهم الحقيقية وإذا ما قاموا بعمل مثل الترويج لصورتهم الإيجابية في الإعلام فإنهم سيساعدون الغرب على الانفكاك عن هذه المعتقدات القائمة في غير مكانها.

* طالبة سعودية تسعى للحصول على شهادة الدراسات الدولية في الجامعة الأميركية في الشارقة. / تدرس الدراسات الدولية والعالمية والصحافة في جامعة براندايز الأميركية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند» في إطار دعم وجهات نظر الشباب

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً